رئيس جامعة كفر الشيخ يستقبل فريق الدعم الفني    البنك التجارى الدولى يطرح شهادة جديدة بعائد يومى وشهرى متغير    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 رسميًا في مصر.. موعد تغيير    ماذا قال ترامب عن حركة حماس؟    السودان: عشرات القتلى ومئات الجرحى إثر هجوم بطائرة درون على الفاشر    وزير خارجية الصين يدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي مع سويسرا    رئيس وزراء العراق يؤكد حرص الحكومة على دعم الأمن والاستقرار    ريال مدريد يدرس بيع فينيسيوس لتمويل صفقة هالاند    لامين يامال يغيب عن مواجهة جيرونا استعدادا للكلاسيكو أمام ريال مدريد    الأرصاد: طقس غد الأحد مائل للحرارة نهارا معتدل ليلا.. والعظمي بالقاهرة 28    الصور الكاملة.. تامر حسني وعفروتو واحمد عصام يشعلون بورتو السخنة بأضخم حفل جماهيري ومواصفات عالمية    ندوة بمعرض دمنهور للكتاب تؤكد دور الفن في ترسيخ الانتماء    «نيتهم وحشة».. طارق العريان يرد على منتقدي فيلم السلم والثعبان 2    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين الإيمان والإسلام ودقة استعمال كل منهما    مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية: لا تفشٍ لفيروس كورونا مرة أخرى    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    التوقيت الشتوي.. كيف تستعد قبل أسبوع من تطبيقه لتجنب الأرق والإجهاد؟    إزالة 16 حالة تعد على الأراضي الزراعية بمركز كفر الشيخ    وزارة السياحة تطلق منصة "رحلة" لتنظيم الرحلات المدرسية المجانية إلى المواقع الأثرية والمتاحف    بتهمة خطف طفل وهتك عرضه,, السجن المؤبد لعامل بقنا    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    بن شرقي يحصد جائزة أفضل هدف في الجولة العاشرة من الدوري المصري    القسم الثالث .. إعادة مباراة دمياط وبورتو السويس    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط سائق يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس ويعرض حياة المواطنين للخطر    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في المنيا إلى المفتي    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شقة بالدقي    رئيس جامعة السويس: إدراج الجامعات المصرية في تصنيف التايمز العالمي يعكس تطور التعليم    السادس من أكتوبر يوم العبور العظيم (2)    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    فتح باب المشاركة في الدورة السابعة لملتقى أفلام المحاولة بقصر السينما    إيهاب فهمي: "اتنين قهوة" يُعرض في ديسمبر | خاص    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة بسيناء    القنوات الناقلة لمباراة الإمارات وعُمان مباشر اليوم في ملحق آسيا لتصفيات كأس العالم    «تعليم الجيزة»: الانتهاء من تسليم الكتب المدرسية للطلاب دون التقيد بالمصروفات    حابس الشروف: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    الأشموني يتابع أعمال مبادرة رعاية بلا حدود لتقديم الخدمات الطبية لكبار السن    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    «التضامن» تبحث مع مدير مشروع تكافؤ الفرص «EOSD» بالوكالة الألمانية دعم مشروعات الحماية الاجتماعية    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع التطوير العمراني لعواصم المحافظات    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أكسيوس عن مسؤول أميركي: نتنياهو لن يحضر القمة التي سيعقدها ترامب بمصر    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد صدور روايتها " ثلج القاهرة": لنا عبد الرحمن: اكتب أحلامي
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 12 - 2013

في روايتها الجديدة "ثلج القاهرة"، الصادرة عن دار آفاق، تطرح الكاتبة اللبنانية المقيمة بالقاهرة لنا عبد الرحمن سؤالاً حول الروح وعودتها وإحلالها في أجساد متعددة، كما تطرح الرؤية الصوفية عن وحدة الوجود، لكنها في الوقت نفسه، تمزج ما هو روحاني بما هو جسدي، كما ينصهر في عملها الميتافيزيقي مع الواقعي والاجتماعي. تفعل ذلك بمستويين من اللغة، لتصبح اللغة بذلك ليست مجرد أداة لتوصيل معلومات، بل حاملة لدلالات وشفرات ثقافية، ومعبّرة عن الشخصية في شقها الروحي أو الجسدي.
منذ الصفحات الأولي من الرواية، يلاحظ المزج بين الواقعي والميتافيزيقي، الذهاب والإياب بين منطقتين تبدوان للوهلة الأولي منفصلتين. حدثيني عن رؤيتك لعلاقة الميتافيزيقي بالواقعي وعن تجربة ذلك في روايتك.
