عن القطط تدور مجموعة القاص أحمد شوقي الأولي، والصادرة مؤخرا بعنوان "القطط أيضا ترسم الصور"، يمزج شوقي في عمله الأول والصادر عن دار صفصافة قصص الحيوانات الطفولية بالأسطورة بالتصوف بالحزن. الفكرة بسيطة للغاية. كان يمتلك قطا، أطلق عليه اسم "فتحي"، منذ أن اشتراه وهو يسأل نفسه كيف يفكر القطط في عالم البشر؟ يقول: "أحيانا أكون عنيفا معه، أقسو عليه، وأقول له عندما تكبر ستحفظ شكلي حتي تنتقم مني. بعد حوالي سبعة أشهر بدأت في كتابة تصوري عن رؤية فتحي لنا. ولكنني وجدت هذه الفكرة سطحية، هذه طريقة مستهلكة للكتابة، وكنت أكتبها وقتها للتندر، إلي أن قرأت كتابا لفارس خضر بعنوان "ميراث الأسي" تعلمت منه أشياء كثيرة عن مكانة القط في وجداننا الشعبي، كمصريين، وأيضا في العالم بشكل عام. أسطورة التوأم السارح نفسها موجودة في بولندا أيضا." في الكتاب ثمة نكهة صوفية قوية، بعض القصص كتبها هكذا كما يقول لأن القط يتغير دوره من مشاهد للأحداث إلي مشارك فيها، ويحدث له تطور علي المستوي الروحي، عندما يلتقي بالموت وتبدأ أفكاره في التغير. برغم هذه اللغة الصوفية، أو بتعبيره "لغة فيها إيقاع وبعض الالفاظ المتناسقة وبعض القرآن، ربما الحالة الروحية التي فرضت عليّ استخدام اللغة"، برغم هذا، يتعامل شوقي مع الكتاب ببساطة ، يقول إنه كتب المجموعة ببساطة، ويصفها بالمجموعة الذاتية، بمعني أنها تتحدث عن قطه هو. قرأ شوقي كتب التراث مثل كليلة ودمنة، حكايات أيسوب، الحيوان للجاحظ، كما كتب قصة بسيطة عارض بها قصة من قصص إخوان الصفا، جعل فيها القطط تحاكم البشر، ولكنه مع ذلك حاول أن يكتب نسخته هو عن القط، حتي عملان مثل "عين القط" لحسن عبد الموجود" و"شريعة القطة" لطارق إمام تجنب قراءتهما وهو يكتب العمل. فقط اطمأن، كما يقول، إلي أن فكرتهما مختلفة عن فكرته، وأجّل قراءتهما لما بعد الانتهاء من الكتابة. الخيال والواقع يأخذان موقعا كبيرا من حديث شوقي، وربما من اهتمامه أيضا، يقول: "الناس يكرهون الكتابة الميتافيزيقية الآن، وأنا لا أفهم هذه الكراهية، ولا أفهم حتي الفصل بين الواقع والخيال. هناك كتابات كثيرة تكتب عن الخيال كأنه واقع، في أوقات الأزمات دائما هناك استحضار للروح الدينية. لماذا نسقط هذا من كتاباتنا؟ جلست مؤخرا مع مجموعة مثقفين وكان أحدهم يتحدث عن امرأة يعرفها يلبسها عفريت. ويتحدث عن هذا بإيمان. والمشكلة أننا عندما نكتب أمورا مثل هذه يتم اتهامها بعدم الواقعية. وأنا في الصف الثالث الثانوي حضرت حلقة لإخراج عفريت من جسد امرأة، وشاهدت الفتاة فعلا وهي تقوم بتصرفات غريبة. الناس لا تزال تؤمن بالعفاريت، وإذا تحدثنا عن الكتابة الواقعية فلابد أن يُكتب هذا، لأنه جزء من الواقع." برغم هذا، فشوقي، المولود عام 82، يدرك أن أبناء جيله لا يفضلون الكتابة المفارقة للواقع، اليوم يتم ترويج فكرة الكتابة الساخرة والمنتقدة للواقع بشكل سطحي: "كان يمكن للكتاب أن يأخذ عنوان "يوميات القط فتحي"، هذا اسم جذاب وساخر وسيعجب الناس ولكنني رفضت، في النهاية، شعرت أنني كتبت هذه المجموعة بحب، ومادمت قد كتبتها بحب فطاقة الحب هذه ستصل إلي الناس".. كما يعدد هواجسه: "الموضة الآن هي الأعمال الكبيرة، وكتابي مطبوع في حجم صغير، الناشر كان يعرف أنه لن يبيع جيدا، وقال لي هذا، بالإضافة إلي أن الكتابة الآن لا تحفل باللغة، لذا شعرت أن عملي لن يكون محبوبا من شريحة كبيرة. ولكنني فوجئت بشباب في سني يخبرونني أنهم معجبون بالكتاب. وفوجئت برأي يتساءل فيه صاحبه: "هناخد إيه من الكتابة الواقعية؟". أهدي شوقي مجموعته إلي يحيي الطاهر عبد الله. أقول له أنني لاحظت في المجموعة أصداء منه فينكر هذا.. ويسرد علاقته به: "قبل قراءته كنت صغيرا، وأقرأ بشكل غير واع. اكتشفت بالمصادفة أن لي جارا أديبا. عرضت عليه قصصي، ولم تعجبه أي منها. أخذها من يدي وأعطاني الأعمال الكاملة ليحيي الطاهر عبد الله. حاولت قراءته ولكنني لم أفهم شيئا منه. بعدها بسنوات تطوّر أسلوبي، أعطيت أحد أصدقائي قصة لي فقرأها وقال لي أنها تذكّره بيحيي الطاهر عبد الله. فرجعت ليحيي الطاهر مرة ثانية، كانت هذه المرة مختلفة تماما عن الأولي، فهمته وشغفت به، وجدته يكتب الخيال كأنه واقع، ببساطة وسهولة. هناك من يكتبون عن الخيال كأنهم يشرحون لوحة مثلا، أما هو فيؤمن بالأحداث الخرافية تماما. ويكتبها ببساطة وبدون عناء".