«أتوبيس الفرحة».. أمانة شبرا بمستقبل وطن توزع 3000 هدية بمناسبة عيد الأضحى| صور    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    التموين: المجمعات الاستهلاكية تعمل أول وثاني وثالث أيام عيد الأضحى المبارك    «العيدية بقت أونلاين».. 3 طرق لإرسالها بسهولة وأمان إلكترونيا في العيد    في أول أيام العيد.. استشهاد 9 فلسطينيين بقصف إسرائيلي لمنزل وسط غزة    القبض على 50 مشجعا إيطاليا يحملون عبوات ناسفة قبل مباراة ألبانيا في يورو 2024    ناصر ماهر الأبرز.. الزمالك يفتقد جهود 13 لاعبا أمام المصرى بالدورى    الجمهورية الجديدة تنتصر و«الشباب والرياضة» تزدهر    الغندور ينتقد صناع "أولاد رزق" بسبب "القاضية ممكن"    لاعب برشلونة ينفجر من تجاهل لابورتا ويبحث عروض رحيله    متى يتم فتح تأشيرة العمرة بعد الحج؟    «افعل ولا حرج».. مبادرة لإثراء تجربة ضيوف الرحمن    الدراما النسائية تسيطر على موسم الصيف    مراسل القاهرة الإخبارية: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان    ريهام سعيد تبكي على الهواء (تعرف على السبب)    رئيس الإدارة المركزية للرعاية الحرجة يتفقد مستشفيات مطروح.. صور    مرور مكثف على مكاتب الصحة ومراكز عقر الحيوان بالإسماعيلية    وزير الداخلية الباكستاني يؤكد ضمان أمن المواطنين الصينيين في بلاده    في 4 أيام.. إيرادات "اللعب مع العيال" تتجاوز 3 ملايين جنيه    بين أوكرانيا وغزة.. قمم السلام بين عالمين    الأهلي يتواصل مع ميتلاند الدنماركي بسبب نسبة الزمالك من صفقة إمام عاشور    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    شروط القبول ببرنامج هندسة وإدارة الرعاية الصحية جامعة القاهرة    التصعيد مستمر بين إسرائيل وحزب الله    لتحسين جودتها.. طبيبة توضح نصائح لحفظ اللحوم بعد نحر الأضحية    قصور الثقافة بالإسكندرية تحتفل بعيد الأضحى مع أطفال بشاير الخير    موراي يمثل بريطانيا في أولمبياد باريس.. ورادوكانو ترفض    "ولاد رزق 3".. وجاذبية أفلام اللصوصية    دعاء أول أيام عيد الأضحى 2024.. «اللهمَّ تقبّل صيامنا وقيامنا»    عيد الأضحى 2024.. اعرف آخر موعد للذبح والتضحية    وصية مؤثرة للحاجة ليلى قبل وفاتها على عرفات.. ماذا قالت في آخر اتصال مع ابنها؟    جامايكا تبحث عن انتصارها الأول في الكوبا    وفاة ثانى سيدة من كفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    يقام ثاني أيام العيد.. حفل أنغام بالكويت يرفع شعار "كامل العدد"    ضبط 70 مخالفة تموينية متنوعة فى حملات على المخابز والأسواق بالدقهلية    روسيا: مقتل محتجزي الرهائن في أحد السجون بمقاطعة روستوف    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    «سقط من مركب صيد».. انتشال جثة مهندس غرق في النيل بكفر الزيات    صفوة وحرافيش    وزارة الرياضة: مئات الآلاف أدوا صلاة العيد في 4500 مركز شباب بالمحافظات    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    قائمة شاشات التليفزيون المحرومة من نتفليكس اعتبارا من 24 يوليو    باحثة: 93 دولة تتحرك لدعم المحكمة الجنائية في مواجهة إسرائيل    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    ارتفاع تأخيرات القطارات على معظم الخطوط في أول أيام عيد الأضحى    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيلفي الوطن السعيد
نشر في أخبار الأدب يوم 14 - 09 - 2014

بعد الآن لا أحد يملي عليك ما الذي ينبغي أن تفعله أمام الكاميرا: ابتسم. ارفع رأسك. قف معتدلا. ومضة فلاش في عينيك. لا، هذا زمن انقضي، الآن الأمور عصرية أكثر وذاتية إلي حد بعيد. منحتنا التكنولوجيا، وفردانيتنا المتأصلة، القدرة لأول مرة علي تثبيت صورتنا التي طالما رأيناها في المرآة ولم يكن أي مصور بارع قادراً علي التقاطها لنا.
