لا أؤمن بالعناوين.. وهنا كفرتُ بها منعًا للتضليل أقنع العبث بفوضويتي لنرتب معاً حياة لا تعترف بمقدمات ولا تستنبط مستقبليات 1 بالأمس.. وفي الصباح أيضًا، احتدم الجدل بيني وبين "المخرج"، ولم أتصور يومًا أنني سأصيح بوجهه كهذا، وألا أعبأ بأنه "المخرج"، فكونه "المخرج" يمكنه إيقاف الفيلم.. إيقاف قلبي.. حرماني من العيش، أو فعل أي شيء.. صحتُ بوجهه وقلت: أنا لا أهتم بما تنوي فعله فكونك المتحكم الوحيد.. وكونك "المُخرج" الوحيد لا يعني أن أسير وفق ما تراه أنت، وإن كان الموت نتيجة العصيان، فإن فتاة تنتظرني .. ستذكرني إلي الأبد... فرد ببلاهةٍ وهو يقلب النظر في حياة الآخرين: سأمحو ذاكرتها. 2 ضم أنامله، وألصقها بشفتيه، وسمح للهواء أن يمر إلي كهف يديه حيث أقبع مخنوقًا، ولم يكتف، بل راح ينفث هواءه المعفر بسجائره الرخيصة، وتمني أن أحقق له أمنيته ويفوز.. وما أن ألقاني علي الرقعة الخشبية، راح عقله يركض بين السعادة والحزن، وما أن قطّب وجهه، وسبّني، قلت له: إن كنت أنا لا أعرف بأي الوجوه سأظهر لك؟!، فكيف لعقلك الساذج أن يصدق رمية يديك؟!!. كلانا لا يعرف الخطوة التالية، فلا تحرق أعصابك واكتف برئتك المعمدة وأكمل اللعبة... 3 البارحة،.. سمعتهُ وهو يسأل نفسه، وكأنه جنَّ: أعقمت فجأة ؟! ... فكيف؟ ولماذا؟ واستمر علي حاله كلما آوي إلي مخدعه في الليل لما يقرب من شهر، فصار ثمرة مدهشة المذاق في أفواه القوم، بعد كل عصر، يتساءلون فيما بينهم عن حاله، ويضربون الأصداف لتنبئهم بسر جدبها وانعزالها عنه، ولم يفلح منهم أحد، ولو علموا طبيبًا يخبرهم بمرضها لما تأخروا وذهبوا إليه.. أما البارحة، بعدما شيعت الأفواه اسمه، والأعين جسده، وتركوا الفأس بجوارهما، جنَّ القوم ممن رأوا أو سمعوا القول فهللوا: أحقًا عانقته وأثمرت!! 4 كنَّا نسير ولا نعرف وجهتنا فسألني: لِمَ كل هذا؟! فأومأت برأسي وأشرت بأناملي في الفراغ وقلت: رهانٌ بين العصيان والطاعة... صمت كثيرًا حتي نسيت أنه يسير بجانبي، ولمَّا نظرت إليه كان واجمًا وقال: ولماذا كل هذا الإصرار؟ وسقط.. 5 وكنتُ شاهدًا عليهما.. جمعنا كوب قهوةٍ، كان يدور بيننا بطريقةٍ آلية، تبدأ من الشاهد وتنتهي به، وكلما تحدث أحدهما ارتشف من الفنجان ووضعه في نفس المكان، وكأن شيئًا لم يتغير، وحده النقصان كان يزيد.. الوقت يمضي.. كهذه التي ننفث دخانها، وأنتِ.. إن لم تؤمن بلعنتي فاحترق بها!! 6 خطوتان للأمام وينتهي كل شيء... هكذا قالت نظر إليها بسذاجةٍ، وحكَّ أنفه بإصبعه، وهزَّ كتفيه، وترك الجاكتة فوق حذائه، وركض معانقًا الفراغ... في كل مرةٍ كانت تقول لمن تصطحبه معها لنفس المكان، نفس الجملة، فيتشبث بأناملها الوهمية، ويعاود أدراجه مبتسمًا، وتعود لتعدَّ خيبتها البلهاء في دفتر فُتحَ منذ الأزل ولم ينته بعد، إلا هذه المرَّة. عادت تحمل جاكتة سوداء وحذاء و..