رفعت فياض يكشف حقيقة عودة التعليم المفتوح    محمود بسيونى يكتب: جيل الجمهورية الجديدة    رابط وخطوات التقديم على 1450 فرصة عمل بمشروع الضبعة النووي    الفريق أسامة ربيع يبحث سبل التعاون مع ترسانة ONEX اليونانية    الثانية في ساعات.. تعرض ناقلة نفط لهجوم قبالة سواحل تركيا في البحر الأسود    الخارجية التركية تحدد أهداف إسرائيل في سوريا بعد هجومها المدمر على بيت جن    علي ناصر محمد: مصر كانت الدولة الوحيدة الداعمة لجمهورية اليمن الديمقراطية    مجموعة الأهلي| تعادل سلبي بين شبيبة القبائل ويانج أفريكانز بدوري أبطال إفريقيا    مجموعة بيراميدز.. ريمونتادا مثيرة تمنح نهضة بركان الصدارة    أول بيان رسمي من ستوديو مصر بعد حريق ديكور مسلسل "الكينج"    مصير التوكتوك بعد استبداله بالسيارات الحضارية الجديدة فى الجيزة    صور | مصرع وإصابة 3 في حادث مروري بقنا    3 مدن أقل من 10 درجات.. انخفاض كبير في درجات الحرارة غدا السبت    علي ناصر محمد يكشف تفاصيل أزمة الجيش اليمنى الجنوبى وعفو قحطان الشعبى فى 1968    مايان السيد تكشف عن موقف مؤثر لن تنساه في «ولنا في الخيال حب»    فايا يونان وعبير نعمة تضيئان مهرجان صدى الأهرامات | صور    غدا، الحكم علي التيك توكر محمد عبد العاطي في قضية الفيديوهات الخادشة    خلاف شخصي والحق سيظهر، حلمي عبد الباقي يوضح حقيقة أزمته مع مصطفى كامل    المفتى السابق: الشرع أحاط الطلاق بضوابط دقيقة لحماية الأسرة    يسري جبر يروي القصة الكاملة لبراءة السيدة عائشة من حادثة الإفك    ضمن جولته بمحافظة الأقصر.. وزير الرياضة يتفقد مركز شباب الحبيل ويفتتح ملعب خماسي    دولة التلاوة.. تعرف على موعد عرض الحلقة الجديدة من البرنامج    القاهرة الإخبارية: وفد أوروبي رفيع يتفقد معبر رفح ومراكز المساعدات بالعريش ويُدين الانتهاكات الإسرائيلية في غزة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو صادم ببورسعيد    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    راموس يستعد للرحيل عن الدوري المكسيكي    أرتيتا: تشيلسى يستحق المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي    جامعة حلوان تطلق المرحلة الثانية من الجلسات التعريفية بالمنح التدريبية المجانية لطلابها    جامعة القاهرة تُكرّم نقيب الإعلاميين تقديرا لدوره البارز فى دعم شباب الجامعات    فحص 20 مليون و168 ألف شخص ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    زيارة مفاجئة لوكيل صحة أسيوط لمستشفى منفلوط المركزي اليوم    انعقاد 8 لجان وزارية وعليا بين مصر والجزائر والأردن ولبنان وتونس وسويسرا والعراق وأذربيجان والمجر    عمر جابر: مواجهة كايزرتشيفز تختلف عن ستيلينبوش    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    سعر اللحوم في مصر منتصف تعاملات اليوم الجمعة    كامل الوزير يتفق مع شركات بريطانية على إنشاء عدة مصانع جديدة وضخ استثمارات بمصر    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    عاطف الشيتاني: مبادرة فحص المقبلين على الزواج ضرورة لحماية الأجيال القادمة    حكايات شادية من الأرشيف فى ذكرى رحيلها.. بامية وأغانٍ ومسرح    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    فضل سورة الكهف.. لا تتركها يوم الجمعة وستنعم ب3 بركات لا توصف    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    اسعار الاسمنت اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025 فى المنيا    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    جدول مباريات اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأردني تطورات الأوضاع في غزة    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    الزراعة تصدر أكثر من 800 ترخيص تشغيل لأنشطة الإنتاج الحيواني والداجني    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    سريلانكا:ارتفاع عدد الوفيات جراء الانهيارات الأرضية والفيضانات إلى 56    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد صدور روايتها " ثلج القاهرة": لنا عبد الرحمن: اكتب أحلامي
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 12 - 2013

في روايتها الجديدة "ثلج القاهرة"، الصادرة عن دار آفاق، تطرح الكاتبة اللبنانية المقيمة بالقاهرة لنا عبد الرحمن سؤالاً حول الروح وعودتها وإحلالها في أجساد متعددة، كما تطرح الرؤية الصوفية عن وحدة الوجود، لكنها في الوقت نفسه، تمزج ما هو روحاني بما هو جسدي، كما ينصهر في عملها الميتافيزيقي مع الواقعي والاجتماعي. تفعل ذلك بمستويين من اللغة، لتصبح اللغة بذلك ليست مجرد أداة لتوصيل معلومات، بل حاملة لدلالات وشفرات ثقافية، ومعبّرة عن الشخصية في شقها الروحي أو الجسدي.
