الذهبُ معدنٌ لا يخبو من قلوب الناس، بل سَكن إليها بالفطرة، ولطالما سلبَ الذهبُ عقولَ الناسِ ودفعهم إلي بذلِ جهودٍ حثيثةٍ لامتلكِه، ومع ذلك فثقافة شرائِه تغيبُ عن كثيرٍ من عُشقِه، مع أنها لا تتجاوزُ بعضُ الإرشاداتِ البسيطة، ولا ينبغي لمن يُلم بها أن يكون متخصصا. ومع تحقيق الذهب لمكاسب بلغت 30 % من بداية العام، حيث لامس الذهب مستوي 1365 دولار للاوقية، ومحليا تجاوز عيار 21 قيمة 412 جنيه، فقد أكدت تقارير مجلس الذهب العالمي خلال الأربع سنوات الماضية إلي إقبال المصريون علي شراء الذهب في صوره المختلفة من المشغولات والسبائك والجنيهات، مرجعة ذلك إلي الرغبة في الإستثمار الآمن في ظل الأحوال السياسة المضطربة التي شهدتها البلاد، حيث بلغ حجم استهلاك المصريين من الذهب خلال عام 2015 إلي 41.4 طن مقابل 55.5 طن في عام 2014. ولا تخرج الصورة المعتادة لإقبال المستهلكين علي شراء الذهب عن تجمع الأهل والأصدقاء بصورة مبهجة أمام محلات الذهب، يتخللها الزغاريد ومساعدة العروس في إختيار قطع الشبكة، لكن هذه الصورة لا تتجاوز عن كونها إحدي صور الإلهاء، ليكتشف المستهلك بعد ذلك أنه وقع فريسة للنصب من بعض التجار معدومي الضمير، ولا يعرف ذلك الإ حينما يذهب لبيعه. وذكر وائل علي ( محاسب )، أنه تعرض لعلمية النصب أثناء شرائه للشبكة، ولم يتضح له ذلك الإ عندما توجه إلي أحد محال الذهب لبيعه، حيث إكتشف وجود تلاعب في وزن القطع، فقد نُصب عليه في 6 جرامات، بالإضافة إلي وجود بعض المشغولات غير المدموغة، وعدم مطابقة بعض القطع مع بيانات الفاتورة. وأشار " د. أيمن عفيفي "، أستاذ تصميم الحُلي، ومدير مركز فنون الذهب والمجوهرات، إلي أن إفتقار المستهلك إلي ثقافة شراء الذهب تُعرضه بصورة كبيرة إلي الوقوع في عمليات النصب من قبل التجار معدومي الضمير. وذكر العميد "محمد حنفي"، رئيس مصلحة الدمغة والموازيين، أن إحصائيات المصلحة تؤكد إنتشار عمليات النصب علي المواطنين، إذ ارتفاع حجم المضبوطات من الذهب خلال عام 2015 مقارنة بالأعوام السابقة، فقد بلغ حجم المضبوط من الذهب إلي 61.354 كيلو مقارنة مع 2014 الذي بلغ 50 كيلو، بينما بلغ في 2011 إلي 3 كيلو فقط، وقد تم تحرير 415 محضر، معظمها لمشغولات ذهبية بدون دمغة. ويشير خبراء الذهب والمجوهرات إلي أن هناك مجموعة من الإرشادات التي يجب علي المستهلك الإلمام بها لتحميه من الوقوع في الغش، مثل " معرفة أسعار الذهب، والتاكد من دمغ المشغولات الذهبية وسلامة العيار، ومراجعة وزن المشغولات وبيانات الفاتورة، وإختيار الصائغ. يقول "عفيفي"، علي المستهلك أن يعرف سعر الذهب قبل التوجه لشرائه، كما أن كثيرا من المستهلكين يتابعون أسعار الذهب من خلال الصحف ويعتمدون عليها في الشراء، وهذا خطأ، لأن أسعار الذهب غير ثابتة فهي تتغير كل ساعة تقريبا وفقا لمتغيرات تتحكم في أسعاره، حيث يرتبط سعر الذهب العالمي بعلاقة عكسية مع أسعار الدولار، لذلك يجب علي المستهلك التعرف علي أسعار الذهب من خلال مصادر تُحدث أسعاره بصورة دائمة. بينما يشير " أمير رزق"، عضو الشعبة العامة للذهب بالغرفة التجارية،وعضو رابطة مصنعي الذهب، إلي أن المستهلك يشعر بوجود تضارب بين أسعار الذهب المعلنة في وسائل الاعلام والاسعار الأخري المتداولة في الأسواق، مؤكدا علي انه الاسعار المعلنة في وسائل الأعلام غير صحيحية، لأنها تعتمد علي تحويل الأسعار وفقا لسعر الدولار المعلن من قبل البنك المركزي، وهذه هي الأزمة، فالبنوك وشركات الصرافة عاجزة عن تلبية إحتياجات السوق من الدولار، بالإضافة إلي غياب الرقابة من الحكومة علي سوق العملة، مما أدي إلي إنتعاش السوق السوداء للدولار. ويوضح " مدحت البيراقدار"، كبير أخصائي الذهب بمصلحة الدمغة والموازيين ( سابقا )، إن قوانين الدولة تنص علي عدم تداول أي من قطع المشغولات الذهبية دون دمغها داخل مصلحة الدمغة والموازيين، حيث تدمغ القطع بأقلام خاصة ووفقا للعيار، فالمشغولة الذهبية من عيار 21 تدمغ بأقلام تحمل علامة العيار 21. كما يشير "البيراقدار" إلي ضرورة توعية المستهلك بعدم شراء أي قطع من المشغولات الذهبية غير المدموغة، أو المدموغة بدمغة مزيفة، مؤكدا علي وجود دلالات تجعل المستهلك مطمئن لسلامة دمغة وعيار المشغولات، مثل وضوح الدمغة، فالدمغة المزيفة لا تكون واضحة لأنها مدموغة باقلام مزيفة. ويشير "مدحت البيراقدار" إلي أهمية تأكد العميل من وزن المشغولات الذهبية أثناء الشراء. و يوضح " عفيفي " إلي أهمية تأكد المستهلك من مطابقة مواصفات المشغولات الذهبية مع بيانات الفاتورة التي يحررها لها المحل، حيث أنها إحدي الوسائل التي يتم التلاعب من خلالها أثناء عملية شراء الذهب فأي خلل في هذه البيانات يؤدي الي عدم الإعتراف بها، خاصة وأن بعض المحال الآن تشترط الحصول علي الفاتورة في حالة بيع المشغولات. يشير " فؤادي عبد الباقي" إلي أهمية توجه المستهلك إلي المحال والصائغين ذو السمعة الطيبة، بالإضافة إلي أسواق الذهب ( المجمعة ) مثل شارع الصاغة بالحسين وميدان الجامع وشارع فرنسا وغيرها من الأسواق المنتشرة في المحافظات، فهي حاضنة لكثير من أهل المهنة القدماء الذين توارثها عن أجدادهم ويحافظون عليها، بل يغيرون عليها، بعيدا عن التجار المنتشرين أو " دخلاء المهنة "، فهناك فرق بين من يحافظ علي مهنة أجداده وأولاده مستقبلا وبين دخلاء المهنة الذين يلهثون وراء المكسب السريع.