رجوت الأستاذ محمد حسنين هيكل أن يوافق علي العودة إلي قناة مصرية يخاطب منها جمهوره المصري والعربي وقارئ الأهرام مباشرة من القاهرة, وكفي قناة الجزيرة ما حققته بسبب حلقات برنامج مع هيكل من شهرة ومكاسب ووثائق, فرد بالجملة التالية التي استأذنه بالإفراج عنها ولن أزيد: أنا اتحفظ علي قناةالجزيرة تماما عندما تتحول من تغطية ونقل الأحداث والأخبار إلي توجيه الأحداث في اتجاه محدد لتحقيق أهداف سياسية. كان هذا الرجاء حين جلست إلي الأستاذ للمرة الثالثة أثناء عرض الشكل الفني لحديثه مع الأستاذ لبيب السباعي الذي نشره الأهرام في مايو الماضي. وعندما التقي الأستاذ هيكل أسرة الأهرام في الشهر التالي اشترط علي الزملاء أنه سوف يجيب عن الأسئلة المرتبطة بالمهنة والأهرام والصحافة فقط حتي لا يخل بعقده مع أصحاب الجزيرة وهذه الجملة بالذات هي ما يؤكد ضرورة عودة الأستاذ إلي الجمهور المصري وقارئ الأهرام بعد ثورة25 يناير التي أكدت الحاجة إلي الاستماع من جميع القمم دون قيود.. خاصة إذا صاحبت الحاجة إلي عودته تحفظه علي أداء القناة القطرية لدورها الإعلامي. مناسبتان أجدد فيهما هذا الرجاء للأستاذ, الأولي هي عيد ميلاده الذي يحل في الثالث والعشرين من سبتمبر الحالي وهوالشهر الذي قرر فيه منذ ثماني سنواتالاستئذان في الانصراف في رسالة وداعية عبر الأهرام بعد تضييق النظام السابق عليه بما فيها الضغط لمنع حلقاته التي كان قد بدأها في قناة دريم, أما المناسبة الثانية فهي المذبحة التي تتعرض لها مهنة الصحافة المطبوعة والمرئية بسبب استمرار سيطرة رأس المال علي الإعلام بمجموعة من رجال أعمال وأحزاب قديمة ظلت تقاتل باستماتة من خلال صحفها وفضائياتها لتعويم النظام الفاسد, حتي يوم تنحي الرأس الكبير في11 فبراير الماضي. ورغم الحديث عن وهم الحرية الذي يبيعه لنا يوميا نجوم برامج التوك شو في الإعلام الخاص فإن هناك مستويين من الحماية يضمنان أداء النجم,الحماية التي توفرها علاقاته الخاصة بصناع القرار, وحماية أخري من صاحب القناة ورأس المال وطبقة المصالح, وفي كل الأحوال فإن النجم غالبا ما يكون أول من يطاح به حين تتعارض مصلحة صاحب رأس المال مع الأداء الإعلامي.. أخر الضحايا هي المذيعة اللامعة دينا عبدالرحمن مقدمة برنامج صباح دريم بعد ردها الشهير علي اللواء عبدالمنعم كاطو حين وصف إحدي كاتبات الأعمدة التي تستشهد بها في برنامجهاب المخربة فطلبت منه دينا أن يقدم لها قائمة لمن تقرأ أعمدتهم في برنامجها.. لكي تلفت انتباهه أنه تدخل في عملها, لكن صاحب القناة انتفض وقال للمذيعة كماأعلن بالحرف من بكرة فيه مذيعة غيرك ستقدم البرنامج! فقد حركته غريزة البقاء والخوف من مصير مجهول! الرجل معذور.. لأن البديل الوحيد أن يقفل الدكتور أحمد بهجت قناة دريم إنقاذا لأعماله كما قالت المذيعة مني الشاذلي ضمن حملة انطلقت عقب وقف صباح دريم مصحوبة بمقاطع من برامج سابقة للأساتذة إبراهيم عيسي وأحمد المسلماني ووائل الأبراشي وغيرهم لإثبات سجل دريم التاريخي في ممارسة الحرية.. رغم أن بعض هؤلاء تعرضوا للمساءلة أو أوقفت برامجهم ألا أن المشكلة لاتنته مع النجم عند وقف برنامجه.. بل هناك سلاح الشرط الجزائي وهو مليون جنيه في حالة دينا عبد الرحمن ينبغي أن تدفعها إذا ما أرادت كسر عملية تجميدها وترك قناة دريم الي قناة أخري! لن أناقش سبب الاعتذار عن وقف حلقات هيكل في دريم عام2003 قبل أن يوافق علي الهجرة إلي قناة الجزيرة, ولا عن الشخصية المصرفية الكبيرة التي خيرت رجل أعمال وقتها بين سداد الديون أو يشتري دماغه ويمنع برنامج من الكلام, ولن أسأل ماذا جري في الكواليس عقب إذاعة حلقة صباح دريم يوم الثلاثاء السابق لموقعة الجمل, واستياء رئيس القناة علي الهواء من المذيعة دينا عبدالرحمن وضيفها وائل قنديل واتهامهما بتهييج الرأي العام والتحريض علي النظام ؟! وفي نفس المسلسل.. ما هي الصفقة التي أطاحت بأحمد الصاوي من المصري اليوم, وهل تنتهي الصفقة بالحملة التي بدأت في وفد الخميس الماضي عن بزنس التطبيع؟ ولمصلحة من تم بيع وشراء جريدة الدستور قبل انتخابات2010 بأيام؟ ومن الذي أطاح بقلم رصاص حمدي قنديل إلي ومن الخليج.. الإجابة ننتظرها من رجال الأعمال أصحاب الإعلام الخاص, ليثبت كل منهم أنه فعلا تكلم ببراءة حين صمت الآخرون! الذي تكلم حين صمت الآخرون أو تحدثوا بدرجة أقل تأثيرا هو الأستاذ هيكل, ولم يستوعب أحد الرسالة عندما حذر من ديكتاتورية صناعة القرار المصري في مقالاته الشهيرة في الثمانينات, وعندما قال أن السلطة شاخت في مقاعدها منذ ما يقرب من عشر سنوات.. كما أن أول من طالب منذ سنوات بهيئة حكماء لوضع دستور مصري جديد هو الأستاذ محمد حسنين هيكل, الذي أكرر تهنئتي له بعيد ميلاده مع رجائي إجابته علي سؤال.. كيف يصبح الإعلام الخاص والقومي مستقلا بالفعل, وما هي تجربته في مقاومة ضغط السلطة وصاحب المال ومالك الوسيلة الاعلامية؟ المزيد من مقالات أنور عبد اللطيف