ماذا يريد الناس من الحكومة الجديدة؟!    وزير التعليم العالي: صقل مواهب شباب الجامعات المصرية ورفع اسم مصر في المحافل الدولية    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    تخريج 6 دفعات من معهد نقابة المحامين للعدالة الإلكترونية في الوادي الجديد    رئيس «محلية النواب» يطالب الحكومة بتنفيذ توصية البرلمان برصف الطرق ب«الإنترلوك»    وزير الري: تراجع نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب (تفاصيل)    قطع المياه عن شبين القناطر في القليوبية    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم    محافظ أسيوط يترأس مؤتمر التوعية بالمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    اقتصادي يكشف أسباب ارتفاع احتياطي مصر من النقد الأجنبي ل46.125 مليار دولار    7 اختصاصات لمجلس إدارة صندوق الوقف الخيري بالقانون الجديد.. تعرف عليها    بورشه Macan الكهربائية تُشعل المنافسة مع بي إم دبليو iX3 ونيو EL6    جيش الاحتلال يعلن انتهاء عمليات لواء المشاة 828 في رفح    إصابة أكثر من 100 شخص في حادث تصادم قطارين في غرب سيبيريا    إسبانيا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    باسم المجموعة العربية.. مصر تطالب المجتمع الدولي بدعم فلسطين    قبل مواجهة اليوم، منتخب مصر يتفوق على بوركينا فاسو في القيمة التسويقية    زغلول صيام يكتب: عندما نصنع من «الحبة قبة» في لقاء مصر وبوركينا فاسو!    نجم الإسماعيلي: الأهلي هياخد الدوري وشجعته في نهائي أفريقيا    القليوبية تحصد المراكز الأولى فى لعبة الكاراتية على مستوى الجمهورية    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    إحالة صاحب ورشة لتصنيع الأسلحة النارية في الجيزة للمحاكمة    محافظ القاهرة يشدد على مديرية التموين بالقاهرة بتكثيف أعمال الرقابة علي كافة السلع    الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة يصل ذروته اليوم وغدا (فيديو)    تطهير خطوط وشبكات الصرف الصحي بالشرقية تزامنا مع عيد الأضحى    رحلة ألم تنتهي بجبر الخاطر.. الحاج «حسبو» في عناية وزير الداخلية    هند صبري: مسلسل "مفترق طرق" أعاد ذكرياتي بالجامعة لهذا السبب (فيديو)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الجمعة 7-6-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    ليلة في حب سيدة المسرح العربي.. تفاصيل تكريم سميحة أيوب بدار الأوبرا    مروة حمدي ورحاب مطاوع نجمتا حفل كلثوميات بمعهد الموسيقى    الخشت يعلن أسماء الفائزين في مسابقة وقف الفنجري    «شخصيات حقيقية».. صناع مسلسل الوصفة السحرية يكشفون كواليس العمل    قبل ساعات من زفافهما.. 3 أعمال جمعت جميلة عوض وزوجها أحمد حافظ    في احتفالات اليوم العالمي للبيئة.. لقاءات متنوعة لقصور الثقافة بالسويس    فضل صيام العشر من ذي الحجة.. أحب إلى الله سبحانه وتعالى من الجهاد    قبل عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التصدق بالأضحية كاملة دون الأكلٍ منها؟ (الإفتاء توضح)    إجراء أول جراحة عالية الدقة لورم خبيث في مستشفى الكرنك الدولي بالأقصر    توقيع الكشف الطبي على 889 مريضا خلال قافلة طبية بمركز بني مزار في المنيا    للحجاج، أكلات مهمة يجب تناولها أثناء تأدية مناسك الحج (فيديو)    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    بوريل يستدعي وزير خارجية إسرائيل بعد طلب دول أوروبية فرض عقوبات    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    "تخيلت نفسي على دكة الزمالك".. البدري يكشف لأول مرة ما فعله مع أمير مرتضى ورد صادم    أمين الفتوى: لابد من أداء هذه الصلاة مرة واحدة كل شهر    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    تكبيرات عيد الاضحي المبارك 2024 كاملة ( فيديو)    محافظ الفيوم يتابع إجراءات تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بشمال سيناء    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    بيني جانتس: استعدوا لقتال ولأيام أكثر صعوبة يمكن أن تصل بنا إلى الحرب    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حگايات رمضانية
نشر في أخبار الأدب يوم 20 - 07 - 2013


بديعة مصابني
1 - أهو جه يا أولاد
حتي وقت قريب، لم يكن أحد يعرف اسم "كوبري الجلاء"، كانوا يعرفونه باسمه الأصلي: كوبري بديعة. وبديعة هي بديعة مصابني التي كانت تمتلك بالقرب من هذا الكوبري كازينو، كان أقرب إلي الإمبراطورية، وكازينو بديعة هو الأكاديمية التي قدمت لنا ثروة من الفنانين يصعب تكرار وجودها في زمن واحد. منهم محمد فوزي وفريد الاطرش وإسماعيل يس و...... وسعاد وجدي.