مع ذلك فلصور السيلفي قواعد، إذا أردت أن تلتقط لنفسك واحدة جيدة فعليك اتباع الإرشادات، بداية من اختيار زاوية الكاميرا، المسافة بينك وبينها، كيفية إبراز الجانب الذي تراه الأفضل منك. السيلفي صورة شخصية بطلها ومخرجها ومؤلفها هو نفسه مصورها، غير أن السيلفي لا تعني حرفيا صورتك في المرآة، المقصود انعكاس ذاتك في المرآة، لهذا فأفضل صور السيلفي هي التي تأخذها في مغامرة ما، والأفضل من وضع حركة، بحيث يبدو فيها درجة من الخطورة والتحدي. (لا تفكر أرجوك في التقاط سيلفي في قصر ثقافة ما أو ندوة ثقافية.. تلك الصور لا تعطي انطباعا ما سوي بالبؤس) هناك حوادث عالمية سجلتها وكالات الأنباء عن أشخاص أظهروا جرأة مبالغا فيها وهم يصورون أنفسهم.. دراجات نارية منطلقة بسرعة، أماكن عالية.. كتبوا لأنفسهم نهايات مؤسفة، إنما علي الأقل بقيت منهم صور جيدة.
لسنا في هذه المنطقة في حاجة إلي بناء مواقع تصوير لأنفسنا، العالم العربي الآن أفضل مكان يمكن التقاط صور السيلفي فيه، أنعم الله علينا بدول تم تصنيفها علي أنها الأخطر في العالم، فقط اختر وجهتك ولست في حاجة إلي جواز سفر أو حجز تذكرة طيران، رحلة لن تكون مضطرا فيها أن تشغل بالك بالتفاصيل المملة المعتادة.. الفندق الذي ستبيت فيه، ودرجة نظافته، الأماكن التاريخية التي ينبغي أن تزورها، هذه إما تم سرقتها ونقلها إلي متاحف وتجار آثار عالميين، وإن بقيت مكانها سيتم تفخيخها، ويتساوي في هذا المصير آثار كل الحضارات الباقية سواء كانت لكفار عبدوا الحجر، أو كانوا من أنبياء الله.. نبي الحوت تطاير مرقده في الهواء لأمتار قبل أن يستقر كومة لن يتعرف عليها أحد.. المتفجرات لا علاقة لها بدينك أو درجة إيمانك، لا ولاء لها إلا لمن يحمل زر التفجير.
هناك أفكار لعشرات الصور السيلفي التي يمكن التقاطها في العالم العربي، الأشهر بالتأكيد هي مجموعة الصور الداعشية، بالزي المميز والمستوحي من أزياء ثوار ومتمردين في عهود مختلفة، ويمكن الاختيار من الألبوم الداعشي من درجات الخطورة المتباينة، بداية من الوقوف بجوار كتيبة قتالية، حمل العلم الأسود والتجول به في الصحراء، وانتهاءً بالمستوي الأخير وهو قطع رقبة أو إمساك الرأس المقطوع.. أحدهم أعطي رأسًا لابنه وتم تخليده بصورة وهي مدلاة من يديه، مماثلة لسالومي، والأقرب لبوستر فيلم هوليودي شهير.
لدينا دولة بالكامل نشأت في أيام، وخارجة عن كل قانون إلا قانونها الخاص، تمتد من سوريا إلي العراق، بدأت من محافظة الرقة وأخذت في التوسع، لتهدد دولا مخيفة مثل إيران، ومقاتلين أشداء كالأكراد، والعالمون ببواطن الأمور يقولون أنها لن تقترب أبدًا من دولة مخادعة كتركيا، فالعقل المسيطر عليها هناك في اسطنبول، يملك زر الإيقاف والتشغيل، دماغ الباب العالي التي ظلت مجمدة لقرن ونصف أيقظها أحدهم ليعود زمن المؤامرات والمذابح التي يتم ارتكابها بقلب بارد.
من المهم بالطبع في صور كتلك أن تحدد موقفك مبكرا، نوعية الحرب التي تريد أن تخوضها، ك"مسلم" ضد الملحدين والكفار.. هذا لم يعد له وجود حاليًا، الموضة الآن.. سنة وشيعة، أكراد وعرب، فرس وعرب، مسلم ومسيحي، وهناك ما هو أكثر، لن يطول بك البحث، سرعان ما ستجد نفسك بالتأكيد وسط طائفة ترضيك، فكل ثنائية تعيد الانقسام مرة تلو الأخري، حتي تنتهي الأمور إلي أن كل فرد هو طائفة لوحده، وأي آخر هو العدو، هذا سيكون أسهل في الحقيقة فساعتها لسنا في حاجة لنجهد أنفسنا في استيعاب كل تلك التحليلات.
