خرّجت مشاهير.. 16 معلومة عن المدرسة السعيدية بعد فيديوهات الشرطة المدرسية    بدء الدراسة في مراكز «الأسرة والطفولة» بقرى «حياة كريمة» ب9 محافظات    مطروح تنفذ محاكاة لتجربة مواجهة السيول    المستعمل والجديد.. معركة تكسير عظام في السوق| من يكسب الرهان؟    عيار 21 بكام ؟.. أسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    مصر تعلن استعدادها لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة بعد وقف إطلاق النار    وزير الخارجية: نطالب بمزيد من الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية    الخارجية الفلسطينية تُرحب باعتراف فرنسا بدولة فلسطين    تحذيرات دولية لإسرائيل من ضم أجزاء ب«الضفة الغربية»    الإمارات أمام مؤتمر نيويورك: ندعم جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر لوقف إطلاق النار في غزة    الرهان الباريسى وديمبلى وكرة الذهب    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    الزمالك يسعى للاستمرار في المنافسة على حساب «الجونة»    إبراهيم المصري: لست ضد كامل أبو علي.. وغير راضٍ عن اسكواد الفريق    مصدر أمني ينفي تعرض قيادي إخواني محبوس لانتهاكات بمركز الإصلاح والتأهيل    بالصور.. مصرع زوجين وإصابة نجلها إثر انقلاب سيارة ملاكي في ترعة بالبحيرة    «توخوا الحذر».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الثلاثاء    «ساعدني».. قاضٍ يعترف باستخدام الذكاء الاصطناعي في إصدار حكم قضائي    مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا من القضاة الشرعيين الماليزيين    ختام مبهر للدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي (قائمة الأعمال الفائزة)    سميح ساويرس يصارح جمهوره: 3 قرارات ندمت عليها في حياتي    آمنة على أطفالك.. استشاري تغذية يوصي باستخدام «لانش بوكس» من هذا النوع    بعد وصول سعر الكيلو ل25 جنيهًا.. 6 بدائل رخصية ل الطماطم موجودة في كل مطبخ    أكبر مشكلة تؤثر على تركيز الأطفال.. خبيرة تكشف تأثير ال «ريلز» على المخ    الاعتداء على باسم عودة وتدوير "أبو الفتوح" ونائبه بالتزامن مع قرار العفو عن "عبدالفتاح"    الداخلية توضح حقيقة صورة جرافيتي متداولة في الدقهلية عبر مواقع التواصل    الداخلية تضبط شبكة تمارس أعمالًا منافية للآداب عبر تطبيق هاتفي في الإسكندرية    نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بفوز صعب على بيسا    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    شرم الشيخ تستضيف كأس العالم للدارتس 2027 وتعزز مكانتها كوجهة سياحية عالميا    وزير الثقافة يُكلف أحمد مجاهد مديرًا تنفيذيًا لمعرض القاهرة للكتاب في دورته ال57    من أبرز وجوه ثورة يناير ..العفو عن علاء عبد الفتاح.. انفراجة سياسية أم استثناء مفروض بضغوط غربية؟    بالصور.. ختام أولمبياد الشركات ببورسعيد بمشاركة 23 ألف رياضي    تنفيذًا لتكليفات محافظ الجيزة.. سكرتير عام محافظة الجيزة يتفقد المركز التكنولوجي بالعمرانية    مستشفى مبرة المعادي ينجح في علاج ثقب بالقلب باستخدام تقنية التدخل المحدود    مع بداية العام الدراسي الجديد.. كيف نشجع أطفالنا على حب التعلم؟    