نجح د. حسين محمود والزميل أحمد عبد اللطيف في أن يخرجا د. رشا إسماعيل مدير المركز القومي للترجمة عن صمتها، فقد أبديا عبر أكثر من مقال وتحقيق، عددا لا بأس به من الملاحظات الجوهرية التي تتعلق بأداء المركز. ومما لاشك فيه أن جريدة " أخبار الأدب" كانت من الداعمين لهذا المشروع منذ نشأته كجزء من عمل المجلس الأعلي للثقافة، وكثيرا ما ناشدت المسئولين من أجل أن يكون للترجمة مؤسسة خاصة بها، وهو ما تحقق بإنشاء المركز القومي للترجمة، الذي دعمته الجريدة، وجعلت إصداراته غلاف أحد أعدادها. لكن المركز في فترات كثيرة- إذا تجاوزنا مرحلة التأسيس- لم تكن له خطة واضحة المعالم، وقد كتبنا أكثر من مرة محذرين من خطورة هذا الوضع، وشعرنا في الفترة الماضية أن الأمور تسير من سيئ إلي أسوأ. في ردها علي ما أثير في " أخبار الأدب" أوضحت مديرة المركز الكثير من الأمور الغامضة.. فجاء ردها بمثابة شهادة تستحق أن يفتح حولها نقاش بدون تعصب.. فمن النقاط الهامة التي وردت في كلام د. رشا أن المركز أصدر في فترة توليها إدارته ( 110) كتب خلال عشرة أشهر، في حين كان المتوسط (85) عنوانا في السنة، والسؤال: هل أنشأنا المركز لينشر هذا العدد في عام كامل، ما ذكر سابقا تستطيع أن تقوم به أي دار نشر، بالإضافة لعملها المعتاد، ولكن أن نخصص مركزا للترجمة بكل تباعياته الإدارية وميزانياته وعدد موظفيه، من أجل أن ينشر هذا العدد.. أعتقد أن الأمر يحتاج لمراجعة.. هذا أولا. ثانيا: في ردها لم توضح أو تذكر كاتبته خطط وبرامج المركز واستراتيجياته، بمعني لم تبين ما الإجمالي المستهدف ترجمته في كل عام، وما هي الفروع المعرفية التي نحتاجها هذا العام.. وما الصعوبات المتعلقة بهذا الأمر.. فالرد يشعر من يقرأه أنه لاتوجد فلسفة واضحة لأداء المركز. ثالثا: أكدت د. رشا أنه بالفعل هناك إهدار للمال العام، إذ يوجد ما يقرب من 110 كتب عالقة في قسم التجهيزات بالمركز، إضافة لكتب أخري في المطابع الأميرية وهيئة الكتاب، وأنها استطاعت أن تطبع ثلاثين كتابا من العالقين في قسم التجهيزات، والسؤال أنه من أحد الأسباب القوية لإنشاء مركز متخصص للترجمة، هو أن يتابع أحدث الاصدارات، فإذا كانت الكتب عالقة منذ سنوات.. لماذا الصمت إزاء هذا الموقف، الذي يضر بفكرة المركز من الأساس. رابعا: جزء كبير مما ذكرته مديرة المركز يستحق لتحقيق قانوني عاجل، يجب أن يصدر قرارا به وزير الثقافة- إذا كان حريصا علي أداء هيئاته وعدم إهدار المال العام- فقد ذكرت أن مؤسسات حكومية تقوم بطباعة إصدارات المركز تؤخر إنجاز عمليات الطبع، وحددت جهتين الأولي المطابع الأميرية ولديها 195 عنوانا في الفترة من 2005وحتي 2013، والسؤال:هل من المعقول أن تصمت الوزارة عن تعطيل كتب لمدة ثماني سنوات، ولماذا لم يتخذ مديرو المركز الذين تعاقبوا عليه أي خطوات قانونية بمن فيهم د. رشا التي أكتفت بذكر الواقعة، ولماذا يدفعون بكتب أخري للمطابع الأميرية طوال ثماني سنوات، إذا كانت لا تنجز ما يرسل إليها أولا بأول، أما الجهة الثانية التي تعق نشر كتب المركز، فهي هيئة الكتاب، والسؤال: لماذا تعطل هيئة الكتاب إصدارات المركز القومي للترجمة؟ ولماذا الصمت علي ذلك؟ ومن المستفيد؟. خامسا: أعتقد أنه أمر في غاية الخطورة، فبعد أن حددت د. رشا الجهتين الحكومتين اللتين تتوليان طبع كتب المركز " المطابع الأميرية وهيئة الكتاب"، ذكرت نصا: " سعيت إلي طباعة الكتب بمطابع القطاع الخاص بأسعار أقل كثيرا من اسعار المؤسسات الحكومية"، والسؤال: لماذا يقبل المركز طوال السنوات الماضية أن يطبع بأكثر من القيمة الحقيقية، خاصة في هيئة الكتاب التي تتبع ذات الوزارة التي يتبعها المركز، ألا يعني ذلك أننا أمام قضية حقيقية من قضايا الفساد المالي ( تعطيل طبع الكتب+ زيادة السعر)، هل سيصمت وزير الثقافة، أم سيعلن للرأي العام ماذا يحدث في وزارته، لأنه بالمناسبة هو المسئول عن كل القيادات الحالية، فهو الذي جدد لهم أو قام بندبهم. سادسا: نحن أحوج ما نكون الآن إلي أن نقرأ بعناية رد/ شهادة د. رشا لنقيم نقاشا حول فلسفة هذا المركز، لعلنا ننجح في أن نعيده إلي تحقيق أهدافه الأساسية.