يستحق مسلسل »ولد الغلابة» أن نطلق عليه المسلسل الذي حفظ ماء وجه الدراما المصرية خلال هذا الموسم الرمضاني والذي يعد الموسم الأضعف بين المواسم خلال السنوات الماضية؛ و»ولد الغلابة» عمل درامي مكتمل الاركان تأليفا وتمثيلا وإخراجا وإنتاجا؛ فظهر العمل في تكامله الفني بداية من تكاملية الصورة مع الأداء المقنع للممثلين ومرورا بتفاصيل المكان ومسرح الأحداث للشخصيات فكانت النتيجة انه ضرب مثالا رائعا للدراما السليمة التي تم فيها بناء الاحداث بشكل تصاعدي ليجد المشاهد نفسه مشدودا لمتابعة الاحداث التي تتطور من حلقة الي أخري معتمدة علي سيناريوتوافرت فيه عناصر الكتابة الدرامية السليمة ؛ أوكما تقول قواعد الدراما الحقيقة؛ فيحسب للنص أنه عمل درامي شديد المحلية والخصوصية يشبه المتلقين له من الجمهور فهولم يعتمد علي فورمات أجنبية غريبة عنا أواقتباسات من اعمال اجنبية؛ مؤلف العمل السيناريست أيمن سلامة رغم أنه يكتب لاول مرة دراما صعيدية الا أن المشاهد يشعر أنه يغزل مشاهده باحداث حقيقية وشخصيات التقي بها وليس من بنات افكاره ليقدم دراما ربما تصحح جزءا من الصورة الذهنية المغلوطة عن دراما الصعيد خلال السنوات الماضية ؛ فشخصياته من لحم ودم يمكن أن تلتقي بهم أوتعرفهم معرفة شخصية في مكان في محافظات الجنوب ؛ قدم حياة حقيقية لناس »غلابة» وهم بالمناسبة كثيرون في الصعيد الفقير المهمش لسنوات طويلة؛ قدم حكايات لناس مازالو يؤمنون بالقيم والعادات والتقاليد والاخلاق وراضين بحالهم وايضا قدم لناس أشرار تجار للموت لا يراعون أي اخلاق ولا عادات اوتقاليد؛ لذلك فالمسلسل يتحدث عن اناس حقيقيين لذلك أحبه الجمهور وحرصوا علي متابعته أحمد السقا أو »عيسي الغانم» وصل لمرحلة النضج الفني منذ سنوات ولكنه هنا استغل خبرات السنون ليرسم ملامح »عيسي» كأنه يرسم لوحة فنية؛ كنت أخشي أن تؤثر فيه شخصية »منصور الحفني» التي قدمها في فيلم »الجزيرة» وكلاهما صعيدي ويمكن أن يلتبس الامر عليه؛ ولكن السقا نجح في أن يصنع لعيسي عالمه المختلف عن »منصور» اعتمادا علي اختلاف الشخصيتين زمانيا ومكانيا وثقافيا ؛ أما إنجي المقدم فقد اثبتت أنها فنانة من طراز فريد تطور نفسها مع كل عمل تقدمه لتصل الي القمة مع دور »صفية» بكل أزماتها أحزانها وألا لامها وإحباطاتها ومشاعرها المدفونة لتؤكد علي موهبتها التي تنهل منها في كل دور جديد تقدمه ؛ أما محمد ممدوح فهو أثبت انه ممثل »عتويل» يجيد رسم ملامح شخصياته التي يقدمها بحيث لا تشبه شخصية الاخري؛ لذلك جاء دور »ضاحي الكيال» مرسوما عليه ولا يمكن ان تتخيل ممثلا يمكن أن يقدمه غيره؛ اما صفاء الطوخي فتلك ممثلة جبارة اعادتنا بالذاكرة لادوار العظيمة» أمينة رزق» ومفاجأة المسلسل »الفنان كريم عفيفي» خرج من عباءة الادوار الكوميدية الخفيفة بدور سيكون فارقا في مشواره الفني . أما المخرج محمد سامي فاهتمامه بالتفاصيل الدقيقة في السيناريو وحرصه علي تقديم مشاهد طبيعية سواء في اماكن التصوير بابتعاده عن الديكورات واصراره علي ان تكون بطلاته بدون مكياج في عدد كبير من المشاهد جعلت مسلسله عملا حقيقيا له مذاق خاص .