«التضامن»: توزيع 2000 جهاز لاب توب ناطق مجهز لدعم الطلاب المكفوفين في استكمال دراستهم الجامعية    المسلماني يشكل لجنة لرصد التغطية الإعلامية لانتخابات مجلس النواب 2025    احتفال دولي يجمع أكثر من 400 ممثل كنسي من القارات الخمس بتايلاند    15 أكتوبر 2025.. الذهب يواصل صعوده في بداية التعاملات.. وعيار 21 يسجل 5560 جنيها    مديرة صندوق النقد تشيد بجهود الحكومة المصرية لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للموظفين.. تعرف على الجدول الكامل من وزارة المالية    15 أكتوبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    التمثيل التجاري المصري وجمعية إسطنبول لمصدري المنسوجات يبحثان فرص التكامل الصناعي    عاجل- مدبولي يشهد توقيع اتفاقية الربط الكهربائي بين مصر وأوروبا عبر إيطاليا مع شركة "K&K" الإماراتية    متحدث الوزراء: جهاز تنمية المشروعات يعمل على استكشاف الفرص الاستثمارية الجديدة    ثلاث عائلات إسرائيلية تؤكد التعرف على 3 رفات أسرى    نتنياهو يمثل مجددا أمام المحكمة بتهم فساد بعد انقطاع شهر.. ووزراء من حزب الليكود يطالبون بإلغاء محاكمته    والد جندي إسرائيلي كان ضمن المحتجزين: حماس سمحت لابني بالصلاة 3 مرات يوميا    مصر والعراق ضمن 14 دولة جديدة في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة    عاجل- الأمم المتحدة تحذر من خطر الذخائر غير المنفجرة في غزة بعد الحرب الإسرائيلية    حماس تطلق حملة مطاردة ل"الخونة" في غزة    الملحق الإفريقي.. المعركة الأخيرة نحو المجد العالمي    شوبير: الأهلي لم يتحرك حتى الآن لتجديد عقود ثلاثي الفريق    كين بعد تأهل إنجلترا لكأس العالم: أعيش أفضل فترات حياتي الكروية    أشرف قاسم: تصريحات أسامة نبيه بعد الإخفاق غير موفقة وتزيد الأزمة اشتعالا    مدرب اليابان: الفوز التاريخي على البرازيل ثمرة عمل عشرات السنوات    اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025: سحب متكاثرة وأمطار خفيفة على بعض المناطق    التحقيق مع عنصرين جنائيين حاولا غسل 50 مليون جنيه حصيلة تجارة مخدرات    الداخلية تضبط أكثر من 105 آلاف مخالفة خلال 24 ساعة    التعليم: 158 جنيها رسوم دخول امتحانات الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2025-2026    وزير الثقافة: قافلة مسرح المواجهة والتجوال في رفح تعزز الوعي وبناء الهوية الوطنية    الدراما التركية على موعد مع تحول كبير في «المؤسس أورهان».. وجوه جديدة تشعل الأحداث!    افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية "التراث الأثري الإيبروأمريكي" بمكتبة الإسكندرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    في اليوم العالمي لغسل اليدين.. نصائح لتعزيز فعاليته ضد الجراثيم    إنجاز دولي في مجال الرعاية الصحية.. الإسكوا تمنح «جهار» جائزة النجمات الذهبية    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من مشروعات الكهرباء والإنارة ب«شمس الحكمة»    الإفتاء توضح حكم شراء الشقة عن طريق البنك بفائدة ثابتة    المطربة ياسمين علي تكشف حقيقة علاقتها ب«محمد العمروسي»    محافظ كفر الشيخ يُهنئ القارئ أحمد نعينع لتكليفه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    عاجل من التأمين الصحى بشأن علاج التهاب المفاصل    القنوات الناقلة لمباراة المغرب وفرنسا في كأس العالم للشباب 2025    محمد جبران: مستمرون في تطبيق قانون العمل الجديد بكل قوة.. ومهلة أخيرة للمخالفين لتصحيح الأوضاع    اسعار الفاكهة اليوم الأربعاء الموافق 15-10-2025 