كانت سعاد وجدي مونولجست في الكازينو، وانتقلت من كازينو إلي كازينو، ومن عمل إلي عمل، ومن زواج إلي حب (كانت الزوجة الاولي لإسماعيل ياسين) حتي استقرت أخيرا عند إسماعيل آخر، هو علي إسماعيل الموسيقار المعروف، شقيق جمال إسماعيل الممثل الكبير، وكان أبوهما قائدا لفرقة الموسيقي الملكية.
ورغم أن علي إسماعيل كان خريج مدرسة الصنايع إلا أن داء الموسيقي لا يعتق صاحبه فالتحق الفتي بالمعهد (دفعة عبد الحليم حافظ)، وعندما دخل سوق العمل لم ينافس في مجال الأغنية، وصرف تركيزه علي الموسيقي التصويرية والتوزيع.
علي إسماعيل تزوج سعاد وجدي، وأخرجها من عالم الفن، وعاد بها إلي البيت وإلي اسمها الأصلي، نبيلة قنديل، لكنه الداء كما تعلمون، فصرفت نفسها لكتابة الأغنيات التي لحنها زوجها وأبو ابنها مصطفي (رحمه الله، كبر وعمل بالتلحين وقدم لنا أغنيات جميلة أهمها "لو بطلنا نحلم نموت" ورحل مبكرا كوالده).
قدم علي إسماعيل ونبيلة قنديل معا عددا من الأعمال التي يعتبرها الكثيرون علامات في تاريخ الأغنية، تحديدا أغاني الأفلام السينمائية، فقدما: الأرض لو عطشانة، راجعين، وغيرهما من الأغنيات، ربما كان أهمها أغنية "أم البطل" التي قدمتها شريفة فاضل المطربة والمالكة السابقة لكازينو الليل، والتي استشهد ابنها في حرب أكتوبر 1973، فقررت أن تغني له أغنية، رغم اعتراضات فايزة أحمد التي اعتبرت غناء شريفة للأغنية تعذيبا لها.
الطريف أن الأغنيات التي قدمها الثنائي علي ونبيلة/سعاد كانت تقدم دائما كنموذج للفن الجيد الهادف العظيم الذي يقدم رسالة في مواجهة الفن الهابط المبتذل المنحط الذي كان النموذج الذي يمثله أغنية "الطشت قال لي .. يا حلوة ياللي"، التي قدمتها عايدة الشاعر.
أين الطرافة هنا؟
بالضبط، أغنية الطشت قال لي هي من إنتاج الثنائي علي إسماعيل ونبيلة قنديل، وإييييه، دنيا.
المهم أن هذا الثنائي هو صاحب أغنية رمضان التي غناها الثلاثي المرح: أهو جه يا ولاد .. أهو جه يا ولااااد.
وكل سنة وأنت طيب.