منذ الصفحات الأولي من الرواية، يلاحظ المزج بين الواقعي والميتافيزيقي، الذهاب والإياب بين منطقتين تبدوان للوهلة الأولي منفصلتين. حدثيني عن رؤيتك لعلاقة الميتافيزيقي بالواقعي وعن تجربة ذلك في روايتك.
- تبدأ الرواية مع صوت نورجهان (الروح) وسؤال الموت والمكان، والعلاقة بينهما، هذا السؤال يظل حاضرا علي مدار النص، يبدو أحيانا أبدياً ومؤرقاً، التساؤل عن الأفكار والرؤي والتخيلات، أين تذهب كلها بعد موتنا، كيف تنتهي تماما مع تلاشي الجسد الذي تسكنه، وهل تنتهي حقا،أم تظهر بشكل آخر. سؤال الموت والمكان والجسد، يظل مطروحا مع شخصية بشري أيضا، الوجه الآخر لشخصية نورجهان، الوجه الواقعي أو المعاصر. من هنا يبدو الحضور الميتافيزيقي جزءا من تشكيل النص في تجاور ضدين: واقعي وغيبي، مرئي ومحجوب. لكن في المقابل، ليس هناك عالم محجوب أو ميتافيزيفي بقدر ما هناك حجاب يغلف رؤيتنا عن إدراكه. فهل ينفصل الواقعي عن الميتافيزيقي، دائما أسأل ذاتي هذا السؤال، لكن من دون الواقع ينتفي الخيال، لكن لن يحصل العكس، فمن دون الخيال لن ينتفي الواقع، ورغم هذا ثمة تلازم بينهما، وجود الواقع يفرض رؤي عنه، تتفاوت في اعتبارها ميتافيزيقية، أو بحثا عن المطلق، أو سعيا وراء العثور علي إجابات للأسئلة الوجودية المقلقة، التي تجعلنا معلقين بشكل دائم بين خيط الوهم والحقيقة، التماس مع الجنون والعودة لعالم العقلاء، أما الكتابة فهي عملية دمج مستمر لكل هذه المسارات التي تتجاور في داخلنا، نقترب منها بشغف، وأحيانا ننحاز لأحدها علي حساب الآخر.
في بعض مناطق الرواية، يتسرب صوت شهرزاد القادم من ألف ليلة وليلة، كما تتسرب الروح التراثية في مزيج منح العمل جواً من التأمل. كيف ترين أهمية قراءة التراث للروائي، وإلي أي مدي يمكن الاستفادة منه أو التناص معه؟
- ثمة ظلال روح تراثية - صوفية في النص ترتبط بالحلاج، وابن عربي، وجلال الدين الرومي وأخوان الصفا، تحديدا في فكرة "وحدة الوجود" التي تتبناها الرواية منذ الصفحة الأولي. هذا الحضور الصوفي لا أجد له صلة مع شخصيات ألف ليلة وليلة، في الحقيقة أنظر بنوع من الحذر إلي تناول شخصيات ألف ليلة في الرواية المعاصرة، وذلك لكثرة ما تم استخدامها في الأدب. ألف ليلة تظل منبعا خصبا لأي كاتب، مع التنبه من استخدام الكليشيهات النمطية لليالي، سواء في المضمون أو صوت الراوي. في هذه المناسبة، أذكر رواية " أنبئوني بالرؤيا" للكاتب والباحث المغربي عبد الفتاح كيليطو، ومدي جمالية استخدامه لألف ليلة في أسلوب بعيد تماما عن أي نمطية.
فيما يتعلق بالجزء الثاني من السؤال، لا يمكن للكاتب أن ينقطع عن تراثه، صلتنا مع التراث أعمق مما نظن، ليس علي المستوي المعرفي فقط، بل حضور التراث كمنهل للغة أيضا، يكفي مقاربة الإبداع الآسر مثلا في أشعار المعري وحكمه، أو في "الإمتاع والمؤانسة" لأبي حيان التوحيدي، أو في "رسائل أخوان الصفا"، وقصائد ابن عربي، وغير ذلك من الكتب التراثية، حيث كل شخص يجد مساحته الخاصة التي تنسجم مع ميوله ونوعية قراءته.