نتنياهو اعتبره "مكافأة لحماس"…صدمة في دولة الاحتلال بعد اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا بالدولة الفلسطينية    رئيس جنوب إفريقيا: إسرائيل أطلقت العنان للعقاب غير المتكافئ للشعب الفلسطيني    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    نسرين عكاشة: والدى لم يكن ضد السادات لكن كان هناك اختلافات في بعض الأفكار    طارق فهمي: مصر تركز على حل الدولتين والعودة إلى المرجعيات الدولية    د.حماد عبدالله يكتب: العلاقات المصرية الأفريقية قديمًا !! { 3 }    أحد المقربين لم يكن صريحًا معك.. توقعات برج الحمل اليوم 23 سبتمبر    ارتفاع طن اليوريا المخصوص 1293 جنيها، أسعار الأسمدة اليوم في الأسواق    بالعلامة الكاملة.. نابولي يفوز بصعوبة على بيزا وينفرد بصدارة الدوري    القبض على "مستريح السيارات" بحدائق القبة بعد استيلائه على 50 مليون جنيه من المواطنين    مصرع 3 عناصر إجرامية في مداهمة أمنية بالبحيرة    مدبولي: لن يتحقق الأمن لإسرائيل عبر القوة العسكرية ومحاولة فرض الأمر الواقع    البحوث الإسلامية: الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى تجديد الصلة بالنبي    من هم ال70 ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟.. الشيخ رمضان عبد المعز يوضح    ما هي صلاة الغفلة وكيفية أدائها؟.. أمينة الفتوى تجيب (قيديو)    صناع الخير ترسم البهجة في أول يوم دراسي بمدرسة كفر الأربعين الإبتدائية بالقليوبية    مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 22 سبتمبر في بني سويف    بعد خفض الفائدة.. اعرف أعلى عائد على شهادات الادخار في البنوك    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22سبتمبر 2025    "طلاب من أجل مصر" ترحب بدفعة طب الجديدة بجامعة بورسعيد الأهلية (صور)    5 خطوات لتسجيل طلاب الثانوية الأزهرية بتنسيق التعليم العالي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الأخلاق‏:‏
أنماط حية‏(2)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 10 - 2011

قدمت لنا الأسطورة القديمة أنماطا إنسانية حية لا تموت‏,‏ لقدرتها اللانهائية في التعبير عن الضمير الإنساني‏,‏ والأفكار الكامنة في اللاشعور الجمعي للبشر‏,‏ في مختلف الأماكن والأزمنة‏,‏ فهي كشكل من أشكال الحياة‏,‏ تعكس صورة معينة وجاهزة للثقافة العامة‏.‏ وتلخص ملامح وتعقيدات العقل العام, ودرجة التطور الحضاري, ذلك بالإضافة إلي أهميتها في رسم صورة للصراعات النفسية الداخلية, حتي إن العالم الكبير سيجموند فرويد إعتمد عليها لفك طلاسم الصراعات النفسية للمرضي النفسيين, لاعتقاده بوجود تماثل ما بين معاناتهم, وبين الحياة البدائية من حيث الميول والرغبات, ولعل أشهر نمط إنساني للتعبير عن المرض النفسي هو بلاشك عقدة أوديب. نمط أوديب لا يمثل فقط كما هو شائع مرض التعلق بالأم, ولكنه من أهم الأمثلة الإنسانية التي عبرت عن البشرية عامة في كفاحها, وأيضا ذنوبها, وأعتقد أن هذا النمط أفضل ما يعبر عن حالة المجتمع العربي في العصر الحديث, حكاما ومحكومين, فأوديب أكبر خطأ إرتكبه, هو الغرور والكبرياء غير المحمود, والثقة الزائدة بالنفس, جعله يترفع عن النقد الذاتي, ففي معرض بحثه عن أس المشكلات, وسبب البلاء, وجده في نفسه, وأعتقد أن المشكلة