اتفقا على توجيه رصاصات الرحمة الى صدورهما هروباً من قسوة الام وجحود الاب امسك كل منهما بقبضة الآخر، ثم سارا سويا الى العقار الذى اتخذا من سطحه سكناً امناً لآجسادهما المجهده، صعدا على السلالم، وأمام احد الشقق توقفا للحظات ليتبادلا النظرات، وبعدها استكملا طريقهما صعودا، وعلى مشارف السطح توقفا، ترك كل منهما قبضة الآخر، قبل ان يديرا اجسادهما، حتى اصبحا وجهاً لوجه. ارتجف القلبان فى جسدان مرتعشان، تتساقط منهما الدموع كحبات المطر، هى لحظة الوداع الأخيرة الى اتفقها عليها منذ لحظات، الاجساد تبتعد، احدهما يخرج "مسدس" من بين طيات ملابسه ويوجهه نحو صدر شقيقه، فى جريمة نٌفذت فيها نصف الخطة، كان من المفترض ان ينتحر الآخر. لم يكن هذا الوصف مشهداً من فيلم سينمائى، او دراما سوداء لنهاية بين شقيقين لم يفترقا طيلة حياتهما الماضية، او سطوراً فى رواية لكاتب اطلق العنان فى عالم الخيال، بل جريمة ترجمت على ارض الواقع دارت احداثها داخل احد شوارع منطقة المرج، على اثرها توارى جسد احدهما تحت التراب، والآخر ما زال ينتظر مصيره فى مستشفى الامراض النفسية بالعباسية. ساد الهرج والمرج بين سكان الشارع، الذين اعتقدوا ان بضعة من البلطجية قد اطلقوا النيران على احد المارة، او ان هناك مسلحين جاءوا من اجل ارتكاب جريمة، حتى فوجئوا بتلك الصبى وهو يحمل جسد شقيقة الذى تنفجر منه الدماء كالبركان الثائر، ويطالب مساعدته فى نقل شيقيقة الى المستشفى، وهناك وبعد ان فشل فى إنقاذ شقيقه كانت قد بدأت التحقيقات تأخذ مجراها. وعد لم يتحقق امام النيابة يقف الشاب المتهم بقتل شقيقه يعترف بما حدث قائلاً:اتفقنا على ان نقتل بعضنا البعض لكنه لم يستطع قتلي فاتفقنا على ان اقتله ثم أقتل نفسي لكن بمجرد ما رأيت الدماء تسيل منه لم استطع استكمال ما اتفقنا عليه وكنت اريد انقاذ حياته بعدها ينهار في البكاء. يبدأ المحقق في تهدأته ليستكمل في اعترافه قائلا: منذ اكثر من 10 سنوات ماتت امى وتركتنا ثلاث اشقاء، جئنا مع أبي من أسيوط للمرج، واقمنا معه، لكنه بعد فترة من إقامتنا بالقاهرة قرر أبي الزواج من احد السيدات التى تسكن بالقرب منا. كنا نراها امرأة طيبة، قبل زواجها من ابى، وشجعناه على الزواج منها، وتزوجها ابى، لكن بعد الزواج انقلب الحال وبدأت تعاملنا اسوأ معاملة لدرجة ان والدنا جعلنا نترك نترك المدرسة بسببها، واستمرت معاملتها السيئة لنا تزداد يوما بعد يوم حتى نجحت في ان تجعل ابى يكرهنا ويطردنا من المنزل. ويتابع قائلاً، منذ عامين جاءت فرصة عمل لابي في إحدى دول الخليج، وكانت الفترة التى يسافر فيها كنا ننام على السلم او على سطح العمارة وعندما يأتى ابى من السفر كانت تشكى منا طول الوقت، لدرجة ان ابى اصبح يكرهنا، الجيران كانوا يعطفون علينا في الوقت الذى تخلى فيه ابي وزوجته عنا، ضاقت بنا الدنيا بعد ان طردنا ابي في المرة الأخيرة وسافر وظللنا وحدنا، حاولت البحث عن عمل لكنى لم اجد، ضاقت بنا الدنيا واستطعنا ان نجعل شقيقنا الأصغر يسافر الى اقاربنا الى اسيوط، وظللنا نفكر انا وشقيقى الأصغر ماذا سنفعل لرضاء والدنا لكي نعود الى بيتنا مرة أخرى، لكن لم نجد حل فاقترح شقيقى الأصغر ان نأخذ اموال والدى ونبدأ مشروع صغير لكننا في النهاية وجدنا ان هذا الحل سيجعل الأزمة تكبر أكثر بيننا وبين والدنا. سلاح نارى يتنهد المتهم ثم يستكمل اعترافاته قائلاً، استمرينا في التفكير حتى اهتدينا الى سرقة سلاح ابي وقتلنا لبعضنا البعض وننهى حياتنا، وبالفعل استطعنا سرقة سلاحه من غرفته، وصعدنا الى السطح وكان اتفاقنا في البداية على ان يطلق كل منا الرصاص على الأخر لكن شقيقى الأصغر لم يستطع فعل ذلك فاتفقنا على ان أقتله وأقتل نفسي لكن بمجرد اطلاقى الرصاص عليه، شعرت بالخوف والرعب والصدمة، حملته وذهبت به الى المستشفى، ورويت في محضر الشرطة ما حدث، لتقرر النيابة حبسه على ذمة التحقيقات بعد اجراء معاينة تصويرية للجريمة وطلب تحريات المباحث والتى اكدت ما قاله الشقيق الأكبر، وبعد انتهاء التحقيقات احالت النيابة قاتل شقيقه لمحكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار ابراهيم مصطفى كمال، وبعضوية كل من المستشارين سامح السنوسى، وعاشور فرج، ليطلب دفاعه احالته لمستشفى الامراض النفسية والعصبية لاصابته بمرض عقلي وبالفعل استجابت المحكمة لطلب الدفاع وامرت بوضعه تحت الملاحظة لبيان سلامة قواه العقلية.