رئيس جامعة الجلالة: نستعد لتقديم 4 برامج جديدة هذا العام    الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في بطولة العلمين للجامعات    الفيوم تخفض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام إلى 221 درجة    الفجر في القاهرة 4.46.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة بالمحافظات غداً الثلاثاء 12 أغسطس 2025    الإحصاء: الصادرات لشرق أوروبا خلال أول 4 أشهر من 2025 بلغت 2.84 مليار دولار    محافظ المنيا: إصدار 1188 ترخيص إعلان    الحجز متاح الآن.. شروط التقديم على شقق سكن لكل المصريين 7    محافظ الإسكندرية يتفقد بدء تنفيذ مشروع توسعة طريق الحرية    عبد العاطي: نهدف لتكون كوت ديفوار بوابة صادرات مصر لغرب القارة    حزب الله: لن تستطيع الحكومة اللبنانية نزع سلاحنا    تحديد موعد مباراة بيراميدز وأوكلاند سيتي النيوزيلندي    "تغييرات بالجملة".. شوبير يكشف أولى غيابات الأهلي أمام فاركو    إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    تعرف علي موعد مباراة منتخب مصر وبوركينا فاسو فى تصفيات كأس العالم 2026    "بلعت بلية" .. مصرع طفلة اختناقًا أثناء لهوها في قنا    4 ملايين جنيه حصيلة قضايا الاتجار غير المشروع في العملات الأجنبية    استعدادًا لموجة الحر الشديدة.. توجيه عاجل من محافظ أسوان بشأن عمال النظافة    انطلاق عرض "حب من طرف حامد" على مسرح السامر ويستمر 15 يوما    في ذكرى رحيله.. أهم محطات في حياة فيلسوف الفن نور الشريف    بعد فوزها بجائزة بن بينتر البريطانية :ليلى أبو العلا: سرد القصص موجود قبل التقاليد الغربية    5 فئات ممنوعة من تناول القهوة    نجم الدوري الألماني يختار النصر السعودي.. رفض كل العروض من أجل كريستيانو رونالدو    15 صورة وأبرز المعلومات عن مشروع مروان عطية الجديد    "هل الخطيب رفض طلبه؟".. شوبير يفجر مفاجأة بعد مكالمة وسام أبو علي    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    حريق ضخم فى "آرثرز سيت" يُغرق إدنبرة بالدخان ويُجبر الزوار على الفرار    أربعة أعوام من الريادة.. هشام طلعت مصطفى يرفع اسم مصر في قائمة فوربس    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    فتوح أحمد: الإعلام الرياضي ومَن يبثون الفتن هاخدهم معسكر بسوهاج 15 يومًا- فيديو وصور    بفستان جريء.. نوال الزغبي تخطف الأنظار بإطلالتها والجمهور يعلق (صور)    "رٌقي وجاذبية".. ناقد موضة يكشف أجمل فساتين النجمات في حفلات صيف 2025    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    أمين الفتوى يحذر التجار من هذه التصرفات في البيع والشراء    ما يقال عند المرور على مقابر المسلمين.. المفتي يوضح    هآرتس: نتنياهو يواجه صعوبات في تسويق خطة احتلال غزة    «عبدالغفار»: «100 يوم صحة» قدّمت 40 مليون خدمة مجانية خلال 26 يومًا    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    هل يشارك أحمد فتوح في مباراة الزمالك القادمة بعد تدخل زملائه للعفو عنه؟ اعرف التفاصيل    في سابقة تاريخية.. بوتين يزور ولاية ألاسكا الأمريكية    بعد مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين .. التحفظ على كاميرات المراقبة فى حادث الشاطبى بالإسكندرية    ترامب يطالب بالتحرك الفوري لإبعاد المشردين عن العاصمة واشنطن    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    إسلام عفيفي يكتب: إعلام الوطن    ضبط 8 أطنان خامات أعلاف مجهولة المصدر في حملة تفتيشية بالشرقية    ضبط عاطل بالجيزة لتصنيع الأسلحة البيضاء والإتجار بها دون ترخيص    طب قصر العيني تطلق أول دورية أكاديمية متخصصة في مجالي طب الطوارئ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    الذهب يتراجع مع انحسار التوترات الجيوسياسية وترقّب بيانات التضخم الأمريكية    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025    إجمالى إيرادات الفيلم فى 11 ليلة.. تصدر شباك التذاكرب«28» مليون جنيه    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القانون هو الحل
