لقد أطاحت تداعيات ثورة ليبيا بكثير من المنشآت والمواقع المهمة والبنية التحتية والطرق والمشروعات النفطية الضخمة وماشابه ذلك, وجاء مقتل القذافي بداية لمرحلة اقتصادية تبدأ من الصفر مع دخول دول كبيرة سباقا حميما من أجل تقسيم الكعكة الليبية لإعادة الإعمار والتشييد والبناء بفاتورة قدرها حوالي 150 مليار دولار أمريكي يتم سدادها من العوائد النفطية وعوائد الغاز الليبي وإلغاء قرار تجميد الأرصدة الليبية المودعة في بنوك تلك الدول, تمهيدا لضخها في مشروعات إعادة التعمير في ليبيا, كما أن ليبيا تحظي بثروات نفطية هائلة تغري العديد من الشركات الأجنبية بالتسابق للحصول علي أكبر قدر ممكن من الاستثمارات بها خاصة أن بعض هذه الدول شاركت في العمليات العسكرية بأسلحتها وقواتها البشرية ضد القذافي. إن الدول العربية حباها الله بكثير من الثروات الطبيعية, الأمر الذي جعلها مطمعا لكثير من الدول الأجنبية في السطو عليها بشكل أو بآخر, لذا أصبحت الحاجة ملحة لأن تستيقظ الدول العربية مجتمعة لديها مقومات الوجود الاقتصادي والجغرافي والاجتماعي وعناصر بشرية متميزة تؤهلها لخوض عمليات التعمير والبناء والتشييد وإقامة مشروعات استثمارية لو اجتمعت علي قلب رجل واحد. وما من شك في أن كثيرا من الدول العربية شهدت نهضة اقتصادية واجتماعية منذ نشأتها علي ايدي مصريين علي مدي العقود المنقضية وخاصة ليبيا ولايجوز بأي حال من الأحوال أن نشاهد اقتسام الكعكة الليبية من جانب تلك الدول الأجنبية دون تدخل ولاسيما أن دولا حديثة اقتصاديا مثل الصين وبعض الدول, الآسيوية وتركيا تسعي جاهدة إلي الاستحواذ علي نصيب كبير من الكعكة الليبية من عقود نفط وإعادة الإعمار والتشييد بليبيا. إن الوضع بات خطيرا ومقلقا للغاية أن تئول ثروة ليبيا إلي الدول الاجنبية ومن ثم يجب علينا كعرب التدخل السريع نحو التوجه لوضع خطة إستراتيجية ليكون لنا الأولوية لإعادة اعمار ليبيا وإنشاء مشروعات استثمارية هناك بأيد عربية واعتقد أن فاتورة الدول العربية مقابل هذا التعمير ستكون مناسبة بما يتفق مع الظروف التي مرت بها ليبيا بعد تكبدها هذه المليارات جراء الحرب الأهلية حامية الوطيس والتي عاني منها هذا البلد. لذا يجب علي الدول العربية شقيقة ليبيا السعي الحثيث لاستنهاض أفضل مايملكه الوطن العربي من عقول وإمكانيات من أجل التدخل الحاسم والحازم لقطع الطريق أمام هذه الدول حتي يكون لها النصيب الأكبر في هذه الكعكة وأخذ التعهدات اللازمة للحصول علي هذا الحق العربي الأصيل. د. حسن علي عتمان - عميد كلية السياحة والفنادق بجامعة المنصورة