استكمالا لمقالتي السابقة وعنوانها "الاعتراف بالعجز" أجدني منسقا بعد تحميل كل الأطراف المسئولية بدرجات متفاوتة في هذا الانفلات الشامل إلا أن الأمور استفلحت بصورة سيئة وفي أيام عيد الأضحى المبارك "الشهر الحرام" الذي يحرم فيه القتال بين الأعداء فما بال أبناء الوطن الواحد فلم يصل خيال أكثر المتشائمين سوداوية أن يتطور المشهد المصري إلى ما يشبه الحروب الأهلية فى كفر الشيخ بين أهالي مدينة بلطيم وقرية سوق الثلاثاء بمحافظة كفر الشيخ بسبب خانقة تافهة بين سائق توك توك متهور وشاب وبين عائلات قرية أبو خزام فى قنا على خلافات قديمة، والأحداث الدامية بين الهوارة والعرب بمحافظة سوهاج. المثير للاستغراب في هذه الحوادث نتيجة مشاكل بسيطة تتطور كالنار في الهشيم، ففي الأولي تستخدم سيارات نقل محملة بالرجال المدجيين بالأسلحة النارية الذين قاموا بقطع رافد الطريق الساحلي الدولي مما أدي إلي توقف حركة المرور وأسفرت الاشتباكات الدامية عن مقتل 3 أشخاص وإصابة نحو 106، والثانية التقاتل بين عائلتي القنامة وعبدالقادر بمحافظة قنا والخلافات الحادة بين قبيلتي الأشراف والعرب مما أدي إلي قطع الطريق لتفتيش السيارات واحتجاز 9 أفراد من قبيلة الأشراف ومقتل سائح كندي عندما حاول سائقه الإفلات من "الكمين" فأمطروه بوابل من الأعيرة النارية، والثالثة بسوهاج بين قريتا أولاد يحيي التي تنتمي لقبيلة هوارة وراح ضحيتها طالبان من القرية الثانية وعامل من الأولي وأصيب 18 شخصا من القريتين. لكن الأمر الأكثر سخافة البلادة التى تضرب فى قلب السلطة سواء من المجلس العسكري الذي يعتبر رئيس الجمهورية الحاكم والمسئول عن الحكومة بوزرائها، وحكومتنا "المؤقتة" لم تحرك ساكنا كالعادة برئيسها المبتسم وتابعه العيسوي الذي وعد بتحقيق الأمن في سره، ولم يهتز شعر رأسها أو يحمر وجهها خجلا من هذا العجز، ولا أعرف كيف يقبل المجلس العسكري من الداخلية هذا الأداء الهابط فى واجباتها والوضع يزداد سوءا على أرض الواقع حيث تتعامل بمنطق لا أرى لا أسمع لا أتكلم غير عابئين مما أصبح يهدد كيان الدولة ككل، وطبعا لا تستطيع قوات الشرطة العسكرية أن تتدخل بقوة لفض هذا النوع من الأحداث الدموية حتى لا تكون طرفا فى خصومة مع مواطنيها المتصارعين، فالجيش جيش الشعب كله لا ينصر طرفا على طرف، فهذه سلطة القانون وجهاز الشرطة ولا يجوز أن يمارسها الجيش فى الشارع، والحل القديم الحالي لابد من عودة جهاز الشرطة قويا فعالا دون تواطؤ علينا وينال معاونة من الشرطة العسكرية أو يبحث لنا المجلس العسكري عن بديل مثل تأسيس قوات حرس وطني، أو يخرج علينا العسكري معترفا بأنه غير قادر على إدارة البلاد وتوفير الآمن للمواطنين حتى نفكر فى بدائل أخرى نحمى بها أنفسنا فى ظل غياب الدولة. وأخيرا لابد من حملة "لا للبلطجة" تنطلق فورا في الأعلام بصوره المختلفة ودور العبادة والميادين والقرى والأحياء في كل ربوع المحروسة مصر بالاستعانة بعلماء الاجتماع والنفس لمعرفة أسباب تغير الطبيعة المصرية وسلوكها من شعب يتمتع بالطيبة والسلام الاجتماعي والود والتدين السمح إلي غلظة وفرقة بين الأسرة الواحدة والتعصب الأعمى إلي ضرب.. قتل.. لا تفاهم ولا تحكم في التعبير أو السلوك، كأن بيننا عداوة من سنين فأصبح سلوكنا كله بلطجة وما هذه الفتنة والكراهية القاتلة بين العائلات وعلي أتفه الأسباب حتى تصل لدعاوى تطوف بمكبرات الصوت للدعوة بالتبرع لشراء السلاح كأنها استعدادا لتحرير القدس ومحاربة الأعداء علي الحدود المنتهكة دوما.. فأين دور الكبار والحكماء في هذه المحافظات بل أين أجهزة الدولة التي غابت يا ليتها تعود قبل ما تكون حروبا أهلية حقيقية وصراع الانتخابات البرلمانية علي الأبواب يدق!!!. المزيد من مقالات محمد مصطفى