عن دار العربي للنشر والتوزيع صدر كتاب "الصحافة وخطاب المواطنة" لرامي عطا صديق. الكتاب يتناول علاقة الأقباط بالصحافة المصرية وهذه العلاقة معكوسة.. يرصد الباحث تاريخ تأسيس الأقباط لصحف مصرية منذ نهايات القرن التاسع عشر، حتي القرار الأخير بتخصيص ثلاث جرائد يومية صفحة للأقباط. يري الباحث أن هذه الصفحات المتخصصة عليها أن تركز "علي المجال الخاص للمواطنين الأقباط، أما حركة المواطنون الأقباط في المجال العام فهي شأن مدني عام ربما ليس من الحكمة أن نحدده أو نخصصه في صفحة من صحيفة أو باب صحفي خاص" بينما يعتبر صديق أن الصحافة التي أصدرها وأسسها الأقباط في مصر لم تكن صحافة منغلقة، بل أن أول هذه الصحف وهي صحيفة "الوطن" التي أسسها ميخائيل عبد السيد عام 1877 كانت تأثراً برسوخ مبدأ المواطنة، فقد كانت الجريدة سياسية أدبية تجارية، لكنها لم تغفل تناولها للشأن القبطي.. هذه الجريدة مرت بفترات توقف متعددة، تعثرات مالية، ونقل ملكيتها لأقباط آخرين حتي عطلها رئيس الوزارة إسماعيل صدقي عام 1930. تجربة صحفية أخري مارسها الأقباط، ولكنها هذه المرة بأسيوط حيث صدرت جريدة "ألنزهة" الأدبية العلمية الفكاهية، وكان مديرها جورجي خياط، ومحرراها خليل إبراهيم ويوسف تادرس(صدر العدد الأول منها بتاريخ الاثنين 15 فبراير 1886). عن العلاقة الملتبسة، والشائكة، بين الصحافة والأقباط كتب صديق كتابه محاولاً دفع الصحافة المصرية ل"تبني رؤية موضوعية في معالجتهم الإعلامية / الصحفية التي يقدمونها في وسائل الإعلام التي يعملون بها تقوم علي أساس مبدأ المواطنة".. ينقسم الكتاب إلي أربعة فصول هي:" المواطنون الأقباط وصناعة الإعلام..قراءة في المشهد الصحفي"، "المواطنون الأقباط في الصحافة المصرية"، "الصحافة والصحفيون قضايا ومواقف"، و"دليل أولي عام ..نحو تأصيل صحافة المواطنة". اللافت في الكتاب أن الباحث يطالب الصحافة والصحفيين بعدم تقسيم وحدة "الجماعة الوطنية المصرية" إلي مسلمين وأقباط، في حين أنه يمارس ذلك داخل الكتاب! ربما كان ذلك لأن الوصف لا مفر من استخدامه فتحت عنوان "(1) المواطنون الأقباط وصناعة الإعلام ..قراءة في المشهد الصحفي" يكتب صديق: " لا ننظر لهذ الصحف التي أصدرها الأقباط وكأنها صحافة أقلية أو طائفة، بل أن تلك الصحف تشكل في اعتقادنا جزءاً من الصحافة المصرية علي امتداد تاريخها الذي يمتد لما يقرب من قرنين من الزمان".. إلغاء الوصف أو التصنيف ليس مطلب الباحث علي ما يبدو ..يظهر ذلك مما يقدمه الباحث من توصيات عديدة من شأنها _ كما يري- إرساء مبدأ المواطنة في المادة الإعلامية والصحفية من خلال تبني قضايا محددة مثل "قانون دور العبادة الموحد"، "قانون الأحوال الشخصية للمسيحين"، "تقنيين الزي الكهنوتي"، "مواجهة الاحتقان الطائفي"، "خانة الديانة في الأوراق الثبوتية، "مشكلات العائدين للمسيحية". كذلك يأمل الباحث أن يتم تنويع المصادر الصحفية في هذه الصفحات المتخصصة لتشمل "المذاهب المختلفة، والاتجاهات والتيارات المختلفة". كذلك "الفصل بين الأحداث الصراعية / الخلافية التي تقع بسبب اختلاف الدين من جهة، وتلك الأحداث / الصراعات التي تقع بسبب خلافات الحياة اليومية العادية.." و"الفصل الواضح والصريح بين من يتحدث باسم نفسه وبين من يتحدث باسم الأقباط والكنيسة". كما يطالب بالبعد "عن العناوين المثيرة، وتجنب / تفادي التضخيم/ التهويل، وغيرها من المعالجات الصحفية التي تستهدف زيادة التوزيع والإثارة".. أحمد وائل