تفتيت العراق دخل حيز التنفيذ, فمجلس محافظة صلاح الدين صوت يوم 3 نوفمبر الحالي بالغالبية علي إعلان المحافظة إقليما مستقلا إداريا اقتصاديا بدعوي اعتقال المئات من أبنائها! القرار اتخذ مستندا إلي المادة (116) من الدستور العراقي التي تنص علي حق كل محافظة أو أكثر في تكوين إقليم بناء علي استفتاء. والمناسبة هي اقتراب الانسحاب الأمريكي من العراق, واجتثاث عدد من أعضاء هيئة التدريس والموظفين في جامعة صلاح الدين علي خلفية قانون المساءلة والعدالة الذي يتحفظ الكثير من القوي السياسية عليه. والأسباب كثيرة منها غياب العدالة ومعاييرها, فيما يتعلق بتوزيع المشروعات الخدمية والثروات والوظائف. ومنها أيضا أن حكومة نوري المالكي لم تطبق قانون البترودولار القاضي بمنح المحافظات المنتجة للنفط حصة لصالح إعادة الإعمار. كما أن الحكومة تتعمد أيضا تجاهل قانون اللامركزية الصادر عام 2005 والذي يتيح للمحافظات صلاحيات إدارية واسعة, ومن ثم فإن تفعيله يمكن أن يصرف النظر عن اللجوء لاستغلال الحق الدستوري بالتحول من محافظة إلي إقليم. خطورة قرار مجلس محافظة صلاح الدين يكمن في أنه خطوة قد تتبعها محافظات أخري مثل الأنبار التي تمثل ثلث مساحة العراق, مما قد يمهد الطريق للانفصال وتحويل العراق إلي كيان مفتت حين تصبح دويلات ضعيفة تجعل من وحدة بلاد الرافدين مجرد تاريخ. وهذا هو مشروع جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي الذي يتضمن تقسيم العراق إلي ثلاث دول: كردية, وسنية, وشيعية طائفيا, وشمال ووسط وجنوب جغرافيا. وهذا المشروع بحد ذاته رفضته القوي السنية والشيعية معا, ومازالت ترفضه, كما رفضته القوي الاقليمية, وفي مقدمتها الدول العربية الساعية إلي عراق موحد, لكن المشكلة تكمن في أن جعلتهم أمريكا أمراء طوائف يتحدثون الآن باسم السنة واسم الشيعة, ويحاولون فرض ما رفضوه بشتي الطرق, متناسين أن الشعب العراقي لا يتعامل الآن بعقلية 2006 وما تلاها, بقدر ما انه يريد أن يكتشف نفسه من جديد في العراق وليس في أقاليم ربما يصممها البعض علي مقاساته الخاصة. أيها العرب: انتبهوا قبل فوات الأوان, وعلي جامعة العربية المتابعة من الآن. المزيد من أعمدة محمد عبدالمعطى