مسكين الشعب المصري!.. ما إن كسر حاجز الخوف, وثار علي الطاغية وأسقطه, وتطلع إلي فجر جديد, وبدا أن حلم الديمقراطية والعدالة والحكم الرشيد بات قريبا حتي فوجيء بالطابور الخامس من بقايا النظام البائد والذي ينتشر أعضاؤه في جميع أصقاع الدولة يعيث فسادا وفوضي في أرضنا الطيبة دون أن يتصدي له أولو الأمر بالحزم الواجب والعقوبات الرادعة! والمدهش في هذه الظروف المضطربة التي تعيشها مصر أن يخرج علينا بعض الحقوقيين, ورجال القانون والسياسيين ليعارضوا تطبيق قانون الغدر بعد تعديله علي رموز الفساد السياسي في العهد البائد تحت دعاوي ومبررات حقوقية وقانونية متذرعين بأنه قانون استثنائي لايجوز تطبيقه, ونحن نسعي لإقامة دولة القانون والعدل, ونسي هؤلاء أن مصر تعيش بالفعل ظرفا استثنائيا لايحتمل المماحكة والتلكع وأحاديث الصالونات ومبررات لاتضع في حسبانها الواقع الثوري (كما في جميع الثورات الشعبية عبر التاريخ), حيث نواجه خطرا محدقا يتمثل في نواب برلمان سابقين حصلوا علي عضويته بالتزوير, وقيادات وأعضاء في الحزب المنحل يتربصون شرا بهذا الشعب الذي أسقط كبيرهم الذي جعل لهم أرض مصر وثرواتها حلالا مستباحا, ويتوقون بكل ما أتوا من قوة وعصبية وأموال وبلطجية إلي العودة مرة أخري إلي ممارسة العمل السياسي عبر المؤسسات الرسمية لعلهم يضعون العراقيل حقدا وحسدا أمام بناء مصر الجديدة, وينهلون من نهر الفساد الذي ظلوا ينهلون منه ثلاثين سنة بمباركة المخلوع وأسرته! إن القانون هو وسيلة الإنسان لتطبيق العدل, فأي قانون عادل هذا الذي يحول دون عقاب المفسدين لمجرد أنه لايتضمن مواد قانونية تجرم ما ارتكبوه من خطايا؟! فكيف بالله ونحن نتوق ونهضوا إلي مستقبل جديد واعد لمصر ألا نسعي لحماية بلدنا وأنفسنا من تلك الشخصيات الفاسدة التي انتهكت جميع الأعراف الأخلاقية والوطنية؟! وهل من سبيل إلي هذه الحماية إلا بتطبيق قانون عادل يحاسب هؤلاء المفسدين ويحاكمهم علي جرائم سياسية وأخلاقية! ارتكبوها في حق هذا الوطن؟! وسواء كان هذا القانون هو الغدر أو أي قانون آخر أو إضافة مواد صريحة واضحة لاتحتمل اللبس إلي قانون العقوبات تجرم الخطايا السياسية, فلابد من التوصل قبل الانتخابات البرلمانية إلي تشريع قانوني يحمي هذا البلد من أولئك الذين خانوا الأمانة وجعلوا ولاءهم لمصالحهم لا لمصر, وذلك بمنعهم كحد أدني للعقاب عن ممارسة العمل السياسي (ترشيحا وانتخابا) لمدة لاتقل عن خمس سنوات. نعم لقانون غدر جديد اذا كانت حجة المعترضين أن القانون الحالي قد عفا عليه الزمن, ولم يعد ممكنا قانونا تطبيقه بأثر رجعي, ولا تقتصر أهمية تطبيق هذا التشريع القانوني علي حمايتنا من كيد أعضاء الحزب المنحل فحسب, ولكن أيضا في اثبات الإدانة السياسية علي قيادات الحزب الفاسد المحبوسين احتياطيا وعلي رأسهم الرئيس السابق. محمد سعيد عز