هيام يونس
2 - اصحي يا نايم .. هيام المعجزة
وحوي يا وحوي.. أغنية أذيعت لأول مرة في فيلم قلبي علي ولدي(1953, إخراج بركات)،
وكان التليفزيون المصري يذيعها منفردة بصفة منتظمة خلال فترة الثمانينيات مع دخول شهر رمضان، وطوال أيامه، أيام كان الوقت علي الشاشة متاحا بالمجان ، قبل أن تحتله الإعلانات.الأغنية تغنيها طفلة صغيرة، لا يعلم الكثيرون أنها الطفلة المعجزة هيام يونس. وهي طفلة لبنانية ظهرت موهبتها منذ كان عمرها ثلاث سنوات فقط لا غير، وكانت تردد كل الأغاني الشائعة في ذلك الوقت، وفي تلك الفترة ذهبت مع والدها لحضور حفل غنائي واثناء الاستراحة صعدت إلي المسرح وقالت للفرقة الموسيقية: دقوا لي وظن الحاضرون أنها ربما تغني أغنية أطفالي أو بالكثير طقطوقة شعبية من تلك التي تغني في الأفراح، لكنها غنت اغاني الراحلة ام كلثوم ريم علي القاع و سلوا قلبي و غني لي شوي شوي وبعدها ادرك والدها ظهور هذه الموهبة المبكرة وقامت بالمشاركة في برامج اذاعية للاطفال لمدة حوالي ثلاث سنوات وبعدها لقبت بالطفلة المعجزة وبدأت مرحلتها الفنية الجديدة في القاهرة وشاركت البطولة في فيلمي قلبي علي ولدي وإلي اين الذي نال عدة جوائز في مهرجان كان السينمائي. ظهرت هيام يونس عندما اكتشفتها المنتجة آسيا، أيام كان دور المنتج هو اكتشاف النجم وصناعته, وليس حلبه بعد ظهوره. المهم أحضرتها آسيا إلي مصر وشاركت في الفيلم، وعمرها5 سنوات، ورعاها رئيس لبنان الأسبق بشارة الخوري (غير بشارة الخوري الذي هو الأخطل الصغير) كما احتضنها الرئيس الأسبق رياض الصلح.
وهيام لها أخت جربت التمثيل أيضا لم تستمر هي الفنانة نزهة يونس, التي ظهرت معها في فيلم قلبي علي ولدي, كما لعبت دور الفتاة التي خدعت إسماعيل يس في فيلم إسماعيل يس في جنينة الحيوانات. ربما لم تستمر شعبية هيام في مصر, أو لم تصبح في شهرة فيروز الصغيرة مثلا، لكنها تمتلك شعبية كبيرة في الوطن العربي وخاصة لبنان, أطلقوا عليها نجمة الشرق ومطربة القصائد. أثرت المكتبة الغنائية بأكثر من550 أغنية, وكانت من اوائل المطربات خارج حدود الخليج تغني باللهجة الخليجية كانت تكتب الشعر وعمرها9 سنوات, مما ساعدها علي غناء القصائد.
والأغنية كلمات الشاعر المصري البديع بديع خيري, وهو الذي يستحق وقفة لاحقة ، ولد بديع في المغربلين, ودخل الكتاب وحفظ القرآن وكتب الزجل في سن مبكرة من عمره ثم أنهي دراسته وعين مدرسا.
بدأ بكتابة المونولوج ثم كتابة المسرحيات فكانت أولي مسرحياته هي أما حتة ورطة ثم تعرف علي نجيب الريحاني عام1918 وكان أول اشتراك لهما رواية علي كيفك كتب بديع خيري ايضا أوبريتات منها أوبريت( العشرة الطيبة) لسيد درويش وسافر بديع خيري ونجيب الريحاني إلي الشام واكتشفا بديعة مصابني ثم كان تاريخ وكانت أيام.
فؤاد المهندس
3 - بمناسبة فؤاد المهندس
قبل 89 عاما, ولد فؤاد زكي المهندس ، نجل زكي المهندس عضو مجمع اللغة العربية الذي كان صارما فيما يتعلق باللغة العربية في مقابل حنوه وتسامحه مع أولاده الأربعة الذين نعرف منهم فؤاد وصفية المهندس الإذاعية المخضرمة الراحلة.
جسد فؤاد المهندس الجانب المتعلق بصرامة والده في التعامل مع اللغة من خلال دوره في مسرحية إنها حقا عائلة محترمة.
