تتوافد قوافل حجاج بيت الله الحرام اليوم الجمعة إلي مشعر مني لقضاء يوم التروية اقتداء بسنة المصطفي صلي الله عليه وسلم ومن المفترض أن تتم خطة التصعيد خلال4 ساعات أي قبل صلاة الظهر بوقف كاف لتمكينهم من أداء صلاة الظهر في مشعر مني توافقا مع السنة النبوية في ذلك وسط منظومة خدمات متكاملة تهدف إلي راحة وخدمة وفود الحجيج ليتمكنوا من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة. وعقب ذلك يتوافد جميع الحجاج الذين يقدر عدهم بما يقرب من ثلاثة ملايين حاج( من فيهم حجاج الخارج وداخل المملكة سعوديون ومقيمون) غدا السبت إلي جبل عرفات جبل الرحمة بعد أن يبيتوا ليلتهم في مني. وكشف الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي وزير الأوقاف رئيس بعثة الحج الرسمية المصرية عن أن الحجاج المصريين يضعون مصر لأول مرة في قلوبهم ودعواتهم لله سبحانه وتعالي في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة بعد ثورة25 يناير فهم جميعا يدعون لنهضة ورفعة مصر وحماية استقرارها جنبا إلي جنب مع دعواتهم لأسرهم وأبنائهم, فالبعد الوطني تغلب علي شخصنة دعواتهم وأصبح الحاج يدعو لمصر مثلما يدعو لأبنائه ولأسرته وهذه الظاهرة لم تكن موجودة من قبل إطلاقا بين الحجاج المصريين وأصبحت روح التفاؤل بمستقبل مصر بادية علي وجوههم. وقال القوصي في حديثه لمراسل الأهرام إن ذلك الانطباع لمسه خلال تفقده أماكن الحجيج في مكةالمكرمة وتفقده المتواصل لأماكن تجمعاتهم في مساكنهم, إن الحاج المصري يريد أيضا أن يظهر صورة مشرفة لبلاده لكي يظهر للعالم أجمع أن هذه الثورة بيضاء وسلمية وارتفعت بمصر ودورها. وأضاف أننا نريد أن يخرج موسم الحج الحالي بالانضباط الكامل من جميع الحجاج المصريين الملتزمين بأداء مناسكهم بهدوء وسكينة والحريصين علي أن يكونوا قدوة للإسلام والمسلمين, مشيدا بتعاون السلطات السعودية في تسهيل كل ما من شأنه خدمة الحجاج عامة والحجاج المصريين خاصة. وحول المشكلات التي لمسها خلال تفقده تجمعات الحجاج المصريين, قال الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي: إن هناك تباينا في الأسعار بين بعثات الحج النوعية المصرية وأيضا من ناحية الابتعاد أو القرب من الحرم المكي الشريف فلابد من إيجاد نوع من التوازن, فهناك فئات تتقاضي أجرا كبيرا وأخري أقل ونحن الآن سنبحث ذلك الأمر وأسبابه. وأشار إلي أن غلو الأسعار لقرب السكن من الحرم برغم ضيقه وانخفاض التكلفة للابتعاد عن الحرم مع اتساع الأماكن وخدمة أفضل إلا أن وسائل الانتقال قد تكون صعبة في أيام التفويج لإغلاق الأماكن ومنع الحافلات التي تصل إلي الحرم مما يسبب إرهاقا شديدا علي الحجاج خاصة كبار السن. وانطلقت في ساعة مبكرة من صباح أمس أولي رحلات قطار المشاعر المقدمة بكامل طاقته الاستيعابية البالغة12 ألف حاج في الساعة الواحدة. وصرح مدير عام مشروع قطار المشاعر المقدسة بوزارة الشئون البلدية والقروية السعودية المهندس فهد بن محمد أبو ضربوش بأن القطار ينقل علي متنه نصف مليون حاج خلال ست ساعات من مشعر مني مرورا بمزدلفة وصولا إلي عرفات, بالإضافة