سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هذا ما أعرفه عن وزير الثقافة الجديد: حارب مافيا الأراضي بالتعاون مع الرقابة الإدارية تعاون مع مباحث الأموال العامة لوقف تهريب أوراق اليهود عقب تصريحات العريان
مثل اختيار د. عبد الواحد النبوي الرئيس السابق لدار الوثائق القومية، لمنصب وزير الثقافة، مفاجأة كبيرة لدي الكثيرين، الذين لم يعرفوه من قبل، لكن بالنسبة لي كان أمرا متوقعا منذ فترة. بنيت هذا التوقع علي خبرتي به، فهو يتميز بعدد من الصفات من أهمها: النزاهة الشديدة، الكفاءة الادارية العالية، وكذلك القدرة علي تحويل الحلم إلي حقيقة، والأهم من هذا كله إيمانه بحق الشعب في المعرفة، من هنا سعي لإتاحة مجموعة من الوثائق في شكل كتب صدرت في الفترة الأخيرة عن دار الوثائق، أهمها المجلد الثاني عن حرب أكتوبر، الذي كشف فيه عن مجموعة من الوثائق التي نشرت للمرة الأولي، وتناولت أوضاع مصر قبل وخلال وبعد حرب أكتوبر، كما كان من المسئولين القلائل الذين التفتوا إلي دعوة الأمين العام للأمم المتحدة باعتبار العام 2014 عام التضامن مع فلسطين، فأصدر بهذه المناسبة كتابا هاما بعنوان " مصر وفلسطين 1947 مختارات من الوثائق الخاصة بقضية تقسيم فلسطين" وقد ركز في هذا الكتاب الوثائقي علي فضح وكشف الدول التي باعت فلسطين وقال نصا: " رأت دار الوثائق القومية أن تضع بكل تجرد وحيادية أوراق هذا العام بين يدي الجميع ليقرأ وليعلم أن أجيالا سبقت تحملت مسئولية القضية في زمن صعب". وأعتقد أيضا أنه تولي وزارة الثقافة في زمن صعب. مرة ثانية هل يكفي ما قلته ليتولي د. عبد الواحد وزارة الثقافة؟ سأحكي قصة أخري، ربما تكون من وجهة نظري مبررا قويا لتولي هذه الوزارة .. لقد خاض د. عبد الواحد العديد من المعارك بعد ثورة 25 يناير 2011، من هذه المعارك تصديه لمافيا نهب الأراضي المصرية، فقد استطاع هذا الشاب أن يتصدي لعصابات منظمة كادت أن تضيع علي هذا الوطن المليارات ولكنه بشجاعة تصدي لها وأبلغ في حينها- مختلف الأجهزة الرقابية وعلي رأسها الرقابة الإدارية، وتمكن من الكشف عن ست قضايا بشكل تتابعي، وذلك عندما استرعي انتباهه أن هناك طلبات متكررة تلقتها دار الوثائق لاستخراج حجج أراض بعينها في رشيد، فأوقف استخراج الشهادات للتحقق مما يحدث، ثم جاءته مواطنة مصرية تطلب حجة مماثلة ، فاستقبلها في مكتبه وسألها عن سبب طلبها استخراج هذه الأوراق، فأجابت بأن أحد الأشخاص أخبرها بأنها ورثت قطعة أرض في رشيد ومن الممكن بيعها لو استخرجت الحجة من دار الوثائق، وأعطاها هذا الشخص اوراقا مستخرجة من أحد فروع الشهر العقاري، ولكن بالفحص تبين أن ما تمتلكه من أوراق مزورة، وأخطر النبوي في لحظتها الرقابة الإدارية التي حمت هذه المواطنة الشريفة وتم التصدي لهذه العصابة، وتكرر هذا الأمر في أراض تبين أنها من أملاك الدولة في القاهرة، بنها، رشيد، والإسكندرية، ووصل الأمر بإحدي عصابات الأراضي أن وضعت يدها علي قطعة أرض في رشيد مساحتها 262 مليون متر مربع، و220 فدانا في منطقة المنتزة بالإسكندرية، وقد فضح هو هذا الأمر، يقظته إذن وفرت علي الدولة مليارات كادت أن تضيع منها، لكن هل يكفي هذا ليصبح وزيرا للثقافة؟ سأحكي عن معركة ثالثة.. بعد ثورة يناير فوجئ د. النبوي بأن عددا من الوزارات والهيئات تتساهل في الحفاظ علي أوراق تضم معلومات تخص الدولة المصرية، فبادر علي الفور بمخاطبة رؤساء قطاعات مكاتب الوزراء للتنبيه عليهم بضرورة إخطار دار الوثائق بأي ورقة يتم إعدامها، وذكر في خطابه المواد القانونية المختلفة التي ستطبق عليهم في حال تجاهل خطاباته، وعندما وجد أن الأمر تفاقم لم يسكت، وطالب وزير الثقافة بمخاطبة رئيس الوزراء شخصيا، وهو ما تحقق، كما تمكن بالتعاون مع مباحث الأموال العامة في وقف تهريب الأوراق التي كانت تتعلق بأملاك اليهود والأجانب، التي كانت معدة للتهريب في 22 جوالاً كبيراً بها الآلاف من الوثائق، وقد تم نقل هذه الوثائق للدار وإيداعها مخزن مؤّمن ومراقب بالكاميرات وبإجراءات أمنية صارمة، وقد حدثت هذه الواقعة في فترة متزامنة لتصريحات الإخواني عصام العريان عن حق اليهود في العودة والتعويض. لكن هل يكفي هذا ليكون وزيرا للثقافة؟ الشجاعة ميزة من مميزاته، فعندما تقرر افتتاح المقر الجديد لدار الوثائق فوجئت بصوته يحمل هما كبيرا بدلا من الفرحة، فهذا المشروع أحد أمنياته، لكن لماذا هذا الهم؟ لأنه شعر أن الافتتاح سيكون أقرب ما يكون إلي الافتتاح المنقوص، لأن الدولة لم توفر العمالة المدربة لهذا الفرع، ومن هنا ناشد من خلال وسائل الإعلام رئيس الجمهورية وكان وقتها المستشار عدلي منصور، وكذلك المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بضرورة التدخل لانقاذ الموقف، وعندما لم تتوافر هذه الميزانية.. جاء قرار تأجيل الافتتاح. رغم الحكايات السابقة، إلا ان الميزة الكبري لوزير الثقافة الجديد هي القدرة علي الحلم، فقد حلم بميكنة وثائق الدار، وبالفعل حقق في هذا المشروع خطوات كبيرة، بل الأكثر من ذلك رغم كل المعوقات التي تضعها الجهات المختلفة أمام دار الوثائق للحيلولة دون أن تنفذ القانون بإعطاء الدار حق فحص أوراقها وضم ما تراه يحفظ الذاكرة الوطنية ، إلا أنه أستطاع أن يضم ما يقرب من 870 ألف وثيقة من الجهات المختلفة، وأدخل ما يقرب من 100000 بيان لملفات ووثائق مشروع الرقمنة. لكن هل يمكن أن تطمئننا هذه السيرة علي مستقبل الثقافة المصرية، أعتقد أن ما ذكرته قراءة ربما يعتبرها البعض خاصة بي، من هنا التقيت به وسألته السؤال الذي روج له البعض علي أنه حقيقة وهو هل د. النبوي من اختيار الأمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب؟ بصراحته التي أعرفها قال: لا.. أنا لست مرشح فضيلة الشيخ د.أحمد الطيب، وأضاف : حتي أغلق هذا الملف أقول أيضا أنا لا أعرف فضيلة الأمام الأكبر شخصيا ، ولم ألتق به سوي مرة وحيدة بصحبة د. زين عبد الهادي، ثالثا أنا واحد من أكثر من سبعة آلاف عضو هيئة تدريس في جامعة الأزهر، بالتأكيد فضيلته لا يعرفهم جميعا. قلت له : بصراحة يشعر البعض بتخوف من خلفيتك الأزهرية، قاطعني قائلا في جملة واحدة : لقد تربيت علي أيدي أساتذة قالوا لي اقرأ في كل شيء حتي السحر.. لكن لا تؤمن به، فلم أكن في يوم من الأيام منغلق الفكر وأعتقد انني لن أكون، ثم ان تخصصي هو التاريخ، وأنا من مدرسة المؤرخين المصريين، ومن وجهة نظري يعتبر المؤرخ روائيا، فهو في المقام الأول راو للوقائع ومحلل لها، وإذا لم يمتلك الأسلوب الجذاب فسيفقد الميزة الأساسية للمؤرخ. إذن وأنت صاحب الخلفية الأزهرية توافق علي الدعوة لتجديد الخطاب الديني؟ أجاب : أعتقد أننا نحتاج في هذه اللحظة لتجديد الخطاب الديني، وبالمناسبة هذا دورنا جميعا.. فنحن في مرحلة بناء وطن يحتاج لتكاتف الجميع، وأيضا أقول لك نحن كذلك نحتاج لتجديد الخطاب الثقافي، بمعني أن يصل صوت المثقفين وأفكارهم ورؤاهم وإبداعاتهم إلي كل شبر في مصر ولن أكون مبالغا إذا قلت لك أن لدي خطة واضحة المعالم لكي تصل الثقافة المصرية إلي كل شبر في مصر والعالم العربي والعالم أجمع، فنحن دائما نتكلم علي أن الثقافة هي القوة الناعمة.. وواصل : أنا هنا أتساءل كيف تم استغلال هذه القوة في الفترات السابقة ؟ وأجيب من وجهة نظري لم تستغل الاستغلال الأمثل.. لذا فإن واحدا من أهدافي الكبري أن أحقق فكرة القوة الناعمة علي أرض الواقع، من هنا أفتح قلبي وعقلي ومكتبي للمثقفين والفنانين والمفكرين وأصحاب الآراء والمواطنين، من لديه فكرة يقدمها لي وسأنفذها علي الفور. ما قاله النبوي جعلني أسأله: الحماس وحده لا يكفي.. هل يري أن الفريق المعاون له يستطيع أن يساعده في تنفيذ ما يسعي إليه؟ أجاب بتلقائية وبسرعة: لكل إنسان ميزة يتمتع بها، وأعتقد وأنت تعرفني منذ سنوات، أن من بين خبراتي قدرتي علي اكتشاف البشر من أول نظرة، لا تقلق أنت أو غيرك.. أنا أعلم تماما طبيعة هذه المرحلة، التي لا تتحمل أي " خلافات" أو تضييع للوقت والمال، لذا أعلنها بصراحة القيادة التي ستنام .. ستمشي فورا. عدت فسألته هل لديك شعور بالقلق من هذه المسئولية؟ بثقة قال: اطمئن لا أشعر بالقلق بالمعني الذي تقصده، وهو الخوف، أنا أعلم الأهداف التي جئت من أجل تنفيذها، ولن اكون مبالغا إذا قلت لك .. إن شاء الله سأحققها، خاصة أنني سأعلن للرأي العام أولا بأول ماذا يدور داخل وزارة الثقافة.. ليس لدي ما أحجبه.. كل ما أملكه طموح وأمل أن تكون وزارة الثقافة مصدر قوة للوزارات الأخري وليست مصدر ضعف. سكت ..فقلت ما ذكرته سابقا يتطلب منك متابعة دقيقة لتفاصيل العمل اليومي في وزارتك هل لديك القدرة علي ذلك؟ سأقول لك أبعد مما طرحته، منذ اللحظة الأولي لدخولي مكتبي طلبت من كل رؤساء الهيئات والقطاعات في الوزارة أن يرسلوا لي ما يسمي الوصف الوظيفي لكل قيادة بدءا من المدير العام، وذلك حتي أحدد المسئوليات التي تقع علي هذه القيادات ومدي قدرتها علي تنفيذها، وأعلنت أنني سأجتمع بشكل دوري بكل رئيس هيئة أو قطاع مع قياداته، هذا بخلاف اجتماعي مع قيادات الوزارة لتنسيق العمل فيما بينهم، والأكثر من ذلك أنني طلبت قانون إنشاء كل هيئة واللوائح المنظمة للعمل، بوضوح لن يستقيم ال عمل الثقافي إلا إذا استقام العمل الإداري. منذ سنوات كان د. النبوي يعمل أستاذا في إحدي الجامعات القطرية ورغم تمسكها به، إلا أنه رفض استكمال مدته، وكان ذلك في العام 2010، وقرر العودة لمصر لتسلم مهام عمله رئيسا لدار الوثائق، وجاء من أجل إنجاز مشروع هام وهو رقمنة دار الوثائق، أي نقلها للغة العصر، ونجح إلي أبعد الحدود في هذا الأمر، ولكن هل سيتمكن من إنجاز ذلك في وزارة الثقافة التي لازالت بعيدة عن هذه اللغة بشكل كبير، فوجئت به يقول لي: في أول اجتماع لي مع القيادات طلبت خطة تطوير الإدارة داخل كل قطاع، ووضع برنامج لميكنة كل أدوات العمل الثقافي إلكترونيا وهذا المشروع تم إنجازه بالفعل في دار الوثائق، وسنسير بخطي ثابتة لتحقيق هذا الحلم في كل قطاعات ومؤسسات الوزارة طبقا لجدول زمني وخطة عمل محكمة. إذن لو أردت ترتيب أولويات المرحلة القادمة ماذا تقول؟ سؤال يرد عليه قائلا : الأولوية الأولي ستكون دفع العمل في هيئة قصور الثقافة وأن نعيد الأنوار لجميع مواقعنا سواء في عواصمالمحافظات أو في القري والنجوع، لن أترك شبرا علي هذه الأرض إلا سنصل إليه بفاعلية ورؤية، وفي هذا المقام سأعلن قريبا عن خطتي في التحرك في الأماكن الحدودية والنوبة. عندما اتصلت به لأهنائه بتوليه الوزارة كنت وقتها في أسوان لحضور ختام الدورة العشرين لسمبوزيوم النحت الدولي، وكذلك افتتاح متحف النحت في الهواء الطلق، سألته : لماذا لا تأتي؟ ففوجئت به يقول لي أنا في أسوان ظهر غد، وبالفعل حضر، وكانت توجيهاته أثناء تفقده للمتحف تنم عن احترامه ومعرفته العميقة بفن النحت، ورغبته في أن يتحول هذا المتحف إلي مؤسسة ثقافية، وجاءت- أيضا- كلمته في حفل الختام واضحة في انحيازه لضرورة أن تخرج الوزارة بأنشطتها إلي المحافظات المختلفة، ومما جاء في كلمته: " من حسن الطالع ومن دواعي فخري أن أستهل هذا النشاط لوزارتي الكريمة بعد أن تسلمت حقيبتها من مدينة أسوان العزيزة، هذه المدينة التي تسجل بأحرف من نور حكاية الإنسان المصري، وكيف كافح مع صخور الجرانيت ليبني من الحضارة ومن التقدم ومن المعاني السامية والراقية ما يجعلنا أمة تفخر بها كل الأمم والأجيال القادمة والسابقة، وكانت الأقدار قد ساقتني لتكون نقطة الانطلاق من هذا المكان المهم، الذي يحمل دعوة لكل الأمم لترقي بأفكارها، وترقي بمبادئها في ظل هذا التطور الذي يحمله هذا المتحف، فهنا تاريخ أجدادنا العظام الذين قدموا للبشرية أكثر أنوارها أشعاعا وأسمي معانيها، وكأنني بهم الآن يدعون أحفادهم لاستكمال هذه المسيرة في أن تظل مصررائدة للثقافة وصانعة للدهشة". بوضوح كانت هذه الكلمات التي تتحدث عن تعاقب الأجيال دافعة لي وأنا أتحدث معه لأسأله بوضوح هل سنري شبابا في وزارة الثقافة فأجاب : سأستدعي كل الطاقات الشابة التي تمتلك القدرة علي العطاء من ذوي المهارات والكفاءات المدربة. سألته هل تري أنك تستطيع أن تبني علي أمور فعلها د. جابر عصفور قبل مغادرته الوزارة؟ اجاب : ليس في يدي معاول لهدم كل شيء.. بالتأكيد ما يمكن أن أبني عليه، سأنفذه بلا تراخ خاصة فيما يتعلق بالبروتوكلات الموقعة مع الوزارات المختلفة لدفع النشاط الثقافي، لابد أن يتبلور ذلك علي أرض الواقع. سألته: اليوم ستفتتح الدورة الجديدة لملتقي الرواية العربية، الذي انتهي المجلس الأعلي للثقافة من إعداده قبل مجيئك.. وفي نهايته سيعلن عن اسم الفائز بهذا الملتقي.. من تتمني أن يفوز من الروائيين المصريين؟ ضحك وأجاب: لن أتدخل في عمل هذا المؤتمر ولجنة التحكيم.. أنا أقف علي مسافة واحدة من جميع المثقفين، بمعني ليس لديّ مرشح بعينه أتبناه. لكن قبل أن أنهي حديثه قلت له : عدت إلي أرشيفي ووجدت لك تصريحا أدليت لي به وهو : " ما أتمناه أن تكون دار الوثائق هيئة مستقلة بصرف النظر عن تبعيتها لأي جهة، الأمر الثاني أن تفتح دار الوثائق الجديدة ويتم مساندة الدولة لتشغيلها علي المستوي اللائق، الأمر الثالث بعد أن وفرت لنا الدولة خمسة آلاف متر لبناء مبني ثالث أن يتم دفع العمل في هذا المشروع، وأتمني أخيرا أن يري القانون الجديد للوثائق النور". ما رأيك؟ أجاب بسرعة : أنا متمسك بكل كلمة قلتها، فذاكرة الوطن لدي أمر لا يتحمل المهادنة أو السكوت أو التقاعس. تركته وفي ذهني سؤال واحد هل كسبت الثقافة هذا الوزيرالشاب؟ أم أن التراكمات والتربيطات والأهواء وبعض من حوله سيجهضون أحلامه وأحلامنا؟