مع تحقيق المعدن الأصفر لمكاسب كبيرة من بداية العام بلغت 22 %، ومنها 5.8 % خلال أبريل الماضي، وتجاوز الذهب مستوي 1300 دولار للأوقية، وارتفاع 8 % أخرى بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، مادفع المستثمرون إلى الإقبال على الذهب باعتباره أهم الملاذات الآمنة بعد تراجع الجنيه الاستراليني أمام العملات الأخرى. وقد انعكس ذلك على أسعار الذهب بالسوق المحلية، إذ وصل سعر جرم الذهب عيار 21 إلى 410 جنيهات بدون المصنعية والدمغة والضريبة، ما يعني تجاوز قيمة الجرام 460 جنيها على الأقل، مما يصيب السوق بحالة من الركود خاصة مع نقص السيولة لدى المواطنين، وعزوف الشباب عن الزواج بسبب ارتفاع أسعار المعدن الأصفر إذ تشترط بعض الأسر على الشباب تقديم شبكة من الذهب غالية الثمن. لكن ما الذي جعل أسعار الذهب عائق أمام الشباب المقبل على الزواج؟ 1- سعر الذهب محليا يرتبط بالأسعار في البورصة العالمية يشير "نادي نجيب"، سكرتير شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة، إلى أن سعر الذهب بالبورصة العالمية، هو من أهم العوامل التي يتحدد عليها سعر الذهب بالسوق المحلية، فارتفاع وانخفاض سعر المعدن الأصفر بالأسواق، يتوافق مع الارتفاع والانخفاض عالميا. 2- يتأثر سعر الذهب بسعر الدولار في السوق السوداء ويشير الدكتور واصف أمين واصف، رئيس شعبة للذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، إلى أن سعر الدولار بالسوق السوداء هو العامل الثاني المتحكم، في أسعار الذهب بالسوق المحلية، مؤكدا أن الأسعار المعلنة خلال وسائل الإعلام غير صحيحية، لأنها تعتمد على تحويل الأسعار وفقا لسعر الدولار المعلن من قبل البنك المركزي، وهذه هي الأزمة، فالبنوك عاجزة عن تلبية احتياجات السوق من الدولار، بالإضافة إلى غياب الرقابة من الحكومة على سوق العملة، مما أدى إلى انتعاش السوق السوداء للدولار، وبالتالي أصبح من الواضح أن هناك سعرا موازيا لسعر الذهب الرسمي. وأضاف: "مع استمرار أزمة اختفاء الدولار من الأسواق وعدم تلبية البنوك لاحتياجات تجار ومصنعي الذهب أصبح سعر الدولار المتداول في السوق السوداء هو السعر الرسمي للتعامل في سوق الذهب. 3- اشتراط الأهل شبكة غالية الثمن قال إيهاب مختار، رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بأسيوط، وسكرتير عام مساعد لشعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن محافظات الصعيد تعد من أكبر مستهلكي الذهب محليا، خاصة محافظتي سوهاج وأسيوط، على الرغم من تدني الظروف المعيشية والحالة الاقتصادية الصعبة بمحافظات صعيد مصر، مقارنة بباقي محافظات الجمهورية. وأشار مختار إلى أن محافظات الصعيد تستحوذ على 40 % من حجم استهلاك الذهب في السوق المصرية، نتيجة الثقافة المجتمعية التي تنظر للذهب كوعاء إدخاري آمن، بالإضافة إلى ارتفاع قيمته كمهر في عادات الصعيد. ويعد مغالاة أهل العروس في الشبكة من أهم معوقات الشباب المقبلين على الزواج، حيث تطلب عائلة العروسة مساواة ابنتهم بابنة عمها أو خالها أو إحدى قريباتها أو جاراتها التي تزوجت بقيمة معينة وألا تقل تلك القيمة عنها بل تزيد ويتدخل الأهل لمحاولة التخفيف من الأعباء الواقعة على كاهل العريس وأهله ولكن في أحيانا كثيرًا دون جدوى ويستسلم العريس في النهاية لقيمة الشبكة التي طلبها أهالي الفتاة. ففي بعض محافظات الصعيد تتمسك الأسر بتقديم 100 جرام من الذهب أو شراء شبكة بقيمة 50 ألف جنيه، وفي بعض الأحيان يشتري العريس جزء ويكتب عليه وصل أمانة بقيمة الباقي، وفى المقابل تعتبر المدن فى جميع المحافظات هى الأقل تمسكًا بالشبكة، إذ تتساهل الأسر نسيبًا مع العريس، وتكتفى الغالبية بالدبلة والمحبس أو الخاتم فقط. جدير بالذكر أن فاتورة من أحد متاجر المجوهرات بالصعيد وبالتحديد محافظة سوهاج أثارت موجة من السخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعى، منذ عدة أشهر بعدما أفسدت خالة العروس مراسم شراء