إلي نقل مليون حاج أيام التشريق. ووصف أبو ضربوش الطاقة الاستيعابية للقطار بأنها الأعلي عالميا, مشيرا إلي أنه مزود بسلالم متحركة ومصاعد كهربائية عند محطتي القطار مني1 و2 ومحطتي مزدلفة1 و2 تسهيلا لحركة المشاة في أثناء انتقالهم بين المحطات والساحات. قد توفي أمس الحاج ناصر شعيب حسين العشماوي من حجاج الجمعيات الأهلية بمنطقة السيدة زينب, وتم الاتصال بأسرته في مصر ووافقت علي دفنه بالأراضي المقدسة ليصل عدد المتوفين حتي الآن إلي12 حالة. ومن ناحية أخري يعيش الحجاج المصريون منذ اللحظة الأولي لوصولهم إلي الأراضي المقدسة من الفوضي, ففي مكةالمكرمة يعاني حجاج القرعة علي وجه التحديد من الإهمال الشديد من قبل الجهة المنظمة والمشرفة عليهم في المشاعر المقدسة وتعددت الشكاوي من حجاج القرعة والسبب واحد, لا نجد أدني اهتمام بنا. وعندما تحدثنا مع بعض هؤلاء الحجيج كبار السن, استوقفتنا العديد من علامات الاستفهام بعد المقارنة بين حجاج القرعة وحجاج الجمعيات, وجدنا فروقا شاسعة بينهما رغم تقارب الأسعار التي يدفعها كل منهم حيث تتراوح بين20 ألفا و24 ألف جنيه, إلا أن حجاج الجمعيات والتضامن الاجتماعي إقامتهم5 نجوم شاملة الوجبات, بينما من فازوا بالقرعة فإقامتهم لا تشمل سوي مكان للنوم فقط, حيث يتراوح عدد الأفراد في كل غرفة بين ثلاثة وستة أشخاص. والنظام كلمة السر الغائبة في أفواج القرعة, خلاف جميع حجاج الدول الذين أتوا من كل فج عميق من شتي أنحاء العالم, حيث تجد هذه الوفود تسير في مجموعات منظمة وأسراب يرتدون أزياء وألوان تميزهم عن باقي الوفود في أثناء طوافهم وسعيهم, ليسهل التعرف عليهم في حال إذا ضلوا وفد بلادهم, كما يصاحبهم مرشد ديني يساعدهم في أداء المناسك وتعريفهم بها ويكون دليلا لهم في أداء مناسكهم, بينما حال الحجاج المصريين يرثي له, فلا نظام وتجدهم تائهين هائمين داخل المسجد الحرام ولا يجدون من يدلهم ماذا يفعلون ولماذا هم أتوا؟! السؤال المهم الذي يطرح نفسه.. من السبب وراء حالة الفوضي التي يعيشها الحجاج المصريون داخل الأراضي والمشاعر المقدسة التي ترسم صورة سيئة عن المصريين أمام باقي دول العالم. والتقينا عددا من الحجاج المصريين, وتعرفنا منهم علي الحالة المأساوية التي يعيشونها, ففي أول يوم من وصولنا إلي مكةالمكرمة, وجدنا سيدة مصرية, تدعي الحاجة زينب من الشرقية, خارج ساحة المسجد الحرام تتحدث إلي وتسألني انت مصري فأجبتها بنعم, فقالت: ساعدني يا ابني أنا مش عارفة أعمل إيه هنا.. أطوف ازاي وأعمل إيه تاني, فسألتها عن الجهة التي جاءت معها من الحاج فعرفت أنها من حجاج القرعة, وظلت تشكو لي حالها في الحج قائلة: مفيش حد قاللنا حاجة أو فهمنا نعمل إيه خالص, ولا أي حد من المشرفين معانا اللي من الداخلية أو بتوع وزارة الأوقاف والدعاة مش بنشوفهم خالص ويعرفونا هنعمل إيه هم جاءوا إلي هنا مش علشان يساعدونا هم جاءوا لمصلحتهم ويحجوا وبس ونسيوا هما موجودين معانا ليه وريحوا دماغهم.. هذه الحالة المأساوية لتلك السيدة المصرية ليست هي الوحيدة فقط بل هناك الآلاف مثلها يعيشون تائهين في المشاعر المقدسة.