بنظرات زائعه، وجسد بدا عليه التوتر، يدخل حارس العقار وهو يمسك بطفلة هزيلة الجسد قسم الشرطة، مطالباً لقاء رئيس المباحث لأمر هام، مشيراً الي ان "البية الكبير" المسئول في احد الشركات المرموقه، والساكن فى العقار الذى يعمل فيه، إعتدى جنسياً على نجلته الصغيرة. وأمام ضابط المباحث، وعلى الأوراق الرسمية، تابع حارس العقار راويته، مشيراً الى انه اثناء غيابه عن العقار، طلب احد سكان الطابق الخامس من ابنته ان تشتري له "علبة سجائر"، وبالفعل اشترت له الصغيره ما يريده وعادت اليه، وبمجرد دخولها شقته اخذ يتحرش بها وامسك باماكن حساسة في جسدها، وحاول اغتصابها، الإ ان ابنته استطاعت الهرب منه وهربت الى والدتها. يصمت البواب قليلا ثