في شهر نوفمبر من كل عام يحتفل شعب جواتيمالا بعيد الموتي بإطلاق مجموعة بديعة من الطائرات الورقية التي يصنعونها بأنفسهم، وكلما كانت الطائرات أكبر وارتفعت أكثر في السماء ، كان ذلك دليلا علي اقترابهم من الله. كما يحرص شعب جواتيمالا أيضا علي الاحتفال بالأسبوع المقدس أو كما يعرف بأسبوع الآلام وذلك في شهر إبريل في الغالب، حيث يأتي بعد أسبوع من احتفال الأقباط في مصر تقريبا نظرا لأنهم في جواتيمالا من الكاثوليك . وتحتفل جواتيمالا بعيدها القومي في الخامس عشر من شهر سبتمبر، ويشاركها في هذا الاحتفال الهندوراس والسلفادور ونيكاراجوا . وتعتبر مدينة "أنتيجوا" والتي تعني قديم وتبعد عن العاصمة جواتيمالا سيتي بحوالي ساعة من أشهر مدن دولة جواتيمالا ، حيث تضم هذه المدينة آثارا كثيرة ومنها مجموعة من الأهرامات التي تشبه هرم سقارة المدرج والتي تعود لحضارة المايا. وشعب جواتيمالا من الشعوب التي لا تزال تحتفظ بسماتها وبتراثها الغني وعادتها وتقاليدها بل وبزيها التقليدي الذي يتميز بألوانه المبهجة المتداخلة والذي يرتديه السكان الأصليون حتي يومنا هذا، ، ولعل هذا هو السبب الذي دفع المصور الإيطالي روبرتو سكوفاكريتشي لالتقاط العديد من الصور خلال السبعينيات وتحديدا في الفترة من 1977-1979، خلال اقامته في جواتيمالا للعمل في مشروع للتعاون الإنمائي بجواتيمالا. لكن مجموعة الأفلام تعرضت لتلف جزئي نتيجة تعرضها لعوامل الطبيعة، ولكن الشيء المثير للاهتمام أن التغيرات الكيميائية التي طرأت علي نيجاتيف الأفلام قد تسببت في إضفاء تأثيرات فريدة علي الصور، حيث أصبحت صورا فريدة من نوعها مختلطة الألوان وأشبه برسومات زيتية أو لوحات طباعية، وأصبحت تلك الألوان هي إحدي السمات المميزة لجواتيمالا. وهو ما دفع الفنان لعرض تلك المجموعة في معرض استضافته قاعة زياد بكير بدار الأوبرا تحت عنوان "جواتيمالا: شعبها وألوانها"، وهي ليست المرة الأولي التي يعرض فيها تلك المجموعة حيث تم عرضها لأول مرة في مبني الأممالمتحدة في جنيف عام 2005، ثم عرضها في بينالي التصوير في موسكو، وكذلك في المدن الروسية الأخري مثل سانت بطرسبرغ وكالينينغراد بين عامي 2006 و 2007، وفي عام 2007 تم عرضه أيضا في كييف، أوكرانيا. مصر وغانا.. أكبر من مباراة بعد الثورة اكتشفنا أن هناك بوناً شاسعاً بيننا وبين أفريقيا، فقد عمل نظام مبارك بتعال وربما بعنصرية مع جيراننا، واستمر منكفياً علي ذاته، متوهماً تشعب علاقاته مع دول أعظم، متجاهلاً أن إفريقيا تنمو وتتطور وأصبحت تمتلك نخباً تلقت تعليماً في أهم جامعات العالم، نخباً تعرف جيداً كيف ننظر إلي دولها بدونية وربما باحتقار، كما جاء النظام الإخواني ليعمل علي توسيع فجوة الخلاف بيننا وبينهم، وكان لا بد للدمل أن ينفجر، وقد انفجر في وجوهنا في أزمة سد النهضة الإثيوبي الشهيرة. وبالتوازي مع هذا الأمر كانت علاقاتنا تزداد سوءاً مع الدول العربية، لأسباب لها علاقة بالشوفونية ضيقة الأفق، والتي تجعلك مركزاً للعالم، من دون أن تحاول أن تري كيف تطور جيرانك ومن تنتمي إليهم ديناً ولغة، وكانت المأساة أن نظام مبارك البائد كان يدفع دفعاً نحو حرب مع دولة الجزائر من أجل تمرير التوريث، وأشعل نار الخلاف بين شعبين، علي مباراة في كرة القدم، تساوي في النهاية فريقاً فائزاً وآخر خاسراً ينبغي أن يجلس في مقاعد المتفرجين ليشد من أزر الفائز، كما أسلفنا لاعتبارات القومية العربية، ولكننا انضفنا، بديلاً عن هذا، إلي جملة من يضمهم كتاب سايمون كوبر"كرة القدم ضد العدو"، حيث تصبح اللعبة الشعبية الأولي في العالم نوعاً من الثأر من الآخرين، وعلي سبيل المثال نزلت الأمة الهولندية الرزينة بالكامل في الشوارع للاحتفال بالفوز علي ألمانيا التي كانت تحتلها يوماً ما، وكتب شعراء هولنديون كبار قصائد مطولة لتمجيد الفوز، وتعظيم لاعبيهم الهولنديين، وذم الألمان، إيريك فان كتب في قصيدة: اانظري عزيزتي إلي التلفاز/ برتقال خولييت أبيض/ أبيض/ ماتيوس أسود»، وبتعبير سايمون "كأن اللاعبين الألمان هم الشرّ، والهولنديين هم الخير"، أو كما جري في مباراة إيران وأمريكا، حيث كتبت الصحف الإيرانية كثيراً محذرة لاعبيها من مصافحة ممثلي الشيطان الأكبر. لقد تحولت المباراة بين مصر والجزائر إلي مناسبة للعداوة المطلقة، التي لم تخفت حدتها إلي الآن، وستلحظون ذلك في منتديات الدردشة وعلي مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً في الصحف الجزائرية والمصرية، فما زالت التصريحات تخرج ساخنة كأن ما جري كان بالأمس لا منذ أربعة أعوام، وها هي الأمور تتكرر في مناسبة جديدة مع غانا، حيث تخرج التصريحات من اللاعبين والجمهور للتذكير بأمجاد سابقة، وتصوير الأمر علي أنه حرب، لدرجة أن سفير غانا التقط الأمر وقال لصحافة بلاده إن المصريين يتعاملون كأنهم علي وشك الحرب، وهو ما جعل الردود تتوالي من هناك للحط منا. كتب إداوردو جاليانو عن كرة القدم، مؤكداً أنها مرآة للعالم، وهي تقدم ألف حكاية وحكاية مهمة، فيها المجد والاستقلال والحب والبؤس، كان يتحدث عن لعبة تتماس مع الفن، وفيها دراما الحياة، ولكنه لم يقصد أبداً أن تتحول إلي مجال للصراع القائم علي الشوفونية. لقد انتهت المباراة الأولي، وتبدأ الثانية قريباً، وعلينا فيها أن نثبت للأفارقة أننا ننتمي إليهم، وأننا شعب متحضر يؤمن بأن الرياضة مكسب وخسارة، وأننا سنقاتل لنصعد إلي كأس العالم، ولو لم يحدث سنجلس أمام الشاشات لنشجعهم كممثل عنا، وهذا يمكن أن يحدث بأمور إنسانية بسيطة، في حفاوة الاستقبال، وفي التصريحات، وهم يقرؤونها بكل تأكيد، والأهم النزول من البرج العاجي إلي الأبد، حتي يقتنع الجيران بأننا صرنا جزءاً منهم.