التي عانينا ونعاني منها في ثقافتنا العامة هي الغرور, الذي يجعل من رؤية كل طرف هي الحقيقة المطلقة, أو الصواب المحتوم, ومن يختلف عن هذه الرؤية, فهو عدو.. (خبط لزق), حتي الذين يدعون أنهم يقبلون الرأي الآخر, وأن إعتقاداتهم اليقينية, ما هي إلا إجتهاد, يخضع لقدراتهم الفكرية والعلمية, وتحكمه ضوابط عقلية ومنطقية من ثمرة الحوار مع الآخرين أصحاب الرؤي المختلفة, إلا أنهم يفشلون عند أول اختبار واقعي, فظهرت تيارات دينية تخطف الدين, بإدعاء تمثيلها للدين الصحيح, وتيارات وطنية تخطف الوطن, باعتبارها هي الأمينة علي مصالحه, وتحقق طموحات الناس, وتحترم مبادئها, وتيارات جديدة تعتبر نفسها الأحق في التعبير عن الثورة, وأن لها أن تأمر فتطاع, وأن الرؤي المعارضة لها هي خارجة عن قيم ومباديء الثورة, وبجرأة منكرة يتم خطف الثورة, خطف الدين والوطن والثورة ثمرة مسمومة للأنانية والغرور! قليل من التواضع, ربما كان قد وفر علينا مآسي عنيفة, قليل من التواضع كان يمكن أن يمنع اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات الذي ندموا عليه الآن, أو اغتيال أحمد شاه مسعود أو برهان الدين رباني والقادة الإسلاميين المشهود لهم بالتقي والورع والجهاد الحقيقي في سبيل الله, وراحوا ضحية الجهل الأوديبي, الذي أعطي لنفسه الحق في أن ما يقتنع به هو الحقيقة, ومن علي غيرها ففي ضلال مبين, ويستحق القتل, ولا أعلم كيف ينتمي هؤلاء القتلة لنبي الإسلام صلي الله عليه وسلم الذي كان يري أن هدم الكعبة أهون من إراقة دم مؤمن!. ومن وعاء الغرور نفسه الأحمق خرجت الفتاوي المجرمة التي تبيح لصواريخ الناتو تدمير ليبيا لخلع نظام يرفضه الجميع, ولكن لا يتبني الجميع قرار القتل والدمار لتغيير الأنظمة الفاسدة, ولكن يتم استغلال الدين, من فقهاء مجرمين عبيد للمال والسلطان الذي يزول, ضد الحق الذي لا يزول ويحرم سفك الدماء البريئة, التي لا تعرف بأي ذنب قتلت!.
وأعتقد أن الأنظمة العربية غارقة حتي أذنيها في الخطأ الأوديبي, حتي وصل الأمر لظاهرة أعتبرها عجيبة من عجائب الزمن الحديث, وتنافس في غرابتها كل الأساطير الخرافية القديمة, وهي التوريث فمن أين أتت هذه الأنظمة بالجرأة في توريث الحكم لسلالتها, بعد أن كانت هي ثمرة للثورة علي الأنظمة الملكية الرجعية, ولكن هذه الثمرة الفاسدة نتيجة طبيعية لاحتكار الحكام الحكم, وخطف الوطن باعتبارهم الأدري والأعلم بمصالح شعوبهم, ولم يسلم من هذه النقيصة حاكم, فليس منهم أحد بلا خطيئة, ولكن تعددت الأخطاء والمشكلة في الأصل واحدة, وهي خطف الوطن لفئة أو حزب أو فرد, تري عن قناعة أنها القادرة والأمينة علي مصالح الوطن, فانفجرت الثورة كان من الطبيعي أن تتمرد الشعوب العربية علي هذا المسار الذي يحكمها بمنطق ضد التاريخ, وعكس التيار العالمي, فمنطق العصر الآن المشاركة الفعالة في الحكم, بعد أن أصبحت المعرفة وتبادل المعلومات سداح مداح, فاضطرب المشهد الإعلامي الذي يقدر علي فرض صورة نمطية مشرفة للحاكم الأب, الذي لا يناقش ولا يحاسب, وسجلت الإحصائيات أن أعلي نسبة للاشتراك في شبكة الانترنت عند العرب, الذين رفضوا التعتيم الإعلامي النمطي, فأدت إلي ثورة علي الفساد والاستبداد لم يتخلف عنها أحد, وترفض أن يحتكرها أحد! فكانت قيامة جماعية لم يسبق لها مثيل.
