ما بين معارض لإصدار قانون الغدر ومن يطالب بتعديله أري أن هذا الجدل لاطائل من ورائه, وان المنظومة القانونية الحالية والإعلان الدستوري2011 والبيان الصادر بعد الاطلاع علي هذا الدستور ترفض, بل وتحول دون صدوره, وليس ذلك فحسب بل ان قانون العقوبات الحالي فيه الكفاية, الكاملة لمعاقبة من أفسدوا الحياة السياسية, دون حاجة إلي الاثر الرجعي الذي سيكون طابع هذا القانون, إذا صدر.. وفي بيان ذلك: اولا: قانون الغدر الصادر سنة1952 والمعدل بعد ذلك سنة1953 صدر في ظروف استثنائية تحتمها ثورة1952 لتأمين نفسها, وملاحقة من أفسدوا الحياة السياسية, وكان لهذا القانون بما استحدث من جرائم وعقوبات سنده القانوني, لانه صدر في ظل الاعلان الدستوري الصادر سنة1952 والذي الغي دستور سنة1923 بكامل نصوصه بما في ذلك المادة التي كانت تنص علي انه لاجريمة ولاعقوبة إلا بقانون, ولا عقاب إلا علي الافعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها, ثم صدر الاعلان الدستور الثاني سنة1953 والذي حدد فترة انتقالية ثلاث سنوات تحكم فيها البلاد طبقا لمواد هذا الدستور وعددها11 مادة, ليس من بينها اي مادة تنص علي عدم الأثر الرجعي للقوانين.. واخيرا صدر دستور سنة1956 الذي انهي الفترة الانتقالية ونص في المادة36 منه علي انه لاجريمة ولاعقوبة إلا بقانون ولا عقاب إلا علي الافعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها. لما كان ذلك, وكان التعارض ظاهرا بين قانون الغدر الصادر سنة1952 الذي اباح الاثر الرجعي للجريمة والعقوبة, ودستور سنة1956 الذي الغي الاثر الرجعي, والذي نص صراحة علي ذلك, فان الدستور الذي هو أعلي من القانون, وهو اللاحق قد ألغي قانون الغدر الصادر سنة1952 بحيث لامجال إلي بعثه من جديد أو تعديله خصوصا وقد انتهت الفترة الانتقالية التي يدور معها وجودا وعدما. ثانيا: لاحاجة لصدور قانون جديد يعاقب علي الغدر وإفساد الحياة السياسية لأنه لو افترضنا جدلا أن قانون العقوبات الحالي لايعاقب علي هاتين الجريمتين, فإن قانون الغدر الجديد وحتي يعاقب علي هاتين الجريمتين المستحدثتين سيكون له أثر رجعي وهذا مخالف للإعلان الدستوري الصادرة في1102/2/31 وعلي البيان الصادر من المجلس الأعلي للقوات المسلحة في1102/3/32 وبصفة خاصة المادة91 التي تنص علي أن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة الا بناء علي قانون ولا توقع عقوبة الا بحكم قضائي, ولا عقاب الا علي الأفعال اللاحقة لتاريخ هذا القانون, وهو اي الأثر الرجعي مخالف ويتعارض مع المادة5 من قانون العقوبات التي تنص علي أن يعاقب علي الجرائم بمقتضي القانون المعمول به وقت ارتكابها. ثالثا: لايوجد تحديد دقيق للركن المادي لكل من جريمتي الغدر وإفساد الحياة السياسية, بل إن الغدر صورة من صور إفساد الحياة السياسية, كما ان إفسادها يشكل غدرا, واري ان كلا من كلمتي الغدر وإفساد الحياة السياسية تصلحان عنوانا تندرج تحته كل الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات, ومن أمثلة ذلك وبإيجاز شديد: نائب رشح نفسه وانتخبه الناخبون, لانه كذلك, ولما نجح انضم للحزب الوطني, ليستفيد من ولائه للسلطة وكعكتها الشهية, هذا النائب غدر بالذين انتخبوه ونصب عليهم جريمة النصب المادة336 وآخر اشتري العضوية بفلوسه فهو راش جريمة الرشوة المادة701 ولان كليهما فاسد ففسادهما انتقل إلي الحياة السياسية واستشري فأفسدتهما.. المادة375 المضافة بالقانون رقم6 لسنة1998 الواردة تحت عنوان الترويع والتخويف والبلطجة.. المادة125 المضافة بالقانون رقم63/ اذ579 الخاص بالتربح والمادة114 وما بعدها تحت عنوان اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر وليس اخرا فان المحاكم العادية حاكمت بعض رموز العهد السابق بتهمة إهدار المال العام, اي الغدر في قضية اللوحات المعدنية للسيارات وحكمت بالإدانة. صفوة القول.. لا لقانون جديد بالغدر يكون له اثر رجعي د. سعد واصف مصر الجديدة