عبد الناصر... نجومية رغم الرحيل (2) قد يكون صحيحا أن جمال عبد الناصر عجز- أو تقاعس- عن إنجاز المبدأ السادس من مباديء ثورة 23 يوليو 1952 والداعي إلي إقامة حياة ديمقراطية سليمة لكن الجماهير ظلت حتي وقوع نكسة5 يونيو 1967 تتفهم الظروف والاعتبارات التي لم تمكن جمال عبد الناصر من تنفيذ الاستحقاق الأخير في المباديء الستة للثورة بتحقيق الديمقراطية خصوصا في ضوء الكم الهائل من سلسلة التحالفات والمؤامرات والتحديات المتلاحقة- خارجيا وداخليا- والتي عكست وجود مخطط دولي وإقليمي يستهدف إجهاض حلم الثورة الذي بدأ يمتد إلي خارج الحدود ويشكل مدخلا لتحولات قومية ووطنية تتجاوز رقعة الوطن العربي لتشمل آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية... بل وتتجاوز طموحات الاستقلال الوطني لتأخذ أبعادا اجتماعية واقتصادية واسعة! إن الملايين التي مازالت ترفع صور جمال عبد الناصر حتي اليوم تنطلق من صدق الإحساس بأن الرجل أنجز بأكثر مما أخفق وإنه في مجمل الحساب السياسي والاستراتيجي تمثل مرحلة حكمه نقطة تحول تاريخية ليس للمنطقة العربية وحدها فحسب وإنما لكل دول العالم المتطلعة للحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال والكرامة الوطنية حيث كان ينظر إليه باعتباره الملهم الأكبر لكل حركات التحرر الوطني في العالم. والحقيقة أن أخطاء مرحلة حكم عبد الناصر وإخفاقاتها كانت أقل بكثير مما أنجزته في هذه المرحلة علي طريق إيقاظ الأمة العربية من سباتها وتنبيهها إلي ضرورة امتلاك إرادتها كمدخل ضروري لبدء الشروع في تحقيق أحلامها خصوصا ما يتعلق بحقها المشروع في الحصول علي نصيبها العادل من ثروتها المدفونة في باطن أرضها... وعلي الذين ينعمون بمليارات الدولارات من عوائد البترول أن يتذكروا أن الدول العربية- والخليجية تحديدا- لم تكن تحصل علي شيء يذكر من عوائد البترول قبل أن يطلق جمال عبد الناصر صيحته الشهيرة: بترول العرب للعرب عام 1956 لتتغير خريطة الثروة في العالم العربي وتتوقف عمليات النهب الأجنبي لعوائد البترول التي كانت تذهب في معظمها إلي الشركات الاحتكارية العالمية الكبري. وغدا نواصل الحديث
خير الكلام: أقوي الرجال... من يتواضع عن رفعة ويعفو عن مقدرة وينصف عن فهم! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله