حكايتنا اليوم عن آية عظيمة وكنز من كنوز القرءان الكريم يقول فيها المولى عز وجل ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [ سورة الإسراء: 82]. بيان هام وتصريح من الله العليم الخبير لخلقه أجمعين يخبرهم فيه انه سبحانه وتعالى ينزل لهم من القرءان ما هو شفاء والشفاء لا يكون إلا من مرض وشفاء هنا جاءت لتدل على أنه شفاء عام لكل الأمراض التى تصيب الإنسان أمراض النفس والعقل والبدن فالإنسان مركب من روح نورانية تشتمل على نفس وعقل وجسد مادي والباحث عن اسباب الأمراض التى تصيب البدن وتعرض له سيجد ان اكثرها بسبب مرض النفس والعقل حيث يلقى الإنسان بنفسه إلى التهلكة احيانا بسبب مرض نفسه وعقله فجاء القرءان الكريم ليكون شفاء للنفس من الزيغ واتباع الهوى والشهوات المحرمة وللعقل من الشك والأفكار والآراء المضللة مما يضمن سلامة الروح والجسد. في علاج المرضى بصفة عامة نجد ان الأطباء يصفون الدواء ويجرون العمليات ثم يطلبون الراحة النفسية للمريض مثل عدم ازعاجه والعمل على إدخال السرور عليه وإحضار الورود اليه وهو ما يطلق عليه فى الطب التأهيل النفسي كل هذا يندرج تحت علاج الروح وهو عامل رئيس لعلاج البدن فقد ياخذ مريض الدواء ويجري العمليات ولا يشفى بسبب حالته النفسية التى لم تعالج بنفس القدر لهذا جاء القرءان ليكون علاج عام للروح والبدن مع الاخذ بالأسباب التى هي سنة القرءان الكريم ليكون الشفاء عام أيضا. وعندما يقول الله سبحانه وتعالى وننزل من القرءان ما هو شفاء يتبين لنا ان من حكمة الله سبحانه وتعالى تنزيل القرءان منجما على رسوله الكريم النبي محمد صل الله عليه وسلم على فترات تماما مثل الدواء الذى يحب ان يأخذ على جرعات صغيرة متتالية ومستمرة فلو اخذ مريض علبة الدواء دفعة واحدة هلك لكن الطبيب ينصحه ان يأخذ حبة من الدواء كل فترة حتى ينتهى العلاج ليشفى بإذن الله. ثم يقول الله عز وجل ورحمة للمؤمنين للمؤمنين به المصدقين لكلامه المعتقدين حقا انه شفاء المنفذين لأوامر الطبيب فإذا وصف لك طبيب علاج وامرك ان تفعل كذا وكذا وتبتعد عن كذا وكذا فلم تسمع كلامه ولا تلتزم بالعلاج ولم تنفذ كلامه فلن يتحقق الشفاء التام فالقرءان رحمة من الآفات كلها للمؤمنين به . ولا يزيد الظالمين إلا خسارا فالإنسان الذى لا يؤمن بالله وآياته وكتبه ورسله يكون ظالم لنفسه ولمن حوله تخيل انسان لم يتحصن من الأمراض فيكون عرضة للمرض وحينما يمرض يرفض العلاج فيزداد مرضا يوما بعد يوم حتى يهلك . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا .
