تضعنا تجربة البحث العلمي والتعامل الدائم مع مكتبات محلية وعالمية أمام مواقف كاشفة تجبرنا علي المقارنة بين مانجده من أنظمة فعالة تكاد تكون قانونا يحكم وينظم العمل المكتبي في الخارج وبين دار الكتب المصرية المفترض أنها أحد أهم مظاهر قوتنا الناعمة ، وهي المقارنة نفسها بين موظف تدرب علي إدراك قيمة البحث العلمي وموظف يدير عمله بطريقة السوبر ماركت في دولة من العالم الخامس . وحتي يكون الكلام محددا أسرد تفاصيل رحلة تصوير مخطوط من مخطوطات دار الكتب سبق أن صورته وجاءت الصورة علي نحو لا يمنح المحقق فرصة العمل : فتقدمت بطلب لرئيس الدار آنذاك د. زين عبد الهادي فطلب أن يري الصورة التي تسلمها للمخطوط وعندما شاهد وحالتها الرديئة وأمر فورا بإعادة تصويره مجانا بالألوان كنوع من الترضية جراء ما أصابني من أضرار وذلك علي غرار ما تقوم به كافة مكتبات العالم المحترمة التي تحترم أصالة البحث العلمي وتقدر الباحثين . اتصلت مع كريمة عمر (مشرفة المخطوطات) فادعت بأن المخطوط الاصلي حالته سيئة..ومفككة توسوف يستغرق الأمر الكثير من الوقت لترميمه ولا يمكن حاليا تصويره.لجأت للدكتور صبحي عاشور رئيس قسم المخطوطات فوجد أن المخطوط حالته جيدة وسبق ترميمه بالفعل !!..وبعد طول انتظار ومحاولات متعددة واتصالات متكررة مع رحلات مكوكية من الزقازيق إلي القاهرة ..قيل لي: مبروك... سوف نصورلك المخطوط ديجيتال ألوان وسنحوله إلي أبيض وأسود( لأنك دفعت في مكتبة باب الخلق ) فقط ثمن تصوير الأبيض والأسود، أو تدفع فرق الألوان بمعدل 10 جنيهات للورقة ولا تعنينا تأشيرة رئيس الدار الذي كان قد تغير وتولي بعده د. عبد الناصر حسن الذي حصلت منه علي تأشيرة جديدة لنفس الطلب !!. ولأنه لم يكن لدي خيار آخر فقد وافقت علي مضض، وبالفعل بعد فترة من الانتظار استلمت المخطوط بالأبيض والأسود ..وشكرت السيدة المسؤولة وكل من ساهم في حل المشكلة (التي عانيت منها فترة طويلة ) ولكني فوجئت أنها طلبت مني أن يكونتالشكر مكتوباتوأن يتضامن معي في شكري مجموعة من الباحثين .... !!! كنوع من رد الجميلت!. وعلي مضض وافقت وتقدمت بالشكر رغم عدم تقناعتي وتوجهت به للسيد الدكتور عبد الناصر حسنت بناء علي طلبها ..! وصورة منه للسيد رئيس الإدارة المركزية وبعدها الحمد لله ( استلمت المخطوط منها ) !! - تقدمت بطلب بعد فترة تلتصوير مخطوط آخر علي غرار المخطوط السابق ( أبيض أسود ) بسعر 1.25 للورقة كما هو مقرر في اللائحة وبنفس سعر اللقطة السابقة ..ففوجئت بثورة عارمة من السيدة المسؤولة وتصر علي تصوير الورقة بمبلغ 10 جنيهات !! . وهو سعر أغلي من السعر العالمي للتصوير في مكتبات العالم .وأنه لا يوجد تصوير أبيض واسود والتصوير المتاح فقط ألوان !! وكأنه لم يسبق لها أن صورت لي مخطوطة أخري بالألوان وحولتها لأبيض وأسود!!! - وماتطلبه يعني تصوير 100 ورقة بمبلغ 1000 جنيه في الوقت الذي صورت فيه مخطوطا مكونا من 188 ورقة ( ألوان ) من مكتبة السليمانية بتركيا بمبلغ 49 دولارا فقط أي مايعادل 350 جنيه .. عندما طلبت تصوير مخطوطة نادرة بمكتبة البودليان بأكسفورد طلبوا 60 يورو ولما كتبت لهم عن إمكانية عمل تخفيض لأني باحث وقدمت إليهم سيرتي الذاتية فوجئت بإرسال المخطوط مجانا (ولا تعليق ) ومخطوط آخر من نفس المكتبة (البودليان ) أرسل لي ثم بعد شهر استلمت المبلغ المطلوب من الماستر كارت . -أما في مكتبة الإطلاع علي الكتب العادية وتصويرها (بدار الكتب المصرية)..فحدث ولا حرج ..من أطرف المواقف إني تقدمت في شهر ديسمبر عام 2012 بطلب لتصوير كتاب قريتنا المصرية الصادر سنة 1963م فرفض المسئول لأن الكتاب لم يبلغ يوبيله الذهبي !! اللائحة بالدار تسمح بتصوير الكتاب كاملا بعد خمسين سنة !! في مكتبة السليمانية بتركيا قمت بتصوير كتاب مكون من 12 جزءاً كاملا في نفس اليوم فقط واكتفت المكتبة بوضع علامة مائية علي الكتاب تشير أن الكتاب للاستخدام العلمي وليس للربح التجاري !! بل أنني استلمته علي c d بسعر أقل من سعر الورق لأني لم أكلفهم مصاريف الورق وبالتالي فمن حقي أن آخذ الكتاب مصورا كاملا علي أسطوانه مدمجة بسعر أقل من سعر الصورة الورقي . طوال السنوات الطويلة السابق تواتر علي رئاسة دار الكتب عدد من كبار أساتذة الجامعة والآن علي رأسها أستاذ أكاديمي ومع ذلك هكذا يكون الوضع فيها فكيف سيكون حالها لو كان علي رأسها من لا علاقة له بالبحث العلمي ، سؤال اطالب الدكتور رئيس مجلس الإدارة بالإجابة عليه..