صانع النجوم الذي دعانا قبل ثلاث سنوات لفنجان قهوة سادة عزاء علي كل ما فقدناه في وطننا الغالي. لم يبخل يوما في تقديم عرض خاص جدا لأجيال واعدة من النجوم الذين كتبوا بمواهبهم سطورا جديدة في تاريخ الدراما المصرية والعربية, ورغم أنه تساءل مؤخرا: أين أشباحي؟ بحثا عن كل من حاربوا نجاحه لمواجهتهم, إلا أنه فضل الاستماع ل غنا للوطن متجاهلا حزب أعداء النجاح, وها هو يتلو حلو الكلام احتفالا بمرور10 سنوات علي تأسيس حلمه الجميل مركز الإبداع الفني; تلك العلامة المسجلة في مجال رعاية مواهب الشباب بأسلوب مبتكر.. إنه المخرج المسرحي خالد جلال الذي عشت معه حالة فضفضة صحفية حول ذكرياته وأمنياته ورؤاه الفنية لاستعادة المسرح لعافيته عبر السطور التالية. علي أريكة صغيرة في بهو مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا قال خالد جلال إنه سيتم الاحتفال بمرور10 سنوات علي مركز الإبداع الفني بإعادة عرض أبرز المسرحيات التي حققت نجاحا كبيرا خلال مشوار المركز مثل قهوة سادة, حلو الكلام, غنا للوطن, عرض خاص1 وأين أشباحي, بالإضافة إلي عرض تسجيلي مصور لمشاهد حية بالمركز خلال العمل به بالتزامن مع شهادات حية لأبرز الخريجين مثل نضال الشافعي, سامح حسين, محمد فراج, هشام إسماعيل, كما سيتم إقامة معارض لأقسام الديكور والأزياء والأفيشات وصور فوتوغرافية لأهم العروض. تجربة مركز الإبداع الفني والكلام لخالد جلال- أشبه بحلم جميل مازال يتحقق حتي يومنا هذا, فقد بدأ بمشروع لرعاية الشباب من خلال منحة دراسية مجانية تتبع صندوق التنمية الثقافية التي تعتبر أقل وحدة بيروقراطية في وزارة الثقافة, وهو أحد أهم أسباب نجاح التجربة, فالمعيار الوحيد لظهور نتاج أي تدريب هو كفاءته وجودته, والدليل أن التجربة حققت خلال10 سنوات نجاحات متتالية ليس في العروض فقط ولكن في انتشار الممثلين من أبناء المركز سينمائيا وتليفزيونيا. الارتجال سبب رئيسي في تخريج فنان مبتكر وليس ناقلا لما هو مكتوب أمامه, وصناعة خيال الممثل تمكنه من تفصيل تاريخ أي دور يؤديه, بدلا من النموذج النمطي المعروف لشخصيات مثل اليهودي والبخيل والجاسوس وغيرها, وكلما زادت صعوبة البحث عن صور للشخصية الدرامية كلما كانت أكثر ابتكارا. لاشك أن أفضل وأنجح العروض التي قدمت علي مسرح الدولة خلال الأعوام الأخيرة كانت لخريجي المركز, مثل مسرحية شيزلونج للمخرج محمد الصغير, ورحلة حنظلة والسفينة والوحشين لإسلام إمام, وهناك أيضا مروة عودة مصممة الأزياء التي فازت بجائزة أفضل ملابس من المهرجان القومي للمسرح, وغيرهم كثيرون, وهذا يؤكد أن المركز داعم رسمي للحركة المسرحية, رغم بيروقراطية القوانين واللوائح التي تكبل حرية الفنانين. رغم أنه كان المرشح الأول لرئاسة البيت الفني للمسرح إلا أنه رفض هذا المنصب حرصا علي حلمه وتمسكه بالإخراج والتدريب في مركز الإبداع, بالإضافة لأسباب أخري فسرها خالد جلال قائلا: أدرت مسرح الشباب لمدة عشر سنوات وأدرت مسرح الغد لمدة عام واحد قبل إدارتي للفنون الشعبية عام2007, وكانت تلك السنوات كفيلة جدا لمعرفة طاقات فنيه وتمثيلية وكيفية استغلالها في إنتاج عروض تعيد الثقة للجمهور, ومشكلتي الوحيدة كانت في ضرورة التفرغ لمشكلات البيت الفني, ففضلت أن أكون في مكان ناجح ومستمر في تقديم خدمة جليلة لمصر علي أن ادخل في صراعات مع مشاكل إدارية لا تنتهي من ضمنها مثلا مشكلة المسرح القومي, الذي أتصور أنه لابد من تكليف مهندس ديكور بارع بحجم حازم شبل بمتابعة ملف تجديده لتلافي إهدار وقت رئيس البيت الذي من المفترض أن يتفرغ للتخطيط للعملية الفنية في مسارحه الثمانية, وهذا ما كنت أنوي عمله إذا توليت رئاسة البيت. أهم المعارك التي يجب أن يواجهها رئيس البيت الفني بحسب خالد جلال هي إعادة النظر في المنتج الفني المقدم للناس, خاصة أمام انتشار المفهوم الخطأ بأنه كلما زادت ميزانية العمل, كلما كان العرض أفضل, والدليل أن مسرحية قهوة سادة التي حطمت كل المقاييس في المسرح المصري تكلفت خلال عام كامل38 ألف جنيه وهو ربع أجر ممثل نجم في المسرح القومي مثلا, فالمفترض تقديم كم من العروض باستخدام طاقات شباب المسارح لا يجدون فرصتهم بسبب الميزانيات المهدرة علي عروض ضخمة وهي في الأساس بلا أي مضمون تقدم حتي الآن للدفعة الرابعة4000 طلب لاختيار200 فرد منهم فقط, وكشف خالد مفاجاة بقوله: سنستحدث خلال الدفعة الرابعة قسمي التأليف المسرحي وكذلك النقد المسرحي لنكمل بذلك الدائرة المسرحية بدخول المؤلف والناقد المسرحي, وقال خالد: أشعر بالفخر الشديد تجاه هذه التجربة خاصة بعد أن رسخت قهوة سادة مدرسة جديدة في الإخراج انتشرت بين شباب المخرجين وهي فكرة اللوحات التي تنقل أفكارا كثيرة في عرض مكثف تجمعه حكاية العرض, إلا أن هذه التقنية في الإخراج تحتاج لمخرج متمرس وواع لأنها قد توقعه في فخ المباشرة الفجة تعرض المركز كثيرا لمحاولات إيقاف واختراق بسبب نجاحاته المستمرة والكلام لخالد جلال ولكن الحمد لله كل وزير ثقافة يتولي المسئولية يتحمس لهذا المشروع وآخرهم د. محمد صابر عرب الوزير الحالي, لذا أتمني لهذه التجربة أن تستمر بنفس حماس العاملين فيها وبنفس صرامة التنفيذ من قبل كل أساتذتها المؤمنين بالعمل, رغم عدم تقاضيهم أجور منصفة تليق بهم, وأتمني أن تكون هناك مراكز إبداع كثيرة في كل محافظات مصر ترعي كل المهارات الفنية, ويلتحق بها المبدعون دون التقيد بشروط السن وخلافه.