يتغير شكل الحياة تماما عندما تتغير زاوية الرؤية، هذا بالفعل ما يمارسه الفنان الشاب محمد وهبة عاشق الكوميكس منذ فترة بعيدة. فهو يتقن الرسم بمناظير مختلفة.. أتذكر الآن لقائي الأول به من خلال ورشة عمل عن فن الكاريكاتير نظمها المركز الثقافي الهندي بالقاهرة بين فناني الكاريكاتير من مصر والفنان الهندي البارز سودهير تايلانج، جلس في هدوء، أخرج اسكتش الرسم فتحه وحينها فقط أدركت أنني أعرفه منذ مدة بعيدة، حيث إن له بصمة مميزة في أعماله تصل لحد التفرد.. وكنت ممن يتابعون أعماله الفنية علي الفيس بوك منذ فترة طويلة.. ورغم أنني لم أكن التقيت بوهبة من قبل، إلا أن أعماله فردت سيطرتها علي ذاكرتي، فكنت واحدة من آلاف المعجبين بهذا الفنان المتفرد والمتابعين لأعماله علي صفحته الشخصية التي يتابعها ما يقرب من 16 ألف شخص ويقومون بمشاركة أعماله بصفة مستمرة. محمد وهبة مشغول بفكرة المنظور واستخدامه بشكل مغاير لما اعتادته العين، فأحيانا تراه يرسم باستخدام المنظور الفوقي أو النظرة الشاملة أو المحيطة، وأحيانا يستخدم منظورا يطلق عليه النانو كاميرا حيث يرسم العالم من موقع مسمار في نظارة، أو من أحد أزرارا القميص أو من رباط الحذاء أو من داخل الفم وهكذا.. يعلق الفنان قائلا : ابتكرت أسلوب النانو كاميرا بعد ممارسة أسلوب النظرة الشاملة لفترة طويلة، والنانو كاميرا تعتمد علي رسم زوايا من أماكن ضيقة جدا لا تستطيع أي كاميرا الوصول إليها، وهذا النوع هو مرحلة ما بعد احتراف الرسم، إطلاق العنان للخيال، كل الأشياء من مكان لم تره العين من قبل، ومن الرسومات التي نفذتها بهذا الأسلوب من تحت عقارب الساعة ومن تحت فتحة الحوض ومن داخل النظارة. وقد بدأ الفنان محمد وهبة مؤخرا اللعب علي تنويعات كشكول مسطر، ليستخدم تلك السطور أحيانا كقضبان أو سلم أو غير ذلك، ثم تراه أحيانا يرسم نفسه وهو جالس علي المكتب أو هو يتجول بين شوارع القاهرة، وهو ما يحتاج لانفصال كامل عن نفسه. والفنان وهبة محب للرسم منذ طفولته فقد كان يحب تقليد شخصيات الكارتون وهو في الرابعة من عمره، وبعد ذلك اتجه لتقليد رسومات كبار الفنانين مثل رامبرانت، ليدرس في مرحلة تالية الرسم الميكانيكي بمركز التدريب المهني التابع للمصانع الحربية، حيث يقول الفنان : لقد أضافت لي هذه الدراسة الكثير لأنني تعلمت من خلالها كيفية رسم المنظور وتخيل الزوايا والمساقط وأنا أستخدم معظم القواعد التي تعلمتها منه في شغلي الجديد. وقد تأثر وهبة في أعماله بأسلوب الفنان الكوري كيم جونج جي حيث يقول: أعجبني أسلوبه للغاية وبدأت بالتدريب عليه ومراسلته أكثر من مرة وقد أعطاني الكثير من النصائح التي ساعدتني كثيرا في تطوير الطريقة التي أرسم بها، وبدأت أستخدم النظرة الشاملة في الرسم من أماكن مختلفة فوق المباني في الشوارع والمواصلات في كل مكان ومن أهم الأماكن فوق مئذنة جامع أحمد بن طولون. ويضيف وهبة : أنا أصنف نفسي كرسام كوميكس وهو نوع من أنواع القصة المصورة يعتمد علي السرد عن طريق الصور المتتالية مثل قصص ميكي جيب وسوبر مان وباتمان والقصص القديمة وفلاش وسماش، ومعظمها أنواع مختلفة من الكوميكس، لكنني أمارس فن الكوميكس بطريقة مختلفة، أحب أن أحكي عن حياتنا اليومية في الشارع والمواصلات، وبالفعل بدأت رسم الأماكن في الإسكتش بوك حتي بدأت منذ فترة في مشروع جرافيك "كتاب كوميكس" عن القاهرة اسمه "من وحي المدينة" بالتعاون مع الكاتب أحمد علي توفيق، حيث نحكي عن حياتنا اليومية وما يتضمنها في كل مكان في القاهرة بالطبع سيستغرق وقتا كبيرا لكنني متفرغ له تماما. وعن تأثير الفيس بوك والميديا التفاعلية عليه يري الفنان محمد وهبة أن وسائط التفاعل كان لها دور كبير في نشر رسوماته والتعريف به كفنان، ويعلق وهبة قائلا: كنت أحرص علي نشر أعمالي باستمرار حتي فوجئت ذات يوم أن الأعمال التي أنشرها يتم مشاركتها بطريقة كبيرة، وأدين بالفضل في ذلك للمؤلف شريف نجيب، فقد تعرف الكثير من الناس علي أعمالي الفنية عن طريقه. يشارك حاليا الفنان محمد وهبة في معرض كوميكور الذي يستضيفه مركز نبتة للفنون والثقافة ويضم مجموعة من الأعمال الخاصة بفن الكوميكس لعدد من الفنانين. يري وهبة أن فن الكوميكس يرتبط أكثر بالكتب والمجلات أكثر من ساحات العرض، وهو أمر مشهور جدا في الخارج، إلا أن ذلك لا يمنعه كفنان من المشاركة من آن لآخر في المعارض الفنية الجماعية، لكنه يضطر في هذه الحالة للعمل علي مساحات أكبر للتمكن من عرضها.