«البحوث الإسلاميَّة»: الفتوى الرشيدة تمنع استغلال الذكاء الاصطناعي    رئيس الوزراء يستعرض مع وزيرة التخطيط جهود حوكمة الاستثمارات العامة    محافظ البحيرة تعتمد 10 مخططات تفصيلية بنطاق 7 مراكز بالمحافظة    تحصين 160 ألف رأس ماشية بالجيزة للحفاظ على الثروة الحيوانية    مطالب بتحسين خدمات الصرف الصحي ورصف طرق داخلية وتدعيم شبكات مياه في بني سويف    تفاصيل شهادة «المرابح» الإسلامية.. 1% زيادة في العائد مع إعفاء ضريبي كامل من البنك الزراعي    الكرملين: توقف المفاوضات بشأن الصراع مع أوكرانيا    تلاوة القرآن الكريم تفتتح أعمال القمة في الدوحة    ترامب يهدد بفرض حالة طوارئ وطنية في واشنطن    الزمالك يحسم موقف ثنائي الوسط من لقاء الإسماعيلي    طبيب الأهلي يكشف تفاصيل حالة إمام عاشور.. محجوز بالمستشفى    د. أسامة أبوزيد يكتب: عودة الخطيب    التكنولوجيا التطبيقية.. 13 شراكة دولية تزين 115 مدرسة تستهدف سوق العمل    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية «داعش حلوان»    ستيرلينغ كي براون يظهر على سكوتر في حفل جوائز الإيمي ال77    مدبولي: البدء على الفور في تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بالمنيا    تقديم الخدمات الطبية ل1266 مواطناً ضمن القافلة المجانية بقرية طاهر في كفر الشيخ    في ذكرى ميلاد إسماعيل ياسين.. حلاق السيدات جمعه بالنابلسي بعد 36 فيلما لم يجمعهما فيهم مشهد واحد    شكا في سلوكها.. مقتل سيدة على يد شقيقيها بمنطقة الوراق    الفجر بالإسكندرية 5.16.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً الثلاثاء 16 سبتمبر 2025    وزير الرى يلتقي المدير التنفيذي لمصر بمجموعة البنك الدولي لاستعراض مجالات التعاون المشترك بين الوزارة والبنك    الاحتلال يكثف إجراءاته بالضفة.. مئات الحواجز والبوابات الحديدية    أبرزها مواجهة الزمالك والإسماعيلي، مواعيد مباريات الجولة السابعة من الدوري المصري    تعليق مفاجئ من آمال ماهر على غناء حسن شاكوش لأغنيتها في ايه بينك وبينها    الدكتور هشام عبد العزيز: الرجولة مسؤولية وشهامة ونفع عام وليست مجرد ذكورة    حاكم يوتا الأمريكية يكشف أسرارًا عن المتهم بقتل تشارلي كيرك.. ما هي؟    وزير المالية السعودي: سوق المال يتجاوز 2.4 تريليون ريال وإطلاق جوجل باي بالرياض    "التوازن النفسي في عالم متغير" ندوة بالمجلس القومي للمرأة    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    موعد إعلان الفائز بمسابقة أفضل ممارسات الحفاظ على التراث العمراني 2025    هيئة الدواء تحذر: التوقف المفاجئ عن بعض الأدوية يسبب مضاعفات خطيرة    محافظ الوادي الجديد: اعتماد 4 مدارس من ضمان جودة التعليم بالخارجة وباريس    ما هي حالة الطقس اليوم؟.. تحذير من شبورة مائية صباحًا وانخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    20 سبتمبر.. محاكمة 3 عاطلين بتهمة ترويج المواد المخدرة بحدائق القبة    ضبط ربع طن لانشون بقرى وبرجر وسجق منتهي الصلاحية بالأقصر    العملات الرقمية وراء تعرض شاب للاحتجاز داخل شقته بمدينة 6 أكتوبر    البنك الأهلي المصري يتعاون مع «أجروفود» لتمويل و تدريب المزارعين    إزالة 95 حالة تعدٍ على الأراضى الزراعية بسوهاج خلال حملات موسعة.. صور    "الأوقاف" تعلن عن أسماء المقبولين للدراسة بمراكز إعداد محفظي القرآن الكريم    أول هدف وفوز وهزيمة.. 4 أمور حدثت لأول مرة فى الجولة السادسة بالدورى    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    صوفيا فيرجارا تغيب عن تقديم حفل جوائز إيمي 2025.. ما السبب؟    استقرار حالة أخصائى التدليك فى إنبي بعد تعرضه لأزمة صحية عقب مباراة الأهلي    منافسة شرسة بين مان سيتي ويونايتد على ضم نجم الإنتر    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية    برشلونة ضد فالنسيا.. البارسا يسحق الخفافيش 3 مرات فى 2025 ويحقق رقما قياسيا    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 126 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بسنت النبراوي: تركت مهنتي كمضيفة جوية بسبب ظروف صحية والتمثيل صعبة للغاية    أيمن الشريعي: الأهلي واجهة كرة القدم المصرية والعربية.. والتعادل أمامه مكسب كبير    وزير الصحة يترأس اجتماع «التأمين الشامل» لمناقشة التطبيق التدريجي بالمحافظات    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : هذا ما تعلمناه؟؟    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى إبراهيم البحراوى    ما حكم قتل القطط والكلاب الضالة؟ دار الإفتاء المصرية تجيب    استشهاد شخص وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب لبنان    فلكيًا بعد 157 يومًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 في مصر    بالأسماء.. إصابة 4 من أسرة واحدة في البحيرة بعد تناول وجبة مسمومة    لقاء الخميسي في الجيم ونوال الزغبي جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"تمرّد" في تونس أيضا:
الشعب يستردّ أمانته
نشر في أخبار الأدب يوم 27 - 07 - 2013

التقاطعات والتماثلات بين الثورة التونسية والثورة المصرية عديدة جدّا. أمّا الاختلاف الأبرز بينهما فهو أنّ المسار التونسي كان دور الاتحاد العام التونسي للشغل فيه حاسما مرجّحا (منظّمة نقابية وطنية أسّسها الزعيم الشهيد فرحات حشاد في 20 / يناير 1946)، في حين كان دور الجيش في مصر حاسما. فاتحاد الشغل هو الهيكل المنظّم الموجود في كلّ جهات البلاد جهويا ومحليا. وهو يمتلك خبرة طويلة في إدارة الصراع الاجتماعي. ولذلك تولّي الاتحاد احتضان الثورة وتأطير الثائرين. وفتح لهم مقرّاته وحماهم من القمع والعنف. وبعد هروب بن علي، كان الاتحاد، الذي يضمّ نضالات اليسار الممنوع من التنظّم السياسي، حاضرا في كلّ المحطّات السياسية النضالية. وكان دوره الأبرز يتمثّل في المساهمة الفاعلة والمؤثّرة في بعث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي قامت علي أساس توافقي وعنها انبثقت الهيئة المستقلّة للانتخابات التي أشرفت علي انتخابات المجلس التأسيسي 23 أكتوبر 2011. لقد كان الاتحاد العام التونسي للشغل هو القوّة المدنية للتعديل والاقتراح والضغط والتأثير. ولاشيء كان يمكن أن يمرّ دون موافقته.
