المنوفية تُحذر مواطنيها: أخلوا منازلكم وأراضي النيل فورًا لخطر الفيضان    أنتم إرهابيون، بن غفير يهاجم نشطاء أسطول الصمود (فيديو)    ننشر أسماء ضحايا انهيار "عقار غيط" العنب بالإسكندرية    ليلى علوي ل "الفجر": سعيدة بتكريمي في مهرجان الإسكندرية السينمائي    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    أستاذ علوم سياسية: إعلان ترامب عن الموافقة العربية توريط لتمويل الخطة    انتصارات مثيرة و6 أندية تحقق العلامة الكاملة، نتائج الجولة الثانية من الدوري الأوروبي    «معروف» حكمًا لمباراة الزمالك والمحلة.. وأمين عمر للأهلي وكهرباء الاسماعيلية    ناقد رياضي يكشف كواليس خروج حسام غالي من قائمة محمود الخطيب    ناقد رياضي: هزيمة الزمالك من الأهلي أنقذت مجلس القلعة البيضاء    اللواء محمد رجائي: إعادة «الإجراءات الجنائية» للنواب يُؤكد حرص الرئيس على قانون يُحقق العدالة الناجزة    حبس «الجاحد» لإتجاره في المخدرات وحيازة سلاح ناري ببنها    خريفي بامتياز "بحري وقبلي"، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الجمعة    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق مخزن وشقة سكنية بالخانكة    مختار نوح: حماس دربت القسام لتنفيذ مخطط اغتيال النائب هشام بركات    موعد إعلان نتيجة منحة الدكتور علي مصيلحي بالجامعات الأهلية    جالي في المنام، صبري عبد المنعم يكشف سر طلب محمود المليجي بعدم المشي في جنازته (فيديو)    أسامة كمال يحتفي بذكرى نصر أكتوبر ويستعرض رسالة من أحد مصابي الحرب للرئيس السادات    مدرسة المشاغبين، قرار صارم من محافظ القليوبية في واقعة ضرب معلم لزميله داخل مكتب مدير المدرسة    10 أصناف من الأطعمة تجدد طاقتك خلال الإجازة الأسبوعية    «وي» يلتقي بلدية المحلة في ختام مباريات الجولة السابعة بدوري المحترفين    مشهد مؤثر من زوجة علي زين بعد سقوطه في نهائي كأس العالم للأندية لليد (فيديو)    «ناس ليهم مصالح».. باسم مرسي يهاجم منتقدي فيريرا وجون إدوارد    الزمالك يعالج ناصر منسي والدباغ من آلام القمة 131    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    إنذار جوي يربك سوتشي.. وتعليق الرحلات في مطارين روسيين    فلسطين.. غارات إسرائيلية على خان يونس وتفجير مدرعات مفخخة    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    رابط التقييمات الأسبوعية 2025/2026 على موقع وزارة التربية والتعليم (اعرف التفاصيل)    كراكاس تتهم واشنطن بانتهاك سيادة أجوائها    خبير عسكري: رفض حماس خطة ترامب سيجعل موقفها سيئًا أمام العالم بوصفها رافضة للسلام    هبوط كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم بالصاغة بعد قرار البنك المركزي    5 أبراج على موعد مع الحظ في أكتوبر 2025.. هل برجك منها؟    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض في الأسواق اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    رسميا.. 4 شروط جديدة لحذف غير المستحقين من بطاقات التموين 2025 (تفاصيل)    محافظ الإسكندرية يتفقد موقف محطة الرمل ويوجّه بسرعة إنهاء التكدسات المرورية    ضيفي ملعقة «فلفل أسود» داخل الغسالة ولاحظي ماذا يحدث لملابسك    ركّز على اللون وتجنب «الملمس اللزج».. 6 علامات تنذر بفساد اللحوم قبل شرائها    هيقعد معاكي طول السنة.. طريقة تخزين الليمون في ظل انخفاض أسعاره    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خسيت 60 كيلو.. أبرز تصريحات عبد الله نجل غادة عادل ومجدي الهوارى (إنفوجراف)    أسامة كمال: الإخوان "عايزينها تولع" ويرغبون فى رفض حماس لخطة ترامب لوقف حرب غزة    ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في دورته الثالثة..صور    رقم سلبي يلاحق مدرب نوتنجهام فورست بعد الخسارة الأوروبية    جرعة مخدرات وراء مصرع سيدة داخل مسكنها فى العمرانية    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد يفوز بلقب شخصية العالم القرآنية بجائزة ليبيا الدولية    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    موهبة مانشستر يونايتد تثير اهتمام ريال مدريد    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الدولة تدعم المحروقات ب75 مليار جنيه رغم الزيادات المقررة    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسويق التعليم وتشويه الهوية

في كتابه الذي نشر عام 1938‏ مستقبل الثقافة في مصر أعلن طه حسين رفضه للتعليم الأجنبي القائم في مصر متهما إياه بأنه لا يلتفت لحاجة الشعب وأغراضه ولا معني إلا بنشر ثقافة البلاد التي جاء منها‏,‏ والدعوة لهذه البلاد‏.‏ في إشارة إلي خطورة هذا النوع من التعليم علي هوية أبناء المصريين أوضح أنه يؤدي إلي تكوين تلاميذ المصريين علي نحو أجنبي خالص, وهذا خليق أن يبغض إليهم بيئتهم المصرية وأن يهون في نفوسهم قدر وطنهم المصري. لقد ظلت قومية التعليم مطلبا وطنيا منذ بداية القرن الماضي حتي عام 1956 بعد ثورة 23 يوليو حيث تم إلغاء هذا التعليم, وبعد مرور أكثر من 75 عاما علي كتاب مستقبل التعليم في مصر ل طه حسين, اجدني أعود إليه لتدعيم موقفي الرافض للتعليم الأجنبي وتأكيد خطورته علي وحدة المجتمع وثقافته. وهذا يعني أننا نعيد إنتاج نفس القضايا, وعلي ما يبدو أن حركة التطور في مصر هي حركة دائرية دائما نعود من حيث بدأنا.