لو أردت اقتراحا ما برحلة سيلفي ما، إذا يعني أردت نصيحتي، ابتعد عن منطقة العراق وسوريا، فالأوراق اختلطت فيهما إلي درجة أن مدبري المكائد هناك لم يعودوا قادرين علي استيعاب ما يحدث، والحل الوحيد أصبح أن يهدموا اللعبة فوق رؤوس اللاعبين جميعا، حتي يمكن البدء من جديد علي رقعة أقل تشابكا. ربما يمكنك انتظار التقسيم الذي سيحدث هناك عما قريب، وحتي تتكون جيوش واضحة للدول الجديدة، وقتها ستصبح صورتك في المشهد أكثر وضوحا.
ربما ليبيا، الغموض هناك مسيطر كذلك، لكن المشاهد كلاسيكية ومريحة، لاجئون يفرون إلي حدود الدول القريبة، طائرات تحط لتنقل اللاجئين، صراع صريح علي السلطة، كل الأطراف المتصارعة تتحدث باسم الثورة، قذائف متبادلة بين الجانبين، عمليات اغتيالات سياسية. ويمكنك وضع صورتك علي أغنية القذافي الشهيرة "بيت بيت.. دار دار.. زنقة زنقة" ودع الناس تخمن إن كنت تقصد أن ذلك العهد رغم دمويته أقل قسوة من الآن، أم أنك أصلا غير قادر علي فهم ما يحدث.
ولماذا لا تكون اليمن، حيث مشهد شكسيبري بامتياز، ديكتاتور سابق تنحي عن السلطة ويدير الأمور من وراء ستار، ستار شفاف لدرجة أن الجميع يرونه بينما يظن نفسه ذكيًا جدًا، أو في الأغلب فإن غروره يجعله عاجز عن لعب دور محرك العرائس. يقولون أنه في اليمن قات يجعلك حالما علي الدوام وهذا جديد بالنسبة لصورة مغامرات سيلفي، إضافة لهذا فإنه، وعن تجربة شخصية، فإن أهل اليمن هم أكثر الناس ودًا، ولديهم، مثل المغاربة، أكلات وكأنما يتم تحضيرها في الجنة.
وطالما اقترحنا اليمن فلابد أن أحدهم سيقول.. الخليج. نعم، صورة مصغرة من أوروبا، حيث إشارات المرور ضوئية، ودكاكين البقالة مكيفة، والسيارات رخيصة، والخدمة في المطاعم ممتازة، لكن الصورة الأبرز هناك تلك التي ستكتب تحتها.. أنا وكفيلي. فالتقطها إذًا وعد بلا إضاعة الوقت. وانتظر لتري ما الذي سينتهي إليه المروق القطري الخارج عن الإجماع العربي. أرجوك لا تسأل: ومتي كان هناك إجماع عربي من الأصل؟
لكن، ما لنا وكل هذا، أنت وأنا لا نبحث سوي عن صورة سيلفي. ماذا عن مصر؟ قبل عامين كانت صالحة لهذا النوع من الصور، علي ظهر دبابة، بجوار عربة شرطة محترقة، أو مثل تلك الشهيرة جدا.. النار والدخان في كل مكان وأنت لا يحميك منهما إلا لثام، ونظرة غضب. روعة.
إنما.. السيلفي في مصر الآن فقيرة للغاية، بجوار شارة رابعة مثلا.. لا أظن، بغض النظر عن المواقف السياسية، الحقيقة أن شعار رابعة لا يصلح أبدًا كسيلفي، والشعارات الأخري أيضًا لم يعد فيها ما يثير إلا إذا كنت ترغب أن تبدو السيلفي الخاصة بك وكأنه تم التقاطها في الستينيات، استدعاء الماضي سيجعلك تبدو كجدك (إن كنت تتذكره) وهو يحاول أن يساير الموضة.
لدينا قائمة طويلة ومنوعة من الاختيارات، أفريقيا كذلك غنية بالمشاهد الدالة والموحية، ما الذي حدث لأولئك الذين كانوا يخطفون السفن بالمناسبة؟ لماذا لم نعد نسمع عنهم شيئا؟ هل قدموا مراجعات ما؟ كان ذلك ليصنع صورة لا يمكن منافستها، فوق بارجة مختطفة بزي القراصنة.. ما نسبة أن يتفوق أحد علي صورة كهذه؟ ليس إلا "بوكو حرام".. تسوق نسوة وطالبات تم اختطافهن إلي سوق العبيد.
ومازال في جعبة منطقتنا الكثير فابق معنا، أين ستذهب، تهاجر؟ مدموغ كإرهابي أينما حللت، والمثل يقول "إرهابي في وطنه وبين أهله أفضل له من جوانتانمو".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.