الساحة المصرية كانت تفتقر إلي هذه القوّة المدنية التعديلية المؤثّرة المهيكلة في كل المحافظات. ولذلك لم يكن هناك مناص من استلام القوّات المسلّحة السلطة وإدارة الشأن العام ودواليب الدولة نظرا لحجمها الكبير ولخبرتها في ممارسة السلطة في تاريخ مصر المعاصر (لاحظ أنّ رؤساء مصر الثلاثة بعد الملكية، منذ 1952 كانوا عسكريين: عبد الناصر والسادات ومبارك، مع الفروق السياسية بينهم، طبعا). ولهذا السبب، فحتي حركة تمرّد الشبابية المدنية المصرية، ورغم نجاحها التاريخي في التنظّم وكفاءتها في تسيير تمرّدها وفي الجدل الإعلامي وفي حشد الملايين في الشوارع وفي دفع السّاسة إلي مجاراتها والوقوف خلفها لا أمامها، فإنّها لم تنه مهمّتها التمردية المدنية في إسقاط النظام الإخواني إلاّ بحسم عسكري تولّته القوّات المسلّحة المصرية استجابة لمطالب جماهرية فاقت أعدادها ضعف عدد المشاركين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ممّن صوّت لمرسي وشفيق معا. إذن، هذه خصوصيات تميز كلّا من الشعبين التونسي والمصري أحدهما عن الآخر.
طمس الحلم الثوري
كان مآل المسار الثوري التونسي انتخاب مجلس تأسيسي بأغلبية نهضوية إخوانية عقدت تحالفا ثلاثيا مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتّل من أجل العمل والحريات وهما حزبان غير إسلاميين في الظاهر علي الأقلّ. وتأسّس نظام ترويكا برؤوس ثلاثة؛ رئاسة الحكومة (للنهضة) ورئاسة الجمهورية (للمؤتمر) ورئاسة المجلس التأسيسي (للتكتّل).
والمجلس التأسيسي هذا كان هو الخطأ الأكبر للثورة التونسية. وهو خطأ ناتج عن سوء التقييم لطبيعة المجتمع والثورة. ولابدّ من التذكير بأنّ المجلس التأسيسي وكتابة دستور جديد لتونس كان مطلبا يساريا استجاب له النهضويون وعملوا علي تفعيله. بل وجدوه الفرصة الأنسب لتغيير الدستور بما يتوافق مع تجسيد حلمهم الاستخلافي الرجعي. ولذلكوا اشتعلت معركة التنصيص علي الشريعة في الدستور مخفورة بغزوات إخوانية وسلفية في الشوارع.
قلت إنّ التأسيسي هذا كان خطأ. والسبب أنّ دعاة المجلس التأسيسي قارنوا وضع تونس سنة 2011 بوضعها سنة 1959 ورأوهما وضعين متطابقين. وهذا غير صحيح فسنة 1959 كان الشعب التونسي قد استقلّ حديثا ولا يملك مؤسّسات ولا تعليماً ولا اقتصاداً ولا أجهزة ولا دولة. وكان لابدّ من مجلس تأسيسي ليؤسّس لكلّ هذا. أمّا سنة 2011 فكانت هناك دولة وإدارة وكفاءات وطاقات وقوانين ودستور. المشكلة لم تكن دستورا وإنّما كانت نظاما فاسدا أفسد الدستور وأساء استخدام السلطة. كان هذا الانحراف الأوّل عن مطالب الثورة. وكان علي أيدي الثوريين أنفسهم للأسف. فالشعب كان يريد التشغيل والحرية والكرامة. ولم يكن الدستور مطلبا ثوريا. وإنّما كان مطلب سياسيا نخبويا مسقطا علي الثورة وعلي مطالبها.
في تونس، تضاعفت ظاهرة التوظيف السياسي للمساجد حيث انتشرت ظاهرة التشهير بخصوم النهضة الذين سمّاهم راشد الغنوشي خصوم الإسلام. وتطوّرت الظاهرة إلي التكفير والدعوة إلي إقامة الحدّ علي مناضيلن سياسيين معارضين لحركة النهضة. وكانت حركة النهضة الإخوانية الحاكمة قد صمّت آذانها عن الدعوات جميعها التي كانت تطالبها بتحييد المساجد أثناء الحملة الانتخابية.
