انتخابات قيادات الجامعة ليست هي الحل السحري للتعليم الجامعي, بل علي العكس فقد تكون وبالا عليه, وانتقاصا من قدسيته, فهي في الحقيقة مضيعة للوقت الثمين, ومهانة للجامعيين. :مضيعة لأنها ستدعو من يترشح للقيادة إلي الاستعداد لها, والتربيط مع الغير للفوز والنجاح, وقد يستدعي هذا التربيط أياما وأسابيع بعيدا عن أفكار العمل, بل قد يحتاج إلي شهور.. ومهانة لأنها ستجعل المرشح يطأطئ رأسه لمن هم أقل منه علما وخبرة, ويطلب الرجاء والمعونة لمن هم أقدم منه, وأكثر منه معرفة وإنتاجا. ليس هذا وحسب بل إن الانتخاب سيحتاج علي مدي الأيام إلي تكوين الشلل. وسيعمل كل ساع إلي المنصب علي توسيع دائرة شلته, وأن يعزز من قوتها وهيمنتها, بما قد يصحب ذلك من محاباة للأنصار والمريدين, وتمهيد الطريق لهم في أعمالهم, وغض البصر عن المعارضين, وإعاقة أعمالهم, ووضع السدود أمامهم وهو ما لمسناه في بعض العصور السابقة التي بليت باختيار بعض القيادات الجامعية بالانتخاب. والعجيب أن البعض دعما لرأيه يدعي أن هذه هي الحضارة, وأن جامعات الخارج كلها تفعل ذلك, وهو ما يجانبه الصواب.. فالجامعات كما رأيت وتابعت بنفسي في أوروبا تناصر الأقدمية والخبرة والعلم, خاصة في الكليات العملية, وما استشهاد البعض بالخارج إلا نغمة دارجة, استخدمت في الكثير من المجالات, هنا في مصر, وكثير من البلاد النامية. والعجيب أكثر أن إحدي الكليات رأت أن تنتخب عميدا هكذا وبوحي من فكرها ولم تفطن إلي أنها بذلك تخرج عن الصف الجامعي, الذي نرجو أن يبقي دائما موحدا, ومكفولا إلي جانب استقلاليته, بقوة وضياء نوره, وطالبت باعتماد الاختيار, بل ولامت الحكومة علي تأخرها في البت في الأمر, واتهمتها بتقديم رجل وتأخير الأخري, وعدت هذا تخاذلا. مع أن الحقيقة أن تقديم الرجل والتأخير هو في المصلحة. فما قد تقرره اليوم, قد يثبت خطؤه غدا, وقد يؤدي إلي السوء بدلا من أن يقود إلي الخير. وقد باشر أحد الأقسام عندنا هذا المفهوم, ولكنه اختار الأقدم والأحسن والأعلم, وأرسل اختياره, لا مصرا عليه, ولكن مقترحا ومساعدا في الاختيار. ولا أدري ما الخوف من التعيين, أليس من المفروض أن من سيتولي البلاد بعد ذلك, ومنهم وزير التعليم العالي, أناس انتخبهم الشعب وفرز معدنهم, فهم من باب أولي, أهل ثقة ولن يختاروا إلا الصالح, ولن يستبعدوا إلا الطالح. ثم إننا نسينا أن هناك مجالس للأقسام والكليات بل والجامعات, هي المخولة بالقرارات, وهي الواجب تدعيمها ودعمها بالتحفيز والتشجيع إلي جانب القانون. وهي كما أريد من إنشائها تقرر ما تراه, تاركة لرئيسها التنظيم والتنسيق. فمهلا أيها السادة ولا تتعجلوا, وراجعوا موقفكم, وابحثوا الموضوع بروية شديدة, حتي لا نتخذ قرارا اليوم وتقوم قيادات ثم نهدمها غدا ونهيل عليها التراب. د. عادل أبو طالب جامعة بنها