الجريمة هي الجريمة في أي زمان ومكان .. ولكن عندما تتحول المقابر الى مسرح للجريمة لابد ان نتوقف لنتأمل كيف جسر مرتكبو هذه الجرائم على ارتكابها في أكثر مكان على وجه الارض يدعو للزهد والعظة والاعتبار. تشهد مدينة الموتى عشرات الجرائم يوميا بداية من السرقة بالاكراه وتعاطي المخدرات مرورا بالقتل والاغتصاب نهاية ببيع الجثث ورفات الموتى، ونبش القبور، وسرقة الأكفان ، بدون مراعاة لحرمة الموتى، ولا أنهم بين يدى الله. قاتل صديقه ومن أبر حوادث القتل التى حدثت داخل المقابر كانت فى منتصف العام الماضى، عندما قتل "رمضان" صديقه "حسنى" فى مقابر اليهود وهرب. تعود تفاصيل تلك الواقعة إلى أنهما كانا صديقين، يعملان على "توك توك" واحد بنظام الوردية، لكل منهما 12 ساعة عمل، ثم يعود ويعطى لصديقه "التوك توك" ليبداُ الآخر فى العمل. دب بينهما خلاف حول المدة والحصة من تصليح "التوك توك" والتكاليف، لكنه كأى نزاع صغير يحدث بين صديقين، إلا أن رمضان لم ينس، وأضمر الشر فى قلبه عازماً على أن يتخلص من صديقه ويقتله. أدرك "رمضان" ان ارتكاب الجريمة فى حدائق الأهرام حيث يقيمان سينكشف سريعاً، لذلك لجأ إلى حيلة تخيل أنها ستنجيه من العدالة بعد جريمته النكراء، فطلب من صديقه أن يأتى معه إلى مقابر اليهود حتى يذهبا معاً لشراء بعض المتعلقات من هناك، فقبل صديقه "حسنى" ما طلب منه، ولم يتردد للحظة. لم يكن يتخيل أن صديقه يضمر له السوء، وبمجرد ما أن وصلا إلى المقابر دخلوا أحد الشوارع الجانبية والتقط حجراً كبيراً من الأرض، وفى لحظة سهو انهال على صديقه بالضرب على رأسه حتى تهشمت جمجمته تماماً، والقى جثته فى المقابر غارقاٌ فى دمائه، سرق منه كل شئ وخاصة البطاقة، حتى لا يستدل أحد على شخصية الضحية. استيقظ التربى المكلف بتلك المنطقة صباح اليوم التالى فوجد جثة شاب ملقاه على الطريق غارقاً فى دمه، وصار الأمر لغزاً يحتاج إلى حل. وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهم وبمواجهته أقر بارتكاب الجريمة، بسبب إهانة المجني عليه له من قبل في إحدى المشاجرات بسبب التوك توك. قاتل طفلته جريمة أخرى بشعة لا تقل عن سابقتها فى شئ، هو شاب فى العشرينات من عمره، يدعى "معتز"، تعرف على سيدة من منطقة عين شمس ونشأت بينهما علاقة جنسية، وعندما أخبرته أنها حامل وتخشى من أن يعرف أهله، طلب منها الهروب حتى يتمكن من تحسين أحواله ويتزوجها، وبالفعل هربت الفتاه معه وأسكنها فى غرفة صغيرة بمنشأة ناصر، حتى انجبت منه بنت، وبعد أن بلغت الطفلة 5 شهور طلبت منه عشيقته أن يتركا هذا المكان وينتقلان إلى أى مكان آخر، ويكتب عليها حتى تطمئن، ولكنه كان يماطل دائماً، حتى هددته بأنه إن لم ينتقلا ستعود بطفلتها إلى أهلها. وقتها جن جنون الشاب ولم يستطع أن يتمالك نفسه، وهم بضرب الطفلة الصغيرة وأمها، حتى أنه من فرط عصبيته ألقى بطفلته إلى الأرض بقوة، صرخت الأم وأخذت الطفلة وهرولت بها إلى أقرب مستشفى حتى تطمئن، ولكنهم أخبروها أن الفتاة توفيت، وقبل أن يسألوها عن السبب وتدخل فى تفاصيل استطاعت أن تهرب ومعها الطفلة التى أصبحت جثة هامدة عائدة إلى زوجها مرة