- تبدأ الرواية مع صوت نورجهان (الروح) وسؤال الموت والمكان، والعلاقة بينهما، هذا السؤال يظل حاضرا علي مدار النص، يبدو أحيانا أبدياً ومؤرقاً، التساؤل عن الأفكار والرؤي والتخيلات، أين تذهب كلها بعد موتنا، كيف تنتهي تماما مع تلاشي الجسد الذي تسكنه، وهل تنتهي حقا،أم تظهر بشكل آخر. سؤال الموت والمكان والجسد، يظل مطروحا مع شخصية بشري أيضا، الوجه الآخر لشخصية نورجهان، الوجه الواقعي أو المعاصر. من هنا يبدو الحضور الميتافيزيقي جزءا من تشكيل النص في تجاور ضدين: واقعي وغيبي، مرئي ومحجوب. لكن في المقابل، ليس هناك عالم محجوب أو ميتافيزيفي بقدر ما هناك حجاب يغلف رؤيتنا عن إدراكه. فهل ينفصل الواقعي عن الميتافيزيقي، دائما أسأل ذاتي هذا السؤال، لكن من دون الواقع ينتفي الخيال، لكن لن يحصل العكس، فمن دون الخيال لن ينتفي الواقع، ورغم هذا ثمة تلازم بينهما، وجود الواقع يفرض رؤي عنه، تتفاوت في اعتبارها ميتافيزيقية، أو بحثا عن المطلق، أو سعيا وراء العثور علي إجابات للأسئلة الوجودية المقلقة، التي تجعلنا معلقين بشكل دائم بين خيط الوهم والحقيقة، التماس مع الجنون والعودة لعالم العقلاء، أما الكتابة فهي عملية دمج مستمر لكل هذه المسارات التي تتجاور في داخلنا، نقترب منها بشغف، وأحيانا ننحاز لأحدها علي حساب الآخر.
في بعض مناطق الرواية، يتسرب صوت شهرزاد القادم من ألف ليلة وليلة، كما تتسرب الروح التراثية في مزيج منح العمل جواً من التأمل. كيف ترين أهمية قراءة التراث للروائي، وإلي أي مدي يمكن الاستفادة منه أو التناص معه؟
- ثمة ظلال روح تراثية - صوفية في النص ترتبط بالحلاج، وابن عربي، وجلال الدين الرومي وأخوان الصفا، تحديدا في فكرة "وحدة الوجود" التي تتبناها الرواية منذ الصفحة الأولي. هذا الحضور الصوفي لا أجد له صلة مع شخصيات ألف ليلة وليلة، في الحقيقة أنظر بنوع من الحذر إلي تناول شخصيات ألف ليلة في الرواية المعاصرة، وذلك لكثرة ما تم استخدامها في الأدب. ألف ليلة تظل منبعا خصبا لأي كاتب، مع التنبه من استخدام الكليشيهات النمطية لليالي، سواء في المضمون أو صوت الراوي. في هذه المناسبة، أذكر رواية " أنبئوني بالرؤيا" للكاتب والباحث المغربي عبد الفتاح كيليطو، ومدي جمالية استخدامه لألف ليلة في أسلوب بعيد تماما عن أي نمطية.
فيما يتعلق بالجزء الثاني من السؤال، لا يمكن للكاتب أن ينقطع عن تراثه، صلتنا مع التراث أعمق مما نظن، ليس علي المستوي المعرفي فقط، بل حضور التراث كمنهل للغة أيضا، يكفي مقاربة الإبداع الآسر مثلا في أشعار المعري وحكمه، أو في "الإمتاع والمؤانسة" لأبي حيان التوحيدي، أو في "رسائل أخوان الصفا"، وقصائد ابن عربي، وغير ذلك من الكتب التراثية، حيث كل شخص يجد مساحته الخاصة التي تنسجم مع ميوله ونوعية قراءته.