يتناول العمل إحدي أهم الأسئلة البشرية: سؤال الروح، وينحاز لعقيدة التناسخ، بهذه الطريقة يصير الموت موتاً للجسد فيما تخلد الروح في أجساد متعددة. كيف جاءتك فكرة طرح هذه القضية في رواية وتبنيها؟ وإلي أي مدي يصير سؤال الروح ملهماً؟
- تمنحنا الكتابة وهما جميلا بأننا سنعثر علي إجابات للأسئلة الكبري التي تؤرقنا، وأنه يكفي التوغل أكثر وأكثر في غابة أعماقنا، وفي كلماتنا التي تشابكت غصونها السامقة كي نجد الإجابات التي نريد. نمضي في الغابة نستمع إلي "خشخشة" أوراق الأشجار اليابسة تحت أقدامنا، نُخيف الوطاويط القابعة في أعماقنا وندفعها للخروج من كهوفها، نقطع غصنا من هنا، أو هناك كي نبعده عن طريقنا ظنا أننا بتنا علي وشك الوصول، لكن هذا غير حقيقي، الكتابة لا تقدم الإجابات اليقينية سوي لمن أراد التوقف عن المضي بعيدا، الكتابة تمنحنا مزيدا من " التبئير" للغوص في أسئلتنا، ومع المضي أكثر في غابتنا تتلاشي الأسئلة التي كانت غايتنا الكبري، ويحل مكانها الرغبة في الاستمرار في السير عميقا، يصير السير غاية في حد ذاته. لذا تظل أسئلة الكتابة عملية "نبش" للأعماق، قد لا تنتهي إن لم نتنبه لزمن "الآن"، ونعي بأهمية لحظة العودة، وأن هذه الأسئلة مفتوحة علي الأبدية، والمطلق، مثل سؤال عودة الروح، أو كما ذكرتها في سؤالك "التناسخ"، لكن في الكتابة يحضر الجانب الفني والابداعي من الفكرة، أكثر من الجانب التساؤلي.
لعل ما يتوازي في الرواية مع طرح فكرة عودة الروح من خلال جسد آخر بحثا عما لم تتمكن من تحقيقه في حياة سابقة، هو طرح فكرة السعادة المنقوصة، أعني السعادة البشرية التي لا يمكن تحقيقها فعليا، هذا يتضح مع سيرورة حياة جميع الأبطال الذين تمضي حيواتهم مع شروخات مختلفة، كل يحمل ندبته في داخله، تلك الندبة نوع من القدر المفروض علي الجميع.
بالإضافة للخيط الميتافيزيقي، هناك الخيط الواقعي، حيث تعري الرواية تفاصيل حيوات أبطالها وتناقش من خلالهم قضايا اجتماعية. كيف تنظرين للواقعية في هذا المستوي، أو دور الرواية كفن يعالج المجتمع؟
- الكتابة عن الواقع، أو الخيط الواقعي في أي عمل ابداعي كما أراه، له أسئلته الأخري، المنحازة حتما للإنسان، في قضاياه الموجودة منذ الأزل، في التباس المشاعر واضطرابها في النفس البشرية، والتعبير عنها بمظاهر شتي، ثم في تعقيد الحياة العصرية وتأزماتها، وبين الماضي والحاضر هناك مشاعر إنسانية ثابتة يتناولها الأدب في كل عصر، ما الذي يجعلنا نقرأ شكسبير حتي الآن! وكيف يمكن لشخصية مثل آنا كارنينا، أو مدام بوفاري، أو الأخوة كارامازوف أن يستمروا أحياء عبر الأجيال، لولا هذا الخيط الواقعي المتأزم في كل زمان ومكان.
تبدأ اللعبة الروائية من عنوان "ثلج القاهرة" فالمدينة الحارة تتناقض مع الثلج، بل أنها لم تشاهده. حدثيني عن "الثلج" المنتظر، وعن رؤيتك للمدينة من وجهة نظر مغترِبة تعيش في ضجيجها.
- لم أعد أنظر لنفسي كمغتربة، صرت مشغولة بالهم القاهري بما أني موجودة علي هذه الأرض، فأنا أشارك أهلها معاناتهم، فكرة "وحدة الوجود" التي تتبناها الرواية، تنطبق علي الواقع المعاش أيضا، بل إنها جزء لا ينفصل عنه.
فيما يتعلق بالعنوان، قد يبدو صادما بالنسبة للقارئ للوهلة الأولي، كيف يكون الثلج في مدينة موسومة بالسخونة! لكن هذا العنوان أتي في البداية من حلم بأن القاهرة مغمورة بثلج أبيض، هذا يرد في الصفحات الأولي من الرواية، حلم ليس له معادلة واقعية لتحققه، لكن هذا الحلم صار له تمثلات أخري عبر النص، تمدد الثلج ليحمل دلالاته الحرة من أية قيود، البعض قرأ الرواية ورأي في الثلج دلالة علي الرغبة بالتطهر، والبعض الآخر رأي فيه ما يوحي بالبرودة والصقيع في العلاقات الإنسانية، أو أنه رمز للماء كجزء من حضور الماء كعنصر أولي من عناصر الوجود. ربما لا تنفصل أي دلالة عن الأخري، والغاية تحقيق معادلة التخييل المفترض لمدينة واقعية موجودة بالفعل ولم تعرف أرضها الثلج، لكن إبداعيا من الممكن معرفته، واختباره، واكتشاف عمق برودته، أو مدي جديته في مساعدة البشر علي التطهر حقا، لو تمكنوا من الاحساس به، كوجه آخر مناقض للحرارة، للتلاشي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.