تشكل ظاهرة صعود السياسي اليميني الشعبوي الأمريكي دونالد ترامب قلقًا للعديد من المثقفين سواء في العالم العربي أو خارجه وجدلا ثقافيًا يكاد يشمل العالم قاطبة. ويتزايد هذا القلق المصحوب بالجدل على وجه الخصوص بعد أن حصل دونالد ترامب على العدد المطلوب من أصوات المندوبين لضمان ترشيح الحزب الجمهوري له في انتخابات الرئاسة الأمريكية فيما سيعلن هذا الحزب في شهر يوليو المقبل رسميًا عن مرشحه في الانتخابات. وتفوق الملياردير دونالد ترامب على 16 آخرين كانوا يأملون في نيل ترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية فيما بدأ المرشح الأوفر نصيبًا لخوض هذه المعركة الانتخابية في شهر نوفمبر القادم. وفي طرح مشترك نشرته دورية "نيويورك ريفيو" بأقلام رونالد رابوبورت وآلان ابراموفيتز ووالتر ستون فان "ظاهرة صعود ترامب" التي اثارت دهشة العديد من علماء السياسة وكبار الكتاب والمثقفين البارزين هي في الواقع "ظاهرة حتمية" ولم يكن بالوسع وقفها أو وأدها. وبعد استعراض مسهب للمشهد الانتخابي التنافسي داخل الحزب الجمهوري يرى كتاب هذا الطرح أن الماكينة الانتخابية الداخلية في هذا الحزب افرزت المرشح المؤهل اكثر من غيره للتنافس بقوة مع مرشح الحزب الديمقراطي لاقتناص الفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة. ورغم ان مواقفه وبياناته وتصريحاته العنيفة حيال المسلمين والمهاجرين المكسيكيين للولايات المتحدة تثير قلق بعض قادة الحزب الجمهوري الا انها تلقى هوى في نفوس كتلة كبيرة من الناخبين الأمريكيين حسب هذا الطرح المشترك. وحتى "خطاباته الشعبوية في قضايا الاقتصاد" تلقى هوى في نفوس العديد من الناخبين الأمريكيين وتعزز موقفه الانتخابي و"تصنع من دونالد ترامب ظاهرة حتمية" في المشهد السياسي الأمريكي الراهن كما يتفق الكتاب الثلاثة في طرحهم المشترك. ولعل ذلك يفسر اعلان رئيس مجلس النواب الأمريكي بول ريان والذي يوصف بأنه من "القادة المحترمين للحزب الجمهوري" تأييده لدونالد ترامب الأمر الذي اثار صدمة لدى مثقفين داخل امريكا وخارجها باعتبار ان ترامب يمثل "الشعبوية الرخيصة والقبح " على حد تعبير صحيفة "واشنطن بوست". ولاريب أن مايحدث في الولاياتالمتحدة التي مازالت تعد من أقوى الدول المؤثرة بشدة في مسارات العلاقات الدولية والتحولات في مناطق العالم ومن بينها منطقة الشرق الأوسط بما فيها العرب فى وقت يتفق فيه العديد من المحللين على أن منطقتهم تمر بمخاض صعب وصراعات ساخنة وباردة في سياق محاولات لاعادة رسم خارطة المنطقة ودولها.