د. حسام عقل لا جدال أن اصطناع اللغة الدبلوماسية المفتعلة إيثاراً للسلامة أو هروباً من المواجهات الجادة ، في الوقت الذي يتعين فيه أن نتجمل بقوة المصارحة وشجاعة المواجهة وحيدة النقد الذاتي وتجرده ، نقول إن هذا الصنيع الذي نمارسه طول الوقت لنلوذ بالنجاة ذ بحسب ما نتصور ذ كان من شأنه تفاقم الأزمات وإركام المشكلات الكبري أو ترحيلها وإزاحة مؤنتها للأجيال اللاحقة ، فيما يستمر صنبور المجاملات الفجة مفتوحاً دون أن نعي أن الأقدام تسوخ بنا في الرمال تدريجياً ! ومن هذه الزاوية تحديداً يتعين أن نقف مع ز مجمع اللغة العربية ز وقفة مصارحة شاملة تساعدنا جميعاً علي أن ننير مواطيء أقدامنا دون أن تؤثر في احترامنا للمجمع وجهوده ورموزه التي نكن لها كل مودة وإكبار . وليس موقفنا هنا ببعيد عن قصة ز الساعة الكبري ز التي تعرفها الأوساط اللغوية الفرنسية حين بادر الفرنسي كلبير ز Colbertس إلي إهداء ساعة كبيرة للمجمع الفرنسي تذكيراً بأن الأزمان تمر والأزمات اللغوية تتجدد دون مواكبة أو وعي كافٍ بترسخ الفجوة الزمنية ! فعلي موجات أثير البرنامج العام دار حوار ، قبل أيام ، بيني وبين بعض المثقفين حول أزمات اللغة العربية في ضوء انعقاد الدورة الجديدة لمجمع اللغة العربية ، وفوجئت بمداخلة هاتفية للشاعر الكبير والمجمعي الأستاذ فاروق شوشة أمين المجمع يمضي في تعداد منجزات المجمع في الفترة الماضية ، وبرغم تقديري الكبير للأستاذ فاروق شوشة ، وخصوصاً أننا تزاملنا نحواً من عامين في لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلي للثقافة ، إلا أنني عقبت بما أحسبه قد أغضبه قليلاً ، حين قلت إن نجاح المجمع في وضع معجم أو أكثر في ز علم الحشرات ز أو استكمال نصاب العضوية الكامل ، لا يعد في تصور الشريحة الغالبة من الرأي العام منجزاً ميدانياً بعد أن بتنا علي اقتناع بأن اللغة العربية دخلت منطقة الخطر الحقيقي دون تهويل ! وهو ما كررته مجدداً حين حللت ضيفاً علي قناة ز الحرة ز الأمريكية التي فتحت الباب لنقاش ضافٍ حول قضية ز اللغة العربية في العصر الحديث ز حيث جهرت بمخاوفي المتجددة من المخاطر الجمة المحدقة بالعربية مذكراً بتداعي المنظومة التعليمية واهتراء الأداء الإعلامي وتواتر مؤشرات الخطورة ( تكهنت ز الإيكونومست قبل عامين بانقراض العربية في مدي قرن قادم وهو ما رفضته بقوة آنذاك ! ) وقد وقع المجمع ذ فيما أري ذ أسيراً لخللين ظاهرين يلازمانه منذ عقود أولهما ما أسميه ب زالانكماش الأكاديمي المستغلق ز الذي حال بينه وبين الانفتاح الاجتماعي المفترض والنفاذ الفعال في كل الشرائح والأصعدة بل وصل الأمر بالمجمع إلي ما يشبه التطاوس والانغماس في حالة غير مبررة من الزهو الزائد بما عزله عن التطورات الجارية ، وقد دفعه ذلك إلي غضب غير مسوغ حين قام الصديق د. تامر الغزاوي المتخصص في اللسانيات ز Linguistics ز ونفر من الباحثين بوضع معجم عام 2004 استدراكاً علي ز المعجم الوسيطس الذي وضعه المجمع وبياناً لبعض أوجه القصور أو العوار في المعجم الذي وضعه المجمعيون المصريون ، فانفجرت دوائر الغضب الناقمة في المجمع ولم أفهم حتي الآن سبباً واحداً لغضب المجمع !! فهل كتبت له العصمة ؟! أما الخلل الثاني فيكمن في التكوين البنيوي للمجمع الذي يفسح الرقعة دائماً للأعمار السنية الكبيرة غاضاً الطرف عن وجوب تجديد الدماء بالعناصر النابهة من الناشئة والشباب ممن توثقت الأواصر بينهم وبين العربية ، ميراثاً ومعجماً ونحواً وصرفاً ، وإلا ففيم الزهو بعبارة ز مجمع الخالدين ز التي يحرص المجمع عليها ؟ وأي خلود يقصد؟! (للحديث بقية )