وبالتوازي مع توظيف المساجد، تنامي دور المجموعات العنفية والرابطات ذات الخلفية الدينية لاسيما رابطات حماية الثورة والتيارات السلفية كتيار أنصار الشريعة. وبدأت تكتسح الشارع وتحاول طرد المعارضين والحقوقيين والفنّانين والصحافيين منه عبر العنف والاعتداء ووصل الاعتداء حدّ الاغتيال السياسي باغتيال الرفيق الشهيد شكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد والقيادي في الجبهة الشعبية في 6 فبراير 2013 وقبله كان اغتيال الشهيد لطفي نڤض رئيس المكتب الحهوي لحزب نداء تونس في محافظة تطاوين جنوب تونس في 17 أكتوبر/ 2012. كانت هذه المجموعات العنفية مدعومة لوجستيا وميدانيا من قبل حركة النهضة وحزب المؤتمر مالكي السلطة الجدد. وكانت تحظي بحماية وبغطاء قانوني. وتحظي أيضا بالهبات والعطايا والمكافآت وأهمّها التوظيف في القطاعات والمنشآت العمومية تحت غطاء تظيف جرحي الثورة وأبناء عائلات الشهداء والمنتفعين بالعفو العام.
فالجماهير الثائرة التي رفعت شعارات العمل والحرية والكرامة والتقدّم وتصدّت لقمع النظام المخلوع ورصاص أجهزته، وجدت نفسها علي هامش مغانم الثورة لم تكسب شيئا ولم تحقّق أهدافها. فما حصل أنّ المآل انحرف عن هذه المطالب بل إنّه آل إلي الأسوإ في المستوي الاجتماعي والسياسي والأمني. فالثائرون لم يكونوا وحدهم الحالمين. وإنّما كان هناك الإخوان المسلمون ينتظرون هذه الفرصة لا ليحقّقوا أهداف الثورة بل ليحيوا حلمهم الأبدي باستعادة دولة الخلافة وتنصيب الشريعة من جديد.
هل في هذا الكلام تجنٍّ علي الإخوان؟ لا، لا أعتقد لأنّ مقاييس التقييم نستمدّها من تجربة الإخوان في الحكم في مصر وفي تونس. فهم لم يهتمّوا بمطالب الثورة وإن كانوا حملوها شعارا للمزايدة في كثير من المناسبات. واهتمّوا بحلمهم الاستخلافي يجمّلونه بصلف وتعالٍ منقطعي النظير مستندين إلي فهم تأبيدي للشرعية الانتخابية التي تعاملوا معها باعتبارها غنيمة وتشريفا لا باعتبارها مسؤولية وتكليفا. ولذلك انخرط الإخوان، منذ أن تسلّموا السلطة، في الاستحواذ علي المناصب وعلي الثروات. وبدأت تفوح روائح التآمر علي الشعب والتفريط في أرضه في مصر. وكان الإعلان الدستوري الفرعوني في مصر العلامة النهائية علي موت التجربة الإخوانية.
أمّا في تونس، فإنّ الحكّام الجدد استمرّوا في نفس الخيارات الاقتصادية التي أدّت إلي الثورة. وأغرقوا البلد في الديون التي تصرف في الاستهلاك وفي خلاص الجهور والامتيازات لا في الاستثمار. وعجزوا عن حلّ المشاكل الاجتماعية فلم تتوقّف الاحتجاجات والاعتصامات والانتحارات وإغلاق المصانع. والتهبت الأسعار وتضاعفت نسبة التضخّم وتدحرج الدينار التونسي إلي مستويات غير مسبوقة. أضف إلي ذلك التهديدات الإرهابية وانتشار السلاح وظهور التفجيرات في جبال الشعانبي غرب تونس دون إعلان حركة النهضة عن إدانتها للإرهاب ودون أن يشعر الشعب التونسي أنّها تقف إلي صفّه.
