في عام 1954 وعلي أثر أزمة مارس بين مجلس قيادة الثورة وجماعة الإخوان الإرهابية، نشرت مجلة المصور كتابا بعنوان "رأي هؤلاء في الإخوان" شارك في كتابته د. طه حسين ومحمد التابعي وجلال الحمامصي، وعلي أمين، وكامل الشناوي لفضح تلك الجماعة الدموية وكشف جرائمها في الاغتيال والعنف. ونختار من الكتاب ما كتبه أمير الصحافة فنجده يقول: أغالب العقل والمنطق لكي أحسن الظن بهذا النفر من كبار جماعة الإخوان الذين وقفوا أمام محكمة الشعب ليعلنوا استنكارهم لجرائم القتل والغدر،ويؤكدون إيمانهم إن دين الإسلام ينهي عن القتل والغدر، ويبدون سخطهم علي حسن الهضيبي، وما جرته سياسته علي جماعة الإخوان المسلمين. التابعي لا يصدق المزاعم التي ساقوها أمام المحكمة لمعرفته الوثيقة بهم فيقول: أغالب العقل والمنطق لكي أصدقهم، وأحسن الظن بهم، ولكن العقل يأبي ويتمرد، والمنطق قاطع قاس لا يلين،والعقل والمنطق لا يؤمنان إلا بالواقع الثابت المؤيد بألف دليل ودليل، ولا يؤخذان بالزيف والتشويه ولا بهز الرءوس إنكارا واستنكارا، ولا باللحى التي لم تهتز أسى وغضبا، ولا بالدموع التي تجري علي الوجنات حسرة علي ما أصاب الدعوة من انحراف. كأن الدعوة لم تنحرف إلا في عهد حسن الهضيبي وحده أما في عهد الإمام الشهيد فإنها كانت تسير علي صراط مستقيم،وهذا الخطر الذي نوشك أن نعرض له طوائف السذج، وما أكثرهم في هذا البلد، وهي الغلطة التي نوشك أن نتعثر في حبالها حتى لا تضطرب في يدنا موازين القانون والعدل والإنصاف فتفرق بين إخوان وإخوان، وعندي أن الإخوان جميعا سواء.. سواء في المسئولية، وإن تكن مسئولية كل منهم بقدر معلوم. سواء في المبدأ والغاية وتحقيقها والوصول إليها بوسائل الاغتيال والإرهاب سواء في شهوة الحكم والرغبة والاستيلاء علي سلطات الحكم بالقوة والإرهاب.
ويؤكد التابعي، أن مرشدهم العام حسن الهضيبي لم ينحرف قيد شعرة عن دعوة حسن البنا، ولم يحد عن صراطهم المستقيم، نشاط إجرامي إرهابي هنا.. ونشاط إجرامي إرهابي هناك، جهاز سري هنا، وجهاز سري هناك. ورئيس الجهاز السري هنا اسمه يوسف طلعت.. وكان اسمه هناك عبد الرحمن السندي، وأسلحة ومدافع وذخائر هنا ومثلها هناك، ومحاولة اغتيال قائد الثورة واخوانه والضباط الأحرار، ويقابلها هناك اغتيال أحمد ماهر، والنقراشي، والخازندار، وسليم زكي، ونسف مبني محكمة الاستئناف، وإلقاء القنابل علي دور السينما والمحال التجارية. والجهاز السري برئاسة يوسف طلعت كان خاضعا مباشرة لحسن الهضيبي، والجهاز السري برئاسة عبد الرحمن السندي كان خاضعا مباشرة لمرشدهم البنا، أي فرق إذن بين هؤلاء الإخوان وهؤلاء الإخوان؟ ويتساءل التابعي: هل كان اغتيال أحمد ماهر في عهد المرحوم حسن البنا لدواع وطنية وقومية، أم أن الرجل قتل خيانة وغدرا، لأنه كما ظنوا أسقط حسن البنا، في الانتخابات، ومن هنا اجتمع مكتب الإرشاد. وقرر في جلسة سرية قتل أحمد ماهر، وهل كان قتل النقراشي والخازندار لدواع وطنية أو دينية أو روحية، النقراشي الذي وقف في مجلس الأمن يقول للانجليز يا قراصنة أخرجوا من بلادنا، الخازندار الذي حكم بذمة القاضي في قضية نسف وتدمير "بار هب" وما كان في مقدوره أمام أدلة الإثبات أن يحكم بغير هذا، هؤلاء هم الشهداء حقا. هذه جرائم القتل الغادر والاغتيال والنسف والتدمير التي وقعت في عهد حسن البنا وبيد أفراد من إخوان الجهاز السري، كما أثبتت التحقيقات، جرائم وقعت بعلم حسن البنا وبإذنه، جرائم وقعت خلال أربع سنوات من 1945 إلي 1948 وفي كل مرة كان يضبط فيها الفاعل المجرم فإذا به أخ من «إخوانكم المسلمين»، فما الذي فعله يومئذ الإمام الشهيد الذي لم تنحرف الدعوة في عهده عن صراطها المستقيم، ما الذي فعله وهو باعترافكم وشهادتكم جميعا الآمر الناهي في شئون الجماعة، والعالم بكل ما ظهر منها وما خفي، العملاق الجبار الذي تنحني له رءوس الإخوان سمعا وطاعة! ينتهي التابعي لقناعة تجعله يقول: "ليس هناك إخوان..وإخوان، الجميع سواء، الجميع أقروا الغدر والقتل والإرهاب، واقروا سياسة الاستيلاء علي الحكم، بالقوة المسلحة، هذه هي الحقائق التي يجب أن تعلن حتى لا يخدع البسطاء والسذج، مخابئ الأسلحة والذخائر لا تزال سليمة لم تمس، والأسلحة التي وجدت أقل بكثير من الأسلحة التي لم يعثر عليها بعد، والجهاز السري القديم قد يبدأ من جديد. وقد تنحني اليوم رؤوس إلي أن تمر العاصفة بسلام، فإذا ما اطمأنت عادت ورفعت رؤوسها لتبشر بالجهاد ولتلقن المؤمنين سورة آل عمران، هذا ما أخشاه وأشفق منه علي هذا البلد الذي لم يُنكب في تاريخه الحديث بقدر نكبته بهذه الدعوة، دعوة الإخوان المسلمين كما صورها الأستاذ عبد القادر عودة أمام محكمة الجنايات، حين سأله حمادة الناحل عن رأيه في اغتيال النقراشي، لقد ابتسم وكيل الإخوان وقطب الدعوة وأجاب: "النقراشي.. عيل داسته عربة الإخوان".. وما أكثر «العيال» الذين كانت عربة الإخوان تنوي أن تدوسهم في طريقها إلى الحكم والسلطان!