تكاليف الثورة باهظة, ويدفعها الشعب كله, وعلينا أن نتدارك ما يمكن تداركه حتي لا تزيد المعاناة, فلن تنجح الثورة إلا إذا وصلت إلي أهدافها ببناء كيان وطني قوي, لا تحتكر السلطة فيه أيديولوجيا معينة تحت ستار الدين أو الوطنية, ولكن بناء أسس سياسية واجتماعية تخرج أفضل من فينا, لقيادة الوطن إلي بر الأمان, وحل المشكلات التي جمدها الاستبداد والفساد, فتراكمت بلا حلول, ما دام غاب النقد الذاتي, ورفع شعار ليس في الإمكان أفضل مما كان!.
منع احتكار الثورة من المتطرفين ينقذها من غوغائيتهم, ففي مرحلة البناء ولملمة شظايا الوطن, يصبح التطرف جريمة, لأنه ضد العقل والعلم, وهما القادران علي وقف نزيف الخسائر, الذي يتحمله المواطن العادي, الذي يخرج يوميا في احتجاجات فئوية, كلها تطالب برفع مستوي المعيشة, ولا يتحمل تجارب متطرفة من غوغائيين, كلما هدأت النفوس لا يلبثوا أن يشعلوها حتي يضمنوا لأنانيتهم أن تتصدر المشهد السياسي عن طريق الوفرة الإعلامية المتاحة لمن هب ودب, أو الأخطر هؤلاء القلة التي يتم تمويلها من الخارج, رغم أنها لا تمثل الشعب في شيء, إلا في إيجاد الإثارة, لمنع أي تقدم حقيقي في طريق البناء والاستقرار, بالتشكيك في أي خطوة إيجابية, دون أن نعرف فيما تنفق تلك الأموال, وعلي من تعود فوائدها, فالشعب يريد أن يفتح هذا الملف.
التطرف عن حسن نية أو سوء نية, يقود إلي نمط أسطوري آخر, وهو نمط شمشون الذي يمثل العنف والمراوغة, وعندما يستنفد كل الألاعيب السياسية الثورية, وتنضب الشعارات المحبوكة والمسبوكة في الدوائر المعادية, ينتحر هادما المعبد علي الجميع, فهناك من يهدف لإضعاف الدول العربية داخليا لمصلحة المشاريع الاستعمارية المتجددة, خاصة بعد الأزمات المالية العنيفة التي تمر بالرأسمالية العالمية في معاقلها الغربية, فتكون الدول الضعيفة مغنما سريعا, لتخفيف وطأتهم الاقتصادية, فتأمين السيطرة علي منابع النفط, وفتح الأسواق عنوة, ليس شأنا هينا في الأطماع الغربية, كما يروج عملاؤهم, الذين يسوقون للتدخل الأجنبي لحماية المدنيين, مع أن المدنيين هم من يذهبون ضحية هذا التدخل... ولكنها عنزه ولو طارت!.
العقلانية والعلمية بحزم التواضع, فالتواضع لا يعني التسبب, وترك الأمور للسفهاء والعملاء, فمسئولية ملايين البشر التي تهفو للأمن والعمل والغذاء, لا تتحمل الفوضي, وحلول الفضائيات طق حنك, كما لم تتحمل من قبل جمود الاستبداد, فكلاهما سواء في الخراب المستعجل, ولابد من إيجاد مساحة سياسية للعمل السياسي, لا تتشح بالفوضي أو الاستبداد, ومعتمدين في ذلك علي الشعب العربي في مصر, وغيرها من البلاد العربية, الذين عانوا كثيرا من الخطأ الأوديبي, وصبروا طويلا, وعلي استعداد للصبر والتضحية ما دام سيصل بهم إلي بر الأمان, فيعود الجميع إلي ثكناتهم, العامل لمصنعه, والطالب لمدرسته, والسياسيون إلي صناديق الانتخاب, وإلا سيكتب علينا مصير سيزيف كلما بدأنا نهضة يتم إجهاضها لنبدأ من جديد!.
المزيد من مقالات وفاء محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.