الشبكة لمطالبتها بإضافة 4 غوايش للشبكة التى بلغت قيمتها 121 ألف جنيه. ونقلت إحدى الصفحات على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" عن صاحب محل المجوهرات قوله: "عريس زى القمر وعروسة زى الفل.. اختاروا الشبكة اليوم وكانوا فى قمة السعادة.. تدخلت الست خالة العروسة وقالت: "لا والله ما يحصل الشبكة دى قليلة.. عايزين 4 غوايش تانى".. كلمة من هنا وكلمة من هنا اتفشكلت الجوازة، والعيلتين اتعصبوا على بعض وأنا راح عليا تعب ساعة ونص فى المحل.. رغم أن الشبكة كويسة وممتازة، وإنما النصيب غلب". 4 - المصريون يفضلون الذهب على العيار يشير صديق المهدي مدير شركة لازوردي أن المصريين يقبلون على شراء الذهب عيار 21 أكثر من عيار 18 وإن كان هذا يختلف من محافظة إلى أخرى حيث يتركز الاقبال فى محافظاتالاسكندرية والقاهرة ومراكز محافظات الوجه البحرى على الذهب عيار 18 فى حين يتركز اهتمام العملاء فى جميع محافظات الصعيد وقرى الوجه البحرى على اقتناء الذهب عيار 21. 5- الذهب المستعمل «فال وحش» يعد الذهب أفضل وعاء ادخاري يقبل عليه الناس، اذ يختفظ بقيمته على مدار التاريخ، لذا تجد رواجا كبيرا لتجارة الذهب المستعمل أو ما يسمي "الأدمون"، وهو الذهب الكسر الذي قام المواطنون بيبيعه لتحقيق مكاسب أو تغير موديلاته، وعلى الرغم من أن القانون لا يسمح بهذه التجارة إلا أنها لها سوق كبير، نظرا لانخفاض النعية والتي لا تتعدى 5 جنيهات. ومع ذلك تتعنت بعض العائلات في شراء الذهب المستعمل كشبكة لابنتهم، على الرغم من ارتفاع سعر الذهب، لكن فقط تنخفض المصنعية، حيث تتعنت كثير من العائلات، في أن يبدأ أبنائهم حياتهم الزوجية بشراء شبكة من الذهب المستعمل بدافع المحافظة على التقاليد، بل البعض منهم يعتبر ذلك "فال سيئ"، وقد يكون شؤم أو لعنة على زواجهما في المستقبل، ولكن هناك حالات كثيرة واقعية يلجأ الناس فيها إلى شراء الذهب المستعمل للزواج، وقد نجحت هذه الزيجات واستمرت فترات طويلة، ليس هناك أي تأثير سيئ على الحياة الزوجية بشراء خاتم خطوبة من الذهب المستعمل. 6– غياب رقابة الدولة على أسعار الذهب غياب الدولة عن الرقابة على أسواق الذهب، وترك زمامها، ليتحكم فيها كبار تجار ومصنعي الذهب، إذ يتحكم في أسعار الذهب بالسوق المحلية، فئة تعرف بالمسؤوجية أو "تجار الذهب الكسر"، فعندما ترتفع الأسعار بالسوق المحلية ويقبل المواطنون على بيع ما لديهم، يحددون أسعار أقل من السعر العالمي للاستفادة من فرق السعر. ويشير خالد رمضان، تاجر كسر بالصاغة، إلى أن تجار الذهب الكبار، يقفون وراء تحديد سعر الذهب عند حد معين بالسوق المحلية، لتحقيق مصالح كبيرة، من خلال سحب الذهب الكسر من السوق وتهريبه للخارج، خاصة دبي وبعض المناطق العربية، وبيعه بسعر الدولار العالمي مما يعود عليه بمكاسب كبيرة تصل إلى 15 مليون في سعر الطن. وعلى النقيض فعندما تنخفض الأسعار عالميا، يقومون بتحديد هامش تصدير، إذا تنخفض كمية المعروض من الذهب نظرا لإقبال المواطنين على الشراء أكثر من البيع، فيتم تحديد هذه النسبة كتعويض لهم عن توقف التصدير للخارج، فيصبح على الأقل السعر المحلي أعلى 10 جنيهات عن السعر العالمي. 7- ارتفاع قيمة المصنعية على الذهب تعد المصنعية هي أحد العوامل التي تتسبب في ارتفاع القيمة الإجمالية لجرام الذهب، حيث يطلق عليها "ربحية الجرام" وهي ثمن تصنيع جرام الذهب بخلاف سعره بالبورصة العالمية، والمصنعية هي أيضا وسيلة للتجار لتحقيق مكاسب كبيرة في بيع المشغولات الذهبية وتعويض خسائرهم خاصة عندما تنخفض أسعار الذهب. ومن جانبه قال عمرو سعيد، تاجر ذهب بالصاغة، إن تجار الذهب بالتجزئة "محلات الذهب"، يقومون بالتحايل على الزبائن لتحقيق مكاسب، مشيرا إلى أن كل تاجر يحقق مكسبه بطريقته. وأشار سعيد إلى أن تجار الذهب يتحايلون على المواطنين من خلال أمرين الميزان والمصنعية، لافتا إلى أن التاجر يقوم بالنصب على المواطن في نصف جرام أو جرام، ليحقق مكسبه من البيعة.