تزامناً مع الإعداد لمئوية أديب نوبل العربي نجيب محفوظ في 2011، حصلت الباحثة "آمال عويضة" الصحفية بالأهرام علي رسالة ماجستير في النقد تحت عنوان (المعالجة الفنية لصورة المرأة في ثلاثية نجيب محفوظ ما بين الدراما الإذاعية والدراما التليفزيونية)، بدرجة امتياز مع التوصية بطبع الرسالة وتبادلها مع الجامعات لما تمثله من قيمة، وذلك من قسم النقد السينمائي والنقد التليفزيوني بالمعهد العالي للنقد الفني. تشكلت لجنة المناقشة من: د.ناجي فوزي، أستاذ قسم النقد التليفزيوني والنقد السينمائي، د.نبيل راغب أستاذ النقد الأدبي وعميد المعهد العالي للنقد الفني الأسبق، د.وائل غالي شكري رئيس قسم فلسفة الفنون بالمعهد، ود.أسماء إبراهيم أبو طالب، أستاذ السيناريو والإخراج بكلية الفنون التطبيقية -جامعة حلوان. تتعرض الدراسة للمعالجة الفنية لصورة المرأة في الثلاثية المنشورة كعمل روائي كتبه محفوظ كعمل واحد بين عامي 1945 و 1952، وتسلمها الناشر في إبريل 1952، ولكنها لم تظهر إلا بعد أربع سنوات بعدما تم تقسيم العمل ذي الألف وثلاثمائة صفحة إلي 3 أجزاء، بالمقارنة مع نساء الثلاثية في العمل الإذاعي الذي قدمته صوت العرب في أعوام 1960، 1961، 1962، من إعداد أحمد عباس صالح، وإخراج بهاء طاهر (الجزءان الأول والثاني)، وحسن الإمام (الجزء الثالث)، فضلاً عن نساء الثلاثية في الدراما التليفزيونية التي استغرق اعدادها نحو العامين علي يد السيناريست محسن زايد، الذي انتهي منها في نهاية السبعينيات قبل 10 أعوام من حصول محفوظ علي جائزة نوبل في 1988، وما أعقبه من رفع الحظر المفروض علي أعماله في بعض الدول العربية، ليتم البدء في إنتاج الثلاثية لصالح استوديوهات دبي عام 1987، من إخراج يوسف مرزوق. ويتم عرضها علي شاشة التليفزيون المصري علي قناتيه الثانية ثم الأولي عامي 1989 و1990، ولم يكتب زايد الجزء الثالث لقناعته بأن الوقت لم يحن بعد لشاشة تليفزيون لتحمل مسئولية هذا الجزء، الذي يتعرض للصراع ما بين الماركسيين والإخوان المسلمين. أنهت الباحثة رسالتها بالتأكيد علي أن محفوظ نجح بنصه في التمني بالتنبؤ والاستشراف، وتجاوزه صناع العمل الإذاعي بمبالغة حينما كان للأيديولجية الأولوية، بينما فشل صناع العمل التليفزيوني الذين لم يجنوا من عملهم سوي المكاسب المادية ودوران آلات التصوير والاستديوهات دون أن يكون لديهم رغبة التغيير أو التنبؤ والاستشراف أو حتي إعادة إنتاج العمل الروائي كما هو، مما يدفعنا ليس فقط التوصية بتقديم أعمال مكتوبة خصيصاً للوسيط الإعلامي، ولكن بمراعاة منظومة أخلاقية تأخذ في الحسبان مجتمعاتنا النامية التي تحتاج من الوسائط الإعلامية للتوعية قبل الترفيه علي أن يتم ذلك في قوالب جذابة تبتعد عن النصح المباشر. وقد اشادت لجنة التحكيم برسالة الباحثة، ووصفها د.نبيل راغب بأنها دراسة رائدة، اتبعت فيها الباحثة أسلوب المدرسة التفكيكية دون أن تشعر ودون أن تخطط لهذا، وإذا أتيحت لي الفرصة كما هو متبع في بعض الجامعات الأجنبية لمنحتها الدكتوراه مباشرة دون التوقف عند درجة الماجستير ودافعي في هذا تجاوز الباحثة لأقرانها ونجاحها في تقديم دراسة فريدة لم أشهد شبيها لها ربما منذ عقود، ولذا أستطيع تسمية الباحثة بأنها "سيدة الصعب". لقد كشفت الباحثة عن روح تحدي فرعونية اتسمت بالعناد والصلابة لتقديم عمل متكامل يذكرنا بمعابد الفراعنة التي تقترب من الكمال من حيث التصميم والهندسة، لدرجة يصعب معها الثناء علي الباحثة التي لم تشأ اختيار موضوعا سهلا، وإنما تصدت ببسالة ولسنوات اعلم عددها منذ كان البحث فكرة لتقديم تلك الدراسة التي تستحق ما هو أكثر من الامتياز وهو ما لم تضعه اللوائح الأكاديمية في الحسبان. أما د.وائل غالي شكري، فقال: لا أستطيع نفي تحييزي للباحثة التي لم تكن بين تلاميذي بالمعهد العالي للنقد الفني ولم ألتق بها سوي مرة واحدة قبل المناقشة بأسابيع. ومنذ اطلعت علي الصفحات الأولي التي تضمنت قائمة المحتويات، أيقنت أنني امام رسالة رائدة، وإذا كان بها أي أخطاء فهي أخطاء الريادة. لقد استطاعت الباحثة التحكم في المادة الموسوعية التي عملت علي جمعها بنفسها ولسنوات كما علمت من زملائي الأفاضل، واستطاعت أن تنتج علماً أصيلاً سيصبح دون شك مرجعاً لكل الباحثين في هذا المجال من البحوث المقارنة التي تفتقدها المنابر الأكاديمية في العالم العربي. لقد تجاوزت الباحثة في رسالتها أخطاء الباحثين المبتدئين، وكشفت عن حرفية أكاديمية من حيث التناول والشكل والمضمون والتبويب. ورأت د.أسماء أبو طالب أن الدراسة تحتوي علي جهد مضن قامت به الباحثة التي أشفقت عليها في أثناء قراءتي الأولي لبحثها من ذلك المجهود المضن والخارق للبقاء لأشهر وربما لسنوات في قاعات الاستماع والمشاهدة بمبني الإذاعة والتليفزيون لجمع مادتها الأولية مع ما في ذلك من جهد فريد للخروج ببحثها إلي النور. وهذا جهد يليق بباحثة قررت أن تقدم دراسة فريدة في البحوث المقارنة التي لا تحتاج فقط إلي مضاعفة الجهد المعتاد ولكن إلي ثلاثة أضعافه لعملها علي النص الأدبي والعملين الدراميين في الإذاعة والتليفزيون، وهو ما يؤكد أن الباحثة عملت علي إنجاز 3 رسائل ماجستير في وقت، وهو ما سيزيد مهمتها صعوبة لتجاوز نفسها في رسالة الدكتوراة. ويكشف د.ناجي فوزي عن اختصارات تمت علي الرسالة قبل مناقشتها: من خلال إشرافي علي الباحثة أؤكد أنها لم تقدم في بحثها الخير الذي تلقته لجنة المناقشة سوي الثلث فقط مما سبق لها إنجازه، ولعل فيما قامت به من اختصارات إشارة للجهد الإضافي المبذول الذي استطاعت عبر خبرتها الصحفية والروائية أن تقوم بالاختصار دون الإخلال بالنص والفكرة والمضمون.