يتناول العمل إحدي أهم الأسئلة البشرية: سؤال الروح، وينحاز لعقيدة التناسخ، بهذه الطريقة يصير الموت موتاً للجسد فيما تخلد الروح في أجساد متعددة. كيف جاءتك فكرة طرح هذه القضية في رواية وتبنيها؟ وإلي أي مدي يصير سؤال الروح ملهماً؟
- تمنحنا الكتابة وهما جميلا بأننا سنعثر علي إجابات للأسئلة الكبري التي تؤرقنا، وأنه يكفي التوغل أكثر وأكثر في غابة أعماقنا، وفي كلماتنا التي تشابكت غصونها السامقة كي نجد الإجابات التي نريد. نمضي في الغابة نستمع إلي "خشخشة" أوراق الأشجار اليابسة تحت أقدامنا، نُخيف الوطاويط القابعة في أعماقنا وندفعها للخروج من كهوفها، نقطع غصنا من هنا، أو هناك كي نبعده عن طريقنا ظنا أننا بتنا علي وشك الوصول، لكن هذا غير حقيقي، الكتابة لا تقدم الإجابات اليقينية سوي لمن أراد التوقف عن المضي بعيدا، الكتابة تمنحنا مزيدا من " التبئير" للغوص في أسئلتنا، ومع المضي أكثر في غابتنا تتلاشي الأسئلة التي كانت غايتنا الكبري، ويحل مكانها الرغبة في الاستمرار في السير عميقا، يصير السير غاية في حد ذاته. لذا تظل أسئلة الكتابة عملية "نبش" للأعماق، قد لا تنتهي إن لم نتنبه لزمن "الآن"، ونعي بأهمية لحظة العودة، وأن هذه الأسئلة مفتوحة علي الأبدية، والمطلق، مثل سؤال عودة الروح، أو كما ذكرتها في سؤالك "التناسخ"، لكن في الكتابة يحضر الجانب الفني والابداعي من الفكرة، أكثر من الجانب التساؤلي.
لعل ما يتوازي في الرواية مع طرح فكرة عودة الروح من خلال جسد آخر بحثا عما لم تتمكن من تحقيقه في حياة سابقة، هو طرح فكرة السعادة المنقوصة، أعني السعادة البشرية التي لا يمكن تحقيقها فعليا، هذا يتضح مع سيرورة حياة جميع الأبطال الذين تمضي حيواتهم مع شروخات مختلفة، كل يحمل ندبته في داخله، تلك الندبة نوع من القدر المفروض علي الجميع.
بالإضافة للخيط الميتافيزيقي، هناك الخيط الواقعي، حيث تعري الرواية تفاصيل حيوات أبطالها وتناقش من خلالهم قضايا اجتماعية. كيف تنظرين للواقعية في هذا المستوي، أو دور الرواية كفن يعالج المجتمع؟
- الكتابة عن الواقع، أو الخيط الواقعي في أي عمل ابداعي كما أراه، له أسئلته الأخري، المنحازة حتما للإنسان، في قضاياه الموجودة منذ الأزل، في التباس المشاعر واضطرابها في النفس البشرية، والتعبير عنها بمظاهر شتي، ثم في تعقيد الحياة العصرية وتأزماتها، وبين الماضي والحاضر هناك مشاعر إنسانية ثابتة يتناولها الأدب في كل عصر، ما الذي يجعلنا نقرأ شكسبير حتي الآن! وكيف يمكن لشخصية مثل آنا كارنينا، أو مدام بوفاري، أو الأخوة كارامازوف أن يستمروا أحياء عبر الأجيال، لولا هذا الخيط الواقعي المتأزم في كل زمان ومكان.
تبدأ اللعبة الروائية من عنوان "ثلج القاهرة" فالمدينة الحارة تتناقض مع الثلج، بل أنها لم تشاهده. حدثيني عن "الثلج" المنتظر، وعن رؤيتك للمدينة من وجهة نظر مغترِبة تعيش في ضجيجها.
- لم أعد أنظر لنفسي كمغتربة، صرت مشغولة بالهم القاهري بما أني موجودة علي هذه الأرض، فأنا أشارك أهلها معاناتهم، فكرة "وحدة الوجود" التي تتبناها الرواية، تنطبق علي الواقع المعاش أيضا، بل إنها جزء لا ينفصل عنه.
فيما يتعلق بالعنوان، قد يبدو صادما بالنسبة للقارئ للوهلة الأولي، كيف يكون الثلج في مدينة موسومة بالسخونة! لكن هذا العنوان أتي في البداية من حلم بأن القاهرة مغمورة بثلج أبيض، هذا يرد في الصفحات الأولي من الرواية، حلم ليس له معادلة واقعية لتحققه، لكن هذا الحلم صار له تمثلات أخري عبر النص، تمدد الثلج ليحمل دلالاته الحرة من أية قيود، البعض قرأ الرواية ورأي في الثلج دلالة علي الرغبة بالتطهر، والبعض الآخر رأي فيه ما يوحي بالبرودة والصقيع في العلاقات الإنسانية، أو أنه رمز للماء كجزء من حضور الماء كعنصر أولي من عناصر الوجود. ربما لا تنفصل أي دلالة عن الأخري، والغاية تحقيق معادلة التخييل المفترض لمدينة واقعية موجودة بالفعل ولم تعرف أرضها الثلج، لكن إبداعيا من الممكن معرفته، واختباره، واكتشاف عمق برودته، أو مدي جديته في مساعدة البشر علي التطهر حقا، لو تمكنوا من الاحساس به، كوجه آخر مناقض للحرارة، للتلاشي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.