دخل فؤاد المهندس الفن من باب الاسكتشات ،بعد مرور سريع علي فرقة الريحاني لم يحظ خلاله بأي دور, فكان واحدا من فرقة ساعة لقلبك، حيث كان يؤدي ثنائيا مع الفنانة خيرية أحمد، فكان هو محمووووود الذي تناديه زوجته وتناكفه دائما، فكان هذا البرنامج الذي شارك فيه فؤاد علامة من علامات الكوميديا، مازال حتي الآن يحظي بالاهتمام.
اتجه المهندس إلي السينما والمسرح، فكان في كل منهما مشروعا خاصا، ففي السينما بدأ البداية المعتادة للكوميديان صديق البطل, ربما كان أبرزها في الشموع السوداء (1960 إخراج عز الدين ذو الفقار) ثم أصبح لونا خاصا من الكوميديا، ويعتبر المهندس هو الرائد لما يسمي بأفلام حرف ( ب) أو أفلام الترفيه، فكان هو بطل ما بعد النكسة بلا منازع, وكانت شريكته في هذا المشوار وفي مشوار الحياة الفنانة الكبيرة شويكار، ويعتبر قمة انتاج المهندس في هذه المرحلة هو فيلم اعترافات زوج إخراج فطين عبد الوهاب.
أما المسرح فإن الحديث عن اسهام المهندس في أقل من كتاب ظلم فادح ،فالرجل، الذي كان تلميذا للريحاني لم يكن ظلا باهتا له، ولا مقلدا،بل كان مدرسة مستقلة خاصة مع ظهور مسرح التليفزيون الذي أسسه السيد بدير. واللافت أنه قدم من خلال مسرحياته ليس فقط فنا متميزا بل نجوما بارزين أهمهم, إلي جانب شويكار. عادل إمام عندما قدمه في إيفيه بلد شهادات صحيح.
طرق المهندس باب الإذاعة، واخترع لونا جديدا من ألوان التقديم الإعلامي( هو بذرة التوك شو) فكانت حلقات كلمتين وبس التي استمرت عقودا طويلة جزءا مهما من برنامج المصريين اليومي.
وفوق كل هذا كان المهندس مؤديا للأغنية يكاد يكون مطربا، وتقريبا لم يغن أغنية ثم نسيها التاريخ ،بداية من مصر هي أمي (لحن كمال الطويل) مرورا بقلبي يا غاوي خمس قارات التي لحنها منير مراد، وجناب السفير لعبد الوهاب.
في سبتمبر 1924 ولد المهندس, وفي سبتمبر لعام2006 رحل.
حورية حسن
4 - من حبي فيك يا جاري
ضعاف نحن أمام "البلدي"، وأمام التركيبات المصرية الصرفة، صوت المدفع واللمة علي الإفطار في رمضان.
عروس المولد، رائحة الطعام بعد صلاة الجمعة، دفء الحواري في الحسين، وصوت حورية حسن.
انها بنت طنطا المولودة في أغسطس 1932، والتي ولدت لتكون محبوبة بين الناس، ومع أول فرح بلدي لها انتشرت شهرتها في طنطا، حتي إن المدينة الكبيرة اصبحت صغيرة علي إمكانات المطربة الناشئة، وكان من الطبيعي ان يكتشفها أحد، وكان هذا المكتشف هو الراحل الكبير محمد الكحلاوي، والكحلاوي ليس مجرد مداح مجذوب، انه ملحن وموسيقي من طراز خاص، ولذلك فإنه عندما يختار صوتا. فهو يعرف ماذا يقدم.
اعتمدت الإذاعة حورية حسن، وانشغلت شأن كل الهواة بأن تعيش اللحظة عن ان تكتب التاريخ، كانت حورية تحب الإذاعة، وتحب الغناء في أوبريتات الراديو، فغنت عشرات منها، وكان أول ظهور لعبدالحليم شبانة، قبل ان يصبح عبدالحليم حافظ مغنيا في أوبريت معروف الإسكافي، امام حورية. وإلي جانب الأوبريتات التي استهلكت كثيرا من وقت جهد وموهبة حورية، فإنها انشغلت بإحياء الحفلات في كل البلاد العربية، وكان الإقبال عليها يفوق الوصف، حتي انها لقبت بالمطربة الطائرة نتيجة عدم استقرارها في القاهرة.
