"العمل علي إعزاز الإسلام والمسلمين ورفع شأن الأزهر والأزهريين، وذلك بمحاربة كل ما جد ويجد من معالم التطرف والبدع والانحرافات بكل سبيل ممكن مشروع" القانون الأساسي الذي قامت عليه جبهة علماء الأزهر وتكشف الكثير عن رؤية وأعضاء هذه الجبهة التي تري أن رفع شأن الأزهر وإعزاز الإسلام لا يتحقق بالبحث والإضافة والتفكر _مهمة العلماء الأساسية- بل بمحاربة كل جديد _ ما جد ويجد- وذلك بكل السبل المشروعة. وإن كان البيان التأسيسي الذي يعرف الجبهة لم يوضح ما هي معالم التطرف والبدع والانحرافات، كما لم يعرف الوسائل المشروعة وحدود هذه الشرعية لأن ماهو مشروع من وجهة نظرهم قد يكون جريمة تحريض علي الفتنة من وجهة نظر وطنية. هل الأسلحة والسبل المشروعة التي يقصدها علماء الجبهة هي الشرعية الدينية التي يتم تفسيرها من خلالهم. فالجبهة تلتحف بسلطة العلماء الذين يصفهم البيان بورثة "الأنبياء فكانوا بهذه الوراثة مصابيح الهدي ومعالم الحق، تقتص آثارهم ويقتدي بفعالهم ، يستغفر لهم كل رطب ويابس ، حتي الحيتان في قاع البحار ، وتضع الملائكة لهم أجنحتها في غدوهم ورواحهم رضا بما يصنعون". ومن منطلق هذه السلطة التي يعتقد هؤلاء "العلماء" أنها من حقهم وبين أيديهم، فهم لا يتركون أي قضية أو حادث عابر دون أن يدلوا بدلوهم أو بالأحري بسبابهم. وعلي موقع الجبهة يمكن أن نشاهد كيف أن بياناتهم تغطي كل القضايا الإنسانية، الهجوم والسخرية من بعض شيوخ الأزهر وعلي رأسهم الراحل سيد طنطاوي الذين طالبت الجبهة في واحدة من بياناته باستتابته، قضية الضرائب العقارية، حصار غزة، أزمة شباب مصر المكلوم، أوضاع البنوك المصرية، قضية الدعم علي السلع الغذائية والأساسية. وهكذا فمن منطلق وراثتهم للأنبياء لا توجد قضية لم تتحدث فيها الجبهة، في النهاية وقبل أن يكون أعضاء الجبهة علماء فهم مواطنون ومن حقهم الدستوري التعبير عن رأيهم. لكن المدهش هي اللغة المستخدمة في البيانات الرسمية للجبهة والتي تتنافي ليس فقط مع أبسط قواعد اللياقة والآداب العامة، بل حتي مع دعوة الله تعالي لنبيه بألا يكون فظاً غليظ القلب. في بعض البيانات أيضاً يبدو كأن الكاتب قد فقد تركيزه حيث العلاقات غير واضحة، فأحد البيانات يحتوي علي عدد من الصور من إحدي المجلات التاريخية عن عمليات الإبادة التي تعرض لها "الموريسكيون" آخر المسلمين في الأندلس علي يد محاكم التفتيش التي كانت جرائمها موجهه ليس ضد المسلمين فقط بل اليهود وكل المذاهب المسيحية المختلفة معها، أما عنوان البيان فهو "هؤلاء المجرمون هم سلف شنوده وكانت بدايتهم بالأندلس تشبه بدايته بمصر"!! أن مثل هذا البيان هو جريمة أمن قومي مكتملة الأركان ليس له أي هدف أو معني سوي إثارة النعرات الطائفية، فعلماء الأزهر يصفون رأس الكنيسة المصرية بالمجرم، ويشبهون بداية وتاريخ المسيحية في مصر بتاريخ محاكم التفتيش العنصرية في أسبانيا في تجاهل لأبسط قواعد العلم والتاريخ. لهذا فلم يكن غريباً أن يحفل بيان الجبهة الذي أصدرته بشأن ألف ليلة وليلة وعدد من الكتاب الآخري بهذا العدد من الألفاظ التي يعاقب عليها القانون بداية بوصف المدافعين عن الليالي بالسفهاء وصبيان المواخير أو وصف وزير الثقافة بالرقيع والكاتب صلاح الدين محسن عضو اتحاد الكتاب بالفاجر غلام فاروق. يرأس الجبهة د.العجمي دمنهوري خليفة، والأمين العام د.سعيد أبو الفتح، والأمين المساعد د.يحيي إسماعيل والذي سبق أن نذرت المحاكم قضية بينه وبين شيخ الأزهر الذي اتهمه بالاعتداء عليه بالسب والقذف. المثير أن الاعتراضات علي أسلوب ولغة الجبهة تتكرر باستمرار علي الإنترنت ويمكن أن نشاهدها في أكثر من موقع علي رأسها موقع "أزهري" وهو منتدي لطلبة جامعة الأزهر، الذين يبدون في أكثر من موضوع علي المنتدي انتقادات واسعة للغة الجبهة وتركيزهم علي القضايا السياسية دون اهتمام بالقضايا العلمية. وهكذا الآية منقلبة فبدلاً من أن يكون الانفعال والعصبية والألفاظ القاسية وسيلة الشباب الأزهري المنفعل، يتحول الشيوخ الكبار إلي العصبية والانفعال واستخدام الألفاظ المشينة، بينما ينصح الشباب الأزهر بالتعقل والتدبر.