تتمتع البعثات الدبلوماسية للدول الأجنبية بحصانة دبلوماسية وفقا لإتفاقية فيينا 1961 تشمل أيضا الدبلوماسيين العاملين فى السفارات والقنصليات فى الدول المضيفة، ووفقا للقانون الدولى وللأعراف الدبلوماسية المعتمدة تلتزم الدولة بحماية مقر البعثات الأجنبية ضد أى خروقات أو تهديدات او اقتحام. كما تعتبر السفارة جزءاً من أراضى الدولة الأجنبية ويسرى عليها قانون دولتها ويمثل اقتحامها إنتهاكاً لحدود هذه الدولة وتعديا على سيادتها. اقول هذا بعد الأحداث العنيفة التى جرت مساء يوم الجمعة الماضية وامتدت حتى فجر أمس السبت والتى اسفرت عن اقتحاد مبنى السفارة الاسرائيلية بميدان جامعة القاهرة من جانب عدد من الشباب الغاضبين الذين توجهوا للسفارة بعد مشاركتهم فى جمعة تعديل المسار المطالبة بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين. لاشك أن ما قام به هؤلاء الشباب – على الرغم من تقديرى للأسباب التى دفعتهم لذلك إثر الحادث الإجرامى للقوات الاسرائيلية ضد الجنود المصريين فى سيناء مؤخراً والعضب الشعبى الهادر – إلا أن ذلك لا يجب أن يمر مرور الكرام، أو ينسي أحداً أن مصر دولة عظمى صاحبة حضارة وتاريخ يرجع إلى سبعة آلاف سنة، تحترم تعهداتها وتكرم ضيوفها حتى ولو كانوا من الدولة الاسرائيلية التى وقعت معها معاهدة سلام عام 1979 استعادت مصر بموجبها أرضها المحتلة وأوقفت الحروب على مدى الثلاثين عاماً الماضية، وتمتع بمقتضاها شباب هذا الجيل واجيالا عديدة بالسلام . إننى شخصياً كنت ومازلت أرفض الصلح المنفرد الذى وقعه الرئيس الأسبق الراحل أنور السادات مع أسرائيل واستعاد به الأرض المصرية المحتلة لأنه كان صلحاً ناقصاً لم يبدد شبح الحروب أو يعيد كامل الأرض العربية المحتلة وأبقى على حمم النيران مشتعلة فى فلسطينالمحتلة والجولان وجنوب لبنان، فى نفس الوقت أعلم أن التاريخ يسجل أن السادات استطاع استعادة أرض سيناء دون إراقة قطرة دماء واحدة، وهو أمر غير صحيح بدليل أن دماء الجنود المصريين مازالت خضراء لم تجف بعد على أرض الفيروز نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية المتتالية على الحدود، وبعد ما تبين وجود بنود فى معاهدة السلام تلزم مصر بوجود محدود من قوات الشرطة على الحدود . الخلاصة أن ما حدث من إعتداء على حرم سفارة دولة اسرائيل هو أمر غريب على أخلاق الشعب المصرى العظيم ، وسوف تستفيد منه تل ابيب سواء فى مجلس الأمن اوإذا صعدت القضية إلى محكمة العدل الدولية أو حتى على مستوى العلاقات الثنائية لمدة لن تقل عن عشرين عاما لأن ماحد يمثل إعتداءا صريحاً على سيادة سفارتها وإهانة كبيرة للدولة الاسرائيلية . إن إنزال العلم الاسرائيلى أو حرقه لايعنى بالطبع إلغاء معاهدة السلام او نقضها من جانب مصر باعتبار أن القضية أكبر من ذلك بمعنى هل نحن مستعدون فى ظل هذه الظروف الدقيقة التى تمر بها البلاد إلى فتح جبهه للتوتر مع دولة مجرمة تشتقاق بطبيعتها للحروب فى حين أن الحدود سواء الشرقية والغربية لنا ملتهبة ، وهناك مخاطر فى الجنوب مع دول حوض النيل لا تخفى على أحد . رفقا بمصر أيها الغاضبون من أجل حماية الثورة البيضاء التى كانت وستظل محل فخر لنا بين شعوب العالم .