كما أغلقوا كلّ أبواب الحوار والمصالحة الوطنية مع المعارضة. وسارعوا بافتعال المشاكل الاجتماعية وبمعاداة الاتحاد العام التونسي للشغل بل بالاعتداء عليه في أكثر من مرّة آخرها كان يوم 4 ديسمبر/ كانون الأوّل 2012 أثناء إحياء ذكري اغتيال الشهيد فرحات حشاد مؤسّس الاتحاد.
تمرّد: الشعب يستردّ أمانته
والخلاصة أنّ تقييم تجربة الإخوان في السلطة في كلّ من تونس ومصر هو تقييم سلبي جدّا. وكان من الطبيعي أن تنتفض الجماهير علي مستلبيها وتهبّ لإنقاذ نفسها ولتصحيح مسار ثورتها دفاعا عن مصالحها التي أهدرتها السلطة المنتخبة. وبعد نجاح المدّ الجماهيري العارم في سحب توكيل السلطة من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ظهرت علامات الانتشاء والرغبة في التقليد في الشارع التونسي. وكان المزاج الشعبي العام في تونس مساندا للشعب المصري. واعتبر أنّ تمرّده هو قلب للموازين وتعديل لبوصلة الثورة وتوجيهها نحو أهدافها الحقيقية.
وقد كان التفاعل التونسي مع التمرّد الشعبي المصري علي وجهين؛ الوجه الأوّل شبابي تلقائي تمثّل في ظهور حركتي تمرّد إثنتين الأولي اسمها زتمرّدس والثانية اسمها خنقتونا وهما تستعيران نفس منهج عمل زتمرّدس المصرية عبر تكوين غرفة عمل شبابية بهدف واضح ومعلن وهو إسقاط النظام السياسي القائم وإسقاط المجلس التأسيسي ويعمل بجمع التوقيعات، والوجه الثاني سياسي تمثّل في دعوة الجبهة الشعبية والاتحاد من أجل تونس إلي عقد مؤتمر وطني للإنقاذ وتكوين حكومة أزمة تدير المرحلة الانتقالية المتبقية وتشرف علي انتخابات تشريعية ورئاسية.
هذه الدعوات كان يمكن أن توقظ حركة النهضة الإخوانية فتسارع بتدارك عثراتها المزلزلة وتعمل علي استئناف الحوار الوطني والمصالحة الوطنية. ولكنّها علي العكس من ذلك، وخلافا للجبهة الشعبية ولاتحاد الشغل وللاتحاد من أجل تونس الذين ساندوا حقّ الشعب المصري في استرداد سلطته من قبل من خانوا الأمانة، ارتبكت حركة النهضة وهربت إلي الأمام وتدخّلت في الشأن المصري في بيان منشور علي موقع الحركة يتعامي عن المدّ الجماهيري العاصف الذي أسقط حكم الإخوان ويري في ذلك انقلابا عسكريا مع أنّ الجيش لم يتولّ السلطة بل سلّمها للمدنيين.
ووقعت حركة النهضة في الخطأ حيث أسرع قادتها يلوّحون بالحرب الأهلية ويهدّدون التونسيين بالسحل في الشوارع في دفاع أحمق عن الشرعية في صورة مطابقة لأصلهم المصري. وهم يستمرّون في الإمعان في المغالطة حين يجمعون بين الشرعية الانتخابية والشرعية الإلهية. ويعتبرون أنفسهم ممثّلي الشرع الربّاني في تونس دون أن يعترفوا بأنّ الشعوب الثائرة تريد الشغل والحرية والكرامة والأمن والتقدّم فقط. ولهذا أتوقّع للإخوان النهضويين نفس مآل إخوان مصر وإن بطرق مختلفة. فهذه الشعوب تبين أنّها لن تمضي مستقبلا إلاّ مع من يحقّق لها مطالبها. ولن ترضي عمّن تنتخبه ولا يلتزم بالميثاق المبرم بينها وبينه. أمّا المشروع الإخواني الاستخلافي الرجعي فلا يعني الشعب. ولن ينجحوا في فرضه أبدا علي شعوب لا تؤمن به ولا تحتاج إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.