أشرف الآن علي التسعين ، بعد مشوار مزدحم بالنجاحات والإخفاقات ، والانتصارات والهزائم. جفت ينابيع وفاضت أخري. وفي قصيدته الخالدة زالمراحل السبع الإنسانية Seven Ages Of Man سجل شكسبير المراحل السبع التي يمر بها الإنسان ، من طفولة لا يستطاع فيها المشي ولا تدبير غذائه وشرابه ، ولا الكلام ، ولا إدارك ما يدور حوله إدراكاً سليماً معتمداً علي غيره ليعود في شيخوخته ضعيف السمع والبصر ومضغ الطعام والقدرة علي التنقل وحده. وقد جفت عندي بحكم العمر ينابيع بينما فاض ينبوعان يتدفقان هما : محبة الآخرين ومحبتهم ذ التي أعتز بها لي ، أما الينبوع الآخر فهو الإبداع الأدبي الذي أعلن دائماً أنه يكتبني ولا أكتبه ، وما أكتبه الآن مثال علي ذلك ، متذكراً الشاعر الألماني جيته وقد تجاوز الثمانين وهو يداعب إبنة الثامنة بتّينا برنتانو . وأشبه نفسي بالتاجر الذي يحصي مكاسبه وخسائره في آخر يومه ، فأجدني نشرت ثلاثة وستين كتاباً وأربعة قيد النشر ما بين قصة ورواية ونثر شعري ودراسات نقدية وسير، فلم أحدد لنفسي إبداعاً معيناً بل أطلقتها تبدع في حرية ، ورسائل جامعية وجوائز أدبية من داخل مصر وخارجها ، وعشرة مراجع عني. فضلاً عن عشرات المشاركات الأدبية داخل مصر وخارجها أيضاً من الصين شرقاً حتي اكسفورد بانجلترا والجزائر غرباً ، ومن الدانمارك شمالاً حتي جوبا بالسودان جنوباً . وبمحبة المبدعين كتبت عنهم وكتبوا عني ، ومن قرأوا لي وقرأت لهم. فأنا أدّعي أنني أمثل الإنسان العادي الإيجابي وليس البطل في حضارة القرن العشرين وبداية الواحد والعشرين في وطن متواضع سعيداً بمشواري الذي أدين له لمن أبدعوني وأبدعنني وأبدعتهم وأبدعتهن .