فى سوهاج    القاهرة الإخبارية: دخول شاحنات للوقود ضمن قافلة المساعدات من مصر إلى غزة    غلق المتحف المصري الكبير اليوم استعدادا للحفل الرسمي    إغلاق باب الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 بعد ساعات    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث سقوط تروسيكل بمصرف قناطر حواس بمنقباد    بتهمة إرسال صوراً خادشة للحياء.. السجن 5 سنوات لعامل بقنا    اليوم.. نظر محاكمة متهمة بخلية الهرم    المستشار القانوني للزمالك: زيزو مديون للأبيض.. ولم نطلب التأجيل من اتحاد الكرة    "سعادة قاتلة".. استشاري نفسي يكشف مخاطر مشاهدة التلفزيون والتليفون للأطفال    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بطريق إسكندرية الصحراوى    مميزات وعيوب برج السرطان: بين العاطفة والخيال والحنان    في شهر الانتصارات.. رئيس جامعة الأزهر يفتتح أعمال تطوير مستشفى سيد جلال    الكنيسة الكلدانية تحتفل بختام ظهورات العذراء سيدة فاتيما في مصر    ترامب يهدد بفرض عقوبات على إسبانيا بسبب رفضها زيادة الإنفاق في «الناتو»    باسم يوسف: مراتي فلسطينية.. اتعذبت معايا وشهرتي كانت عبء عليها    رونالدو يتألق بثنائية وسوبوسلاي يحرم البرتغال من التأهل المبكر للمونديال    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأبين نجم وعدة دروس عن الثورة والمثقفين
نشر في أخبار الأدب يوم 17 - 01 - 2014

حفل التأبين الذي أقيم للشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم داخل دار الأوبرا شكل قصة لا يمكن تجاهلها إذا ما تحدثنا عن "الجماعة الثقافية"، أو عن "علاقة الثورة بالرموز".
الحفل كانت له صبغة رسمية واضحة، حضره عدد من مرشحي الرئاسة السابقين مثل حمدين صباحي وخالد علي، ورجل الأعمال نجيب ساويرس، ووزير الثقافة محمد صابر عرب، بالإضافة إلي المثقفين بالطبع. بعد غناء حضور الحفل لقصائد نجم الشهيرة مثل "شيد قصورك"، بدأ الهتاف من مجموعات بداخل القاعة. الهتاف كان "يسقط حكم العسكر"، وهو ما تم الادعاء من قبل الآخرين أنه "محاولة لإفساد حفل التأبين".
الموضوع ملتبس جداً، ويمس واحداً من أعصاب الجماعة الثقافية، فقصائد نجم التي اكتسبت قدرتها وشعبيتها من قدرتها علي التحريض في الشارع، وطالما هتف علي إيقاعها الشباب منذ يناير 2011 وحتي الآن، يراد لها أن تنحبس داخل قاعة المسرح الكبير بالأوبرا وداخل البذلات المنمقة، هذا هو رأي البعض، أما الآخرون فيحتجون بأن نجم نفسه كان قد وقع علي استمارة "كمل جميلك"، التي تطالب الفريق السيسي بالترشح للرئاسة، وهو ما يعني أن هتاف "يسقط حكم العسكر"، الذي يقال في تأبينه الآن لا يعبر عن رأيه في آخر أيام حياته.
كتب الناشر محمد هاشم علي صفحته بالفيسبوك: "محاولة إفساد حفل تأبين شاعر الشعب أحمد فؤاد نجم تعبير حي عن مشهد يسكنه الإلتباس، فلا أظنه سلوك يتسم بالثوريه أن أشارك جماعة رابعه اليدويه، حملتهم لإسقاط دستور أكثر إنسانيه ووطنيه مماكتبوا هم وحلفائهم الحمقي عديمي البصيرة والمصابون بالعمي السياسي التام"، وأضاف: "إلي من هتف أمس من بتوع رابعه اليدويه أو حسني النيه أنني مع النضال السلمي حتي الا نتصار أو الموت وأنني مع حقوق الإنسان لكنني أبدا لن أكون مع حق القتل باسم الله أو الوطن. شكلكم كان وحش جدا وإنتوا بتشاركوا بتوع رابعه اليدويه الهتاف .ولاإحترمتوا نجم..ولازملائكم وأصحابكم إللي تعبوا لتنظيم تأبين يليق به.المهم تكونوا روحتم رايقين وحاسين إنكم ناضلتم جامد ضد العساكر إللي ماليين الأوبرا .داهية تكسفكم .سواء أصحابي أو الذين ليسوا كذلك".