ما دفعني للكتابة هذه المرة موقف أثار حفيظتي, في زيارة لأحد المدارس الخاصة استمعت فيه إلي أحد مديري المدارس وهو يستعرض أمام أولياء الأمور مزايا التعليم الأجنبي (الدولي) ويفند إيجابيات كل نوع (أمريكي انجليزي كندي) كي يفاضل الآباء بين احدهم, وفي سياق حديثه أشار إلي التعليم القومي بقوله (طبعا التعليم المصري فاشل وميئوس منه, ويؤدي إلي تخلف عقول الأطفال فيجب أن يستبعد من حساباتكم) وكان المدير يتباهي أنه استطاع تقليص عدد فصول التعليم القومي والتوسع في افتتاح فصول للتعليم الدولي بنفس المبني, أكثر ما كان يحزنني في هذا المشهد هو وجود الأطفال في مراحل عمرية مختلفة يستمعون إلي هذا الحديث, وتساءلت ما هي الشخصية المتوقعة لهؤلاء الأطفال, وكيف تتشكل شخصيتهم في هذا المناخ وهم يستمعون إلي هذا الكلام من شخص من المفترض أنه يدير مؤسسة تربوية ويقوم علي تربية جيل من المصريين, كيف تكون نظرة هؤلاء الأفراد إلي مجتمعهم وبيئتهم, كيق تكون النظرة إلي كل ما هو مصري, إن النتيجة الطبيعية هي تخريج جيل مغترب عن بيئتهم ومجتمعهم. كما حذر طه حسين من ذلك منذ أكثر من سبعين عاما.
جعلني هذا الموقف أقارن بينه وموقف إحدي الطالبات الأوائل في الثانوية العامة لهذا العام في حديث مع إحدي القنوات الفضائية عندما أشارت إلي أن البعض حاول إقناعها بالالتحاق بالدبلومة الأمريكية أو بشهادة الGCE لكنها رفضت لأنها تري أن التعليم المصري ليس سيئا كما يروج البعض, بل أنه يوجد بعض السلبيات التي يمكن إصلاحها, هناك فرق شاسع بين نظرة النقد المتعالية من شخص من المفترض انه مسئول عن مؤسسة تربوية ونظرة المحب الناقدة من طالبة تخرجت من هذا التعليم الذي نعت بالمتخلف, وان دل ذلك علي شيء إنما يدل علي دحض مزاعم هؤلاء المستفيدين من هذا التعليم (حيث تصل مرتبات القائمين عليه إلي أضعاف أضعاف نظائرهم في التعليم القومي في نفس المؤسسة التعليمية), من أن التعليم القومي يخرج شبابا ليس لديه القدرة علي التفكير والإبداع, حتي إني سمعت البعض يردد أن شباب الثورة من خريجي المدارس الدولية. وهذا غير صحيح.
يجب الإشارة إلي انه إذا كان للتعليم الأجنبي فوائد, فإن أهم مساوئه تلك النظرة المتعالية لكل ما هو قومي وهذا يختلف عن النظرة الناقدة, وما أحوجنا في ظل هذه الظروف إلي هذا النقد البناء, ما أحوجنا إلي من يمد يده إلي المجتمع كي ينهض به ويجذبه إلي أعلي لا يصعد فوقه, يعلو به لا يتعالي عليه. قد نكون جميعا نحب هذا الوطن, ولكن هناك فرقا بين أن تعمل من أجلك أنت أو من أجل الكل, لمصلحة فئة معينة أم للصالح العام, هذا ما نسميه الانتماء, إن التعليم القومي وهو وحده القادر علي خلق هذه الشخصية, وفي ذلك يقول طه حسين إن التعليم هو أيسر وسيلة في يد الدولة لتكوين الوحدة الوطنية بين أفراد المجتمع.
لكل نظام تعليمي هويته ومازلت مصرة أن أعيد ما اتفق عليه علماء التربية في العالم, من انه ليس ثمة ما يمكن اعتباره عملية تربوية محايدة, وفي ذلك يقول د. لسترسميث: إن التربية ونظم التعليم أشبه بالكائن الحي الذي ينمو في جو معين وتربة ذات خصائص مميزة, ويرتبط هذا النمو ارتباطا وثيقا بالظروف السياسية والاقتصادية والدينية التي يقوم فيها, والواقع أن نظم التعليم سلع لا يمكن تصديرها أو استيرادها, بل إن عمليات النقل إن تمت إنما تكون ذات خطر بالغ علي الجهة المستوردة, كما يؤكد د. محمود قمبر ذلك المعني, حيث يشير إلي أن النظم التعليمية في بلادها هي من نبت أرضها وتأثير مناخها, ولا توجد إلا في تربتها الأصلية وبيئتها المحلية, ومرة أخري فإذا كنا لا نفهم في الجغرافيا هلا قرأنا التاريخ.
المزيد من مقالات د. بثية عبد الرؤوف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.