بالطبع، فإن هذا كان "نجاحا" كبيرا، لكنه من زواية أخري كان ضارا بموهبتها، وبتاريخها، فالحفلات لا تبقي، والذي يبقي هو تسجيل ما تنتجه في أفلام أو اسطوانات او ما أشبه، وهو ما لم تهتم به حورية.
وما يدل علي هذا هو انها رغم قلة أفلامها فإنها تركت بصمة واضحة، فقد بدأت حورية مشوارها السينمائي بدور صغير في فيلم "فاطمة وماريكا وراشيل" (1949 إخراج حلمي رفلة) لكن الأفلام الأهم لها كانت ثلاثة، اولها الصبر جميل (1951 إخراج نيازي مصطفي) وأهمية هذا الفيلم هو انها وقفت وجها لوجه امام شادية ومحمد الكحلاوي شخصيا، وهو أحد الكنوز التي يعرف السميعة قيمتها.
الثاني هو فيلم عنتر ولبلب (1952، إخراج سيف الدين شوكت) وهو الأهم لها تمثيلا، فقد كانت بطلة الفيلم امام محمود شكوكو، وهذا الفيلم الفريد يمكن الحديث عنه من عشرات المداخل، لكن لندع كل مدخل لمناسبته، في هذا الفيلم لعبت حورية دور حبيبة "لبلب" (محمود شكوكو)، ولم يكن ممكنا ان تجد زوجا كهذا ليمثل شخصية البطل الشعبي المصري الفهلوي الحدوقة، وحبيبته التي تسانده بكل ما اوتيت من قوة.
لم تظهر حورية قدرات تمثيلية عالية، ولم يكن منتظرا منها أن تفعل، لكن روحها ساعدت كثيرا في هضم الفيلم الشهير باسم "السبع أقلام" وغنت فيه اغنيتين احداهما دويتو امام شكوكو، والكثيرون لايعرفون ان ملحن اغنيات الفيلم بالكامل هو محمد الكحلاوي مكتشف حورية.
أما الفيلم الثالث فهو "أحبك ياحسن" (1958 إخراج حسين فوزي) وهو بالمناسبة تأليف زكريا الحجاوي، ومن خلال هذا الفيلم غنت حورية الأغنيتين اللتين عرفت بهما، رغم غنائها أكثر من 40 أغنية، وهما: "من حبي فيك يا جاري"، "يا أبوالطاقة الشبيكة".
توفيت حورية قبل 19 سنة، وكانت آخر أغنياتها: قمرنا نزلنا، الشهيرة جدا، ولكن بصوت جورج وسوف الذي غناها بعدها. وكانت رحمها الله زوجة للفنان زين العشماوي التي توفي قبلها بثلاث سنوات، وربنا يرحم الجميع.
حافظ إبراهيم
5 - المواطن والبرنس
في مسلسل الشهد والدموع كان اسم بطلي العمل شوقي وحافظ (يوسف شعبان ومحمود الجندي)، منحهما أبوهما هذين الاسمين لهوسه بالشعر، وكان شوقي وحافظ بالنسبة للمصريين في وقت ما هما جناحا الشعر العربي الحديث.
وفي قصة الأرنب والسلحفاة الشهيرة فازت السلحفاة بالسباق، لأنها اجتهدت في مقابل كسل الأرنب واستهتاره بما لديه من مواهب بينما نظرة علي قصة العلاقة التي جمعت بين الشاعرين العتيقين، تجعلنا نعتقد ان السلحفاة قد تفوز علي الأرنب إذا كانت قريبة من السلطة، وكان الأرنب مواطنا عاديا اسمه محمد حافظ ابراهيم.
من حيث الإمكانيات والموهبة، يمكنك أن تتحدث كثيرا عن حظوظ حافظ ابراهيم ذي الذاكرة الأسطورية، والذائقة الشعبية، والميل إلي الفكاهة، والقدرة اللانهائية علي الإلقاء (الوعاء الأنسب للشعر الكلاسيكي الغنائي)، في مقابل "تهتهة" شوقي بك، وثقافته الخليط بين الأب الكردي والأم التركية والجدة الشركسية والأخري اليونانية هذا الخليط الذي انتهي به شاعرا ينتمي إلي العصر العباسي أكثر من انتمائه إلي القرن العشرين!