القضية ملتبسة وحساسة لأنها تمس الأصدقاء إذن. يخبرنا هاشم أن من بين من هتفوا كانوا أصدقاءه، وأصدقاؤه يشاركون الإخوان نفس شعارهم كما يري.
الشاعر باسم شرف من جانبه، يري أن اعتراف دار الأوبرا المصرية ب"نجم" هو حق تم انتزاعه. يقول في صفحته علي الفيسبوك: "النهارده انتزعنا حق عظيم بالنسبه لينا في اننا قدرنا نعمل حفل تأبين عم نجم في الاوبرا وصوره متعلقه علي المسرح الكبير الرسمي والدعوات مجانيه واغاني الشيخ امام علي المسرح باصوات مصريه ووزير الثقافه يقول كلمه الافتتاح وساويرس يعلن جايزه باسم نجم من فوق مسرح الاوبرا ونجوم كبار وفنانين محترمين يقولوا قصايده بفخر بعيدا عن اي سلطه تخاف كلمات الفاجومي ولكن من المحزن اننا نلاقي شباب يحاول ان يفسد الحفل بحجة الثوره ويهتفوا يسقط حكم العسكر . تهتف ضد مين ? وعشان توصل لايه ? اللي نعرفه ان الهتاف بيكون من اجل الوصول لهدف لكن انت بتهتف سعادتك زي الاخوان نفس هتافهم بمنتهي الرومانسيه والسذاجه وتتهمونا باننا عبيد البياده. لو انت اصلا معترض علي حفله في الاوبرا لنجم جاي ليه ما توفر علي نفسك المجهود وسيب مساحه لغيرك بيحترم عم نجم يسمع كلماته واغانيه وكفايه هرتله ثوريه وهياج ثوري بقي واعرفوا بتعملوا ايه وعايزين توصلوا لايه".
رد علي باسم شرف عدد من أصدقائه، كانوا من بين الهاتفين، أما هو فرد عليهم: " انتم ليه مستخسرين فينا نحتفل بشاعر كبير زي عم نجم عشان شهوة الهتاف والانتصار علي الاعداء... كان نفسنا في حفل غنا وفن وبس"، ولكن في نفس الوقت وإذا كان الحفل حفلا للغناء والفن فقط، فلماذا تم اختيار أحمد فؤاد نجم؟ نجم كان شاعراً سياسياً بامتياز. لم يكن شاعراً كل هدفه في الحياة هو "الغناء والفن فقط"، وإنما تغيير الواقع والتحريض علي الثورة. يعرف هذا كل من رددوا قصائده في المظاهرات. قصائده ببساطة هي أيقونات للاحتجاج الثوري. علي الأقل غالبيتها، علي الأقل تماما، "شيد قصورك".
ولكن كان من بين من علقوا علي الحادث من رددوا هم نفسهم هتاف "يسقط حكم العسكر". الشاعر سامح سمير كتب علي الفيسبوك أنه كان من ضمن الهاتفين. ثم كتب: " إمبارح كنت بقولكم إن تأبين نجم في الأوبرا شرف للأوبرا مش لنجم ، بس بعد شوية تفكير إكتشفت إن ده فعلا شرف الأوبرا متستحقهوش ، المكان إللي رفضه وهو عايش ميستحقش شرف إستقباله بعد ما مات. مشكلة عم نجم إنه كان راجل بسيط علي أد عبقريته ، وناسه كمان طيبيين لدرجة إنهم صدقوا إن تأبين الأوبرا دي حاجة تزود في مقام واحد من أكبر القامات الشعرية العربية".