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 10 - 2011

كأن القلم جمر في يدي أعجز منذ أيام عن تحريكه لأكتب كلمة‏.‏ وأنا القاتل والقتيل وفي ماسبيرو كان بعضي يقتل بعضي‏.‏ أعرف أن القتيل الشهيد قد صعد إلي السماء تحيطه هالة المجد والبركة وأن القاتل قد سقط في هاوية من العار ليس لها قرار ولكني فقدتهما معا ولا عزاء لي‏.‏ أبكي كل شهيد قبطي مسيحي وقبطي مسلم, فكل من علي هذه الأرض أقباط أي مصريون بعضهم من بعض. وأبدأ بأن أقدم العزاء لإخوتي المسيحيين الذين نشرت الصحف أعدادهم وصورهم الحزينة. وعلي من يريد أن يدرك هول ما جري أن يقرأ ما كتبه الأديب الكبير محمد المخزنجي عن جريمة قتل مايكيل سعد, أحد الأبطال من شباب ثورة يناير الذي أصابه رصاص حبيب العادلي في التحرير وقضي عليه الاعتداء في ماسبيرو. غير أنه يجب أن تكون أعصابك قوية لتحتمل قراءة ما حدث لمايكيل ولخطيبته فيفيان مجدي وهي تحاول إنقاذه( ستجد ذلك إن أردت في صحيفة الشروق يوم الخميس الماضي). أي عزاء يمكن أن أقدمه لفيفيان ولأسرته ولثوار يناير وللمخزنجي ولنفسي؟ لا أملك سوي الكلمات وهي شديدة الفقر هنا وسوي أن أقدم العزاء أيضا للكنيسة القبطية ولقداسة البابا شنودة. رأيت صورته في التليفزيون غداة المذبحة. كان يجلس في الكاتدرائية في ردائه الكهنوتي الأسود دون أن يتكلم ولكنه كان أبلغ صورة للحزن والفقد, كأنه يحمل أوجاع كل من رحلوا ومن سقطوا. قلبي معه ومع كل من فقد عزيزا في ليلة الأهوال تلك ومع مصر المكلومة.
القلم كالجمر, يرفض أن يكتب كلمة واحدة ضد الجيش المتهمة بعض عناصره فيما حدث, فهذا هو جيشنا الذي نعتز به ونحبه ونتطلع إليه لحمايتنا ولنعبر معه هذه المرحلة الانتقالية الصعبة. لكن هذه الحصانة التي يتمتع بها الجيش لا تشمل دون شرط المجلس الأعلي بصفته مسئولا عن حكم البلد وعليه أن يتحمل مسئولية أعماله كاملة. لن أتكلم عمن بدأ بإطلاق النار في المظاهرة أو عن جريمة دهس المدرعات للشهداء والضحايا. قيل إن هناك تحقيقا يجري حول ذلك كله بموضوعية وشفافية وسيتم الاعلان عن نتائجه فلننتظر إذن قبل أن نبرئ أو ندين. لكن مسئولية المجلس العسكري تتجاوز ذلك أو تسبق هذا الحدث بكثير. فهو سلطة الحكم العليا وكان واجبه منذ بدأت نذر الفتنة الطائفية بعد ثورة52 يناير أن يعالج جذور هذه الفتنة, لكن بدأ بخطأ فادح دفعنا ثمنه مع أول كارثة بحرق كنيسة أطفيح, إذ بدلا من أن يعمل سلطة القانون بملاحقة الجناة ومعاقبتهم, فقد لجأ إلي شيخ سلفي للتوسط لحل المسألة عرفيا بعيدا عن مواد القانون الساري وكان ذلك خطأ مركبا في رأيي, فقد أوحي للخارجين علي القانون أن بإمكانهم أن يفلتوا من العقاب علي جرائمهم, وأعطي للتيار الديني المتشدد دفعة قوية تفاقمت بعد ذلك, فحين قطع بعض المتشددين الوهابيين طرق السكك الحديدية وطرق المرور الأخري في قنا إحتجاجا علي المحافظ المسيحي لجأ المجلس العسكري مرة ثانية إلي توسيط مشايخ السلفيين لحل المشكلة. هذا هو الخطأ الأول الكبير, أي إهمال العمل بالقانون وتشجيع التطرف الديني, إما عن وعي أو غير وعي, وكانت تلك كرة من النار أخذت تتضخم عبر حوادث مماثلة في إمبابة وغيرها إلي أن انفجرت انفجارها الرهيب في ماسبيرو, وأدعو الله أن تقف عند هذا الحد.
أما الخطأ الثاني الكبير الذي وقع فيه المجلس العسكري والحكومة معا كسلطة للحكم, فهو الصمت علي دعاية أو دعوة الفتنة الطائفية التي انتشرت كالوباء في كل منابر الإعلام بما فيها الانترنت, وقد قلت بعد حريق كنيسة إمبابة إن العدوان يبدأ باللفظ وإن الفتنة تبدأ باللغة وأن من يطالع جمر السباب المتبادل بين الطرفين المتطرفين, المسلم والمسيحي, علي شبكة الانترنت لا يدهشه أن تشتعل الحرائق. وكان من الممكن تدارك هذا الشر المستطير لو أن المجلس أعمل سلطة القانون العادي علي القنوات الفضائية الدينية المتطرفة الإسلامية والمسيحية بتهمة ازدراء الأديان والحض علي التمييز الديني. قضية واحدة أو قضيتان وتوقيع العقوبات القانونية المنصوص عليها كان كافيا لإنذار بقية القنوات وإيقاف الدعوات إلي التمييز الديني والحض علي الكراهية. وكان لي حوار قريب مع الخبير الاعلامي الدكتور فاروق أبوزيد عميد الإعلام الأسبق أكد لي خلاله أن هناك سبلا قانونية متاحة وفعالة لفرض العقوبات علي مثل هذه القنوات وتوقيع غرامات مالية فادحة ورادعة عليها, بل إن هذه السبل تشمل المخالفات المماثلة علي الإنترنت وهي مطبقة بالفعل في أعرق الدول الديمقراطية. وقد أعود مرة أخري إلي اقتراحات الدكتور فاروق أبوزيد المفيدة في هذا المجال, ولكن المهم الآن التنبه إلي عدم الخلط بين حرية الرأي التي يحميها القانون وفوضي الفتنة التي يتكفل القانون نفسه بقمعها. وكان علي السلطة الحاكمة أن ترفع سيف هذا القانون بكل حزم لوأد الفتنة قبل استفحالها.
ويجرنا هذا إلي خطر آخر طالما كتبت عنه هنا وهو سماح المجلس العسكري لعناصر الثورة المضادة بالعمل بذريعة الديمقراطية. نبهت أكثر من مرة إلي أن الواجب الأول لكل سلطة ثورية هو حماية الثورة من أعدائها. لكن السلطة الحاكمة عندنا( وهي تحكم باسم الثورة) سمحت بغرابة شديدة وغير مفهومة لانصار النظام الذي قامت الثورة بإسقاطه بالعمل بكل حرية تحت لافتة أبناء مبارك وغيرها من المسميات, بل وسمح لهم المجلس بالتظاهر علي عتباته التي يدافع بشدة من أن يقترب منها المتظاهرون من شباب الثورة أو من أهالي الشهداء. وقد ازدادت عناصر الثورة المضادة هذه جرأة وعنفا حتي وصل الأمر ببعض قياداتهم مؤخرا إلي التهديد بإشعال الحرائق وفصل الصعيد عن مصر! قطع الله دابرهم قبل أن تتحقق أحلامهم المريضة. ولم يخطئ مرشد الاخوان الدكتور محمد بديع حين وجه الاتهام لهذه القوي بأنها هي التي مثلت العناصر المندسة في مظاهرة ماسبيرو. اتفق معه هنا تماما وإن كنت أختلف حول مجمل دور الخطاب الاخواني في مجال الوحدة الوطنية ولكن هذا حديث آخر.
نحن نركز الآن علي أخطاء المجلس العسكري والحكومة التابعة في معالجة قضية هذه الوحدة ودرء الفتنة الأخيرة التي انطلقت شرارتها من قرية الماريناب في أسوان لتشتعل في ماسبيرو وفي القاهرة, وقد اقترحت أن ننتظر نتيجة التحقيقات الموعودة قبل أن نصدر الاحكام علي القضايا الشائكة, من قتل المتظاهرين المسيحيين وجنود الجيش؟ ومن المسئول عن جريمة دهس المتظاهرين البشعة؟ وهل كان بعض المتظاهرين المسيحيين مسلحين أم أن المسلحين كانوا من المندسين؟ ومن هم هؤلاء المندسون؟ سننتظر إجابات مقنعة علي تلك الأسئلة وغيرها. ولكن هذا لن يمنع من أن أبدي دهشتي عن الأقل من سلوك محافظ أسوان الذي أغضب النوبيين الصابرين قبل أن يغضب المسيحيين المحتجين. ودهشتي أشد لتمسك الحكومة به وكأنه نموذج نادر لايمكن الاستغناء عنه للنجاح الإداري والتنفيذي.
أما ما لا يحتمل الدهشة أبدا فهو مطالبتي بأن أكذب أذني التي سمعت التحريض السافر ضد المتظاهرين المسيحيين في التليفزيون المصري. سمعت كما سمع غيري مناشدة المذيعة التليفزيونية للمواطنين الشرفاء بالتوجه لحماية الجيش من هجوم المتظاهرين المسيحيين, وسمعت الأوصاف البذيئة لشركاء الوطن التي ترددت علي التليفزيون, فإن لم يكن هذا تحريضا سافرا علي العدوان الذي أفضي إلي القتل فماذا يمكن أن يكون؟
غير أن وزير الإعلام ومسئولين آخرين ينفون أن يكون التليفزيون قد فعل ذلك, ومعني هذا أننا لم نسمع ما سمعناه بالفعل وإنما خيل لنا, وهنا فإنني أتهم وزارة الإعلام بالتحريض علي الجنون!
مرة أخري ومرات كثيرة رحم الله شهداءنا مسيحيين ومسلمين, ووقي الله مصرنا شر الفتن وصانعي الفتن.
المزيد من مقالات بهاء طاهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.