ربما كان هذا في بداية حياتهما، أما بمرور الوقت فيكفي ان نعلم ان الأمير توفيق، الذي اصبح "الخديو"، كان حائرا في توفير أفضل فرص التعلم والعمل لشوقي بك، وفي اللحظة نفسها كان خال حافظ إبراهيم حائرا أيضا، ولكن في طريقة للتخلص من ابن اخته الذي يمثل عبئا عليه، حتي ان حافظ ترك له المنزل برسالة توديع من بيتين ييختما بأنه "متوجه في داهية"، ولم يتدخل الخال ولو بالبحث عن الداهية التي ذهب إليها شاعرنا الكبير.
وفي الوقت الذي يتوجه فيه شوقي لدراسة الحقوق شمالا في فرنسا، بعد ان درس الحقوق والترجمة في مصر، كان حافظ يتوجه جنوبا إلي السودان ضابط صغيرا في الجيش لمواجهة الانقلابات هناك، ويعود مفصولا قبل أن يتوسطوا له للعودة مرة أخري، قبل الفصل النهائي علي خلفية تأييده لعرابي الذي كان شوقي يصف هوجته بأنها هوان في الذهاب وفي الإياب.
وهكذا تسير الحياتان، حياة تطيع صاحبها وتسير كما يهوي، حتي إنه تعرض لإجازة إجبارية من الوطن لا نسميها نفيا باعتباره أحد رجال الخديوي، فتركوا له حرية اختيار البلد الذي يذهب اليه وقضي ستة أعوام مرفها في اسبانيا التي يعتبرها الكثيرون أروع البلدان الأوروبية، كانت هذه حياة شوقي، وحياة أخري، تقود صاحبها إلي ما تريد هي فيظل ثمانية أعوام بلا عمل، وحتي عندما توسط شوقي بك بنفسه للعمل في جريدة الأهرام، ترفض الجريدة لأنه "مصري" ذو ميول مصرية عربية، وهي لا تريد إغضاب الإنجليز، وهكذا عندما وجد حافظ نفسه مديرا لدار الكتب عام 1911، فقرر الانتقام، وعلي ما يبدو فإنه انتقام العاجزين لا يكون إلا باليأس(!) فلم يقرأ عبر 22 عاما كتابا واحد من الكتب التي يتولي إدارة دارها، وعبر هو عن هذا اليأس المنتقم بأنه خاطب مصر قائلا:
حطمت اليراع فلا تعجبي
وعفت البيان فلا تغضبي
فما أنت يا مصر دار الأديب
ولا أنت بالبلد الطيب.
امتلك حافظ الملكة الفكاهية، فكتب شوقي قصص الأطفال والمسرحيات الشعرية وكان أول من كتبها، تمتع حافظ بالحس الشعبي، فتغني عبدالوهاب بأغاني شوقي التي كتبها بالعامية وأشهرها "في الليل لما خلي" لم يكن هناك أبرع من حافظ في إلقاء الشعر، فأصبحت أشعار شوقي هي أخصب مادة لهواة الإلقاء من عبدالوارث عسر وحتي الآن ولد حافظ علي متن سفينة في النيل، وعاش شوقي علي ضفافه، في منزل تحول إلي متحف يحتوي أوراقه وتمثاله الذي نحته الفنان جمال السجيني، وإجمالا عمل حافظ كثيرا من أجل مصر، بينما مصر تكرم شوقي بكل انواع التكريم وعلي اختلاف العصور.
ونختم بمشهد بالغ الدلالة من حفل تتويج شوقي أميرا للشعراء حين ذهب الشاعر محمود أبوالوفا مؤلف "عندما يأتي المساء" مرتديا جلبابا ومتكئا علي عكاز رفض شوقي دخوله بهيئته تلك، لكنه عندما لمح شبه إجماع علي شعبيته سمح له بالدخول، بل وجعله يصعد إلي المسرح يلقي قصيدة، بل إنه كتب في تحيته شعرا! أين كان حافظ في كل هذا؟ لقد كان يعد القصيدة التي يبايع فيها شوقي. أميرا للشعراء. وربنا يرحم الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.