يبدو هنا بالتحديد أن ثمة صراعاً علي احتكار نجم. الرجل الذي كتب بعد النكسة مباشرة "الحمدلله خبطنا، تحت بطاطنا، يا محلا رجعة ظباطنا، من خط النار"، والذي كتب قصيدة في مديح خالد الإسلامبولي قاتل السادات، كان في نفس الوقت مؤيداً للسيسي في آخر أيام حياته. كل من فريقي الصراع الآن في وسط الجماعة الثقافية، يريد نجم الذي أحبه. ونجم نفسه فعل كل شيء يقدم لكل واحد من جماهيره الصورة التي يحبها.
ولكن هناك عنصراً آخر في الالتباس الحادث في قصة تأبين نجم، وهو خالد علي،المرشح السابق للرئاسة، والمرشح الشخصي لكثير من المثقفين، سواء من بين من هتفوا ضد حكم العسكر أو ممن عبروا عن استيائهم من الهتاف. شارك خالد علي الشباب في الهتاف ضد "حكم العسكر". مما دفع جريدة الوطن الزميلة لأن تكتب خبراً صياغته هي: "أفسدت السياسة حفل تأبين الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم، في ذكراه الأربعينية، بالمسرح المكشوف بالأوبرا أمس، حيث اندفع عدد من الشباب المجهولين يصيحون وسط القاعة "يسقط يسقط حكم العسكر"، وتصدر المشهد المرشح السابق للانتخابات الرئاسية خالد علي، ما اضطر وزير الثقافة محمد صابر عرب، ورجل الأعمال نجيب ساويرس، إلي الانسحاب من حفل التأبين. واندفع رجال الأمن إلي الإحاطة بالوزير محمد صابر عرب، والمهندس نجيب ساويرس، إلي أن غادرا الحفل. ولامتصاص التوتر الذي جري، صعد الفنان علي الحجار إلي المسرح، وحاول الغناء حتي انصرف خالد علي ومن معه من المتضامنين". جريدة الوطن تكتب "أفسدت السياسة حفل تأبين نجم". هذا منطق غير مفهوم، لأن نجم نفسه كان شاعراً مسيساً إلي أبعد حد! وإذا كان هناك شيء ضد تداخل الفن بالسياسة، فلماذا لا يقال هذا بخصوص قصائد نجم نفسها؟ لماذا يكون شعار "يسقط حكم العسكر"، شعاراً سياسياً، ولا يكون هتاف "واطلق كلابك في الشوارع، واقفل زنازينك علينا"، هتافاً سياسياً؟
كل هذه القصة تطرح عدداً من الأسئلة، بخلاف السؤال الرئيسي طبعاً عن علاقة الفن بالسياسة، منها مثلا أن الجماعة الثقافية مختلفة تماماً الآن، والاختلافات أحياناً ما تكون بادية للعين، ولكن ثمة عقدة أخري وهي الصداقات الشخصية التي تجمع بين أعضاء هذه الجماعة وبعضها، هذه عقدة غير قابلة للحل، ولا أحد يعرف إلا ستنتهي، هل ستخفف الصداقات من حدة الاستقطاب أم سيمزق الاستقطاب هذه الصداقات؟ لا أحد يعرف حتي الآن.
الشيء الآخر، هو الأيقنة التي يحظي بها الشعراء الكبار. علي مدار ثلاث سنوات، يتم توجيه الانتقاد إلي رموز ثقافية كبيرة انحازت لهذا الطرف أو ذاك، سقطت حصانة "الرموز". ولكن نجم وحده من بقي بعد هذه المحرقة، واحد من الأسباب كانت قصائده التي لا غني عنها في أي مظاهرة، وسبب آخر هو رحيله الفاجع الذي منع من توجيه رؤية نقدية له، فاختار كل فريقي الصراع من المثقفين التمسك بصورته الشخصية عن نجم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.