أخرى، وأخبرته أن الطفلة ماتت، وقتها لم يدرى "معتز" ماذا يفعل، ولم يجد أمامه إلا أن يدفنها وكأن شيئا لم يكن. ومن خلال التحريات تبين أن وراء الواقعة "معتز ع ص" 27 سنة، تربى، والسابق اتهامه فى قضية "سرقة"، فتم إعداد الأكمنة وتمكن ضباط مباحث القسم من ضبطهما، وبمواجهتهما أقرت المتهمة الأولى بسابقة ارتباطها بعلاقة بوالد الطفلة المتوفاة "أحمد م ا" 27 سنة، عاطل، والمقيد الحرية بديوان قسم شرطة بدر على ذمة قضية "مخدرات"، وحملت منه سفاحاً وأنجبت المجنى عليها ولم تقيدها بدفاتر المواليد، وعقب حبسه ارتبطت بعلاقة بالمتهم المضبوط وأقامت صحبته بمسكنه. مكان آمن للإغتصاب ! التوغل بداخل المقابر نهاراً يشعرك بالرهبة لمجرد رؤية حارات خالية من المارة تماماً، بعد أن تنسدل أشعة الشمس عنها تشعر وكأنك فى منطقة لا توجد على الخريطة، مع أنها داخل مقابر تقع فى قلب القاهرة تماماً، وهذا ما جعلها مرتع مهم لممارسة كل أنوع الخروج على القانون، وهذا ما جعل 5 شباب قبل عام ونصف من الآن يأخذون فتاة فى "توك توك" داخل مقابر التونسى، ويتناوبون اغتصابها، وكادوا أن يقتلوها لولا أن الفتاة استطاعت أن تتسلل من بين أيديهم للتوجه إلى قسم شرطة الخليفة وتبلغ عما حدث معها، وبالفعل استطاعت القوة الأمنية القبض عليهم، بعد تلك الواقعة بحوالى سنة استوقفت فتاة سيارة تاكسى متوجهة إلى أحد الفنادق، سائق التاكسى راودته أفكار سوداء، وتوجه بالفتاة إلى مقابر الخليفة وتوغل بالسيارة داخل المقابر، واعتدى عليها. مخدرات داخل المقابر الحديث عن المخدرات داخل المقابر يتطلب صفحات وصفحات، نظراُ لأن تلك الأماكن تحديداً تعج بتجار المخدرات بشكل عام، ومن المترددين على المقابر لشرائها، ومن ضمن تلك الحالات عندما تم القبض على كل من سعد عبد التواب محمد عويس، وإمام علي محمد حميدة، ومصطفى عنتر مصطفى أبو العزم، وذلك على أثر اتهامهم بحيازة وإحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد الاتجار، وكذا حيازة سلاح ناري وذخيرة مما تستعمل على نفس السلاح. نبش القبور البعض يتخذ من رفات الموتى وسيلة للغنى والثراء، فيتسللون ليلاً داخل القبور وينتهكون حرمتها، ليستخرجوا جماجم وعظام يبيعونها لطلبة كليات الطب، وكأى سلعة تختلف حسب السعر، فالجمجمة لها سعر غير عظام الساق مثلا، ولكثرة ما اعتادوا على ذلك، لم يراعوا حرمة ميت أو خشية الله، المهم هو المال، وهنا نعود عليكم واقعة من ضمن آلاف من الوقائع لنبش القبور وسرقة الموتى، وذلك عندما قام رجلاُ يدعى محمد احمد عثمان ضيف، ونجله احمد وابن شقيقه حسين محمود احمد عثمان وشهرته " حسين القط"، فى التنقيب عن الأثار فى مقابر الإمام الشافعى وقادتهم أيديهم إلى نبش القبور، استخرجوا جماجم ووضعوها فى جوال عازمين بيعها لطلبة كليات الطب، وبالفعل استطاعت الأجهزة الأمنية بقسم شرطة الخليفة من القبض عليهم قبل تنفيذ فعلهم الإجرامى. واقعة أخرى كانت قبل شهور من الأن، وذلك عندما تم القبض على حارسة مقابر الصدقة الموجودة أمام محكمة الزنانيرى، والتى تدعى "فوقية" بمساعدة شقيقها، وتم الحكم عليهم بالسجن لعامين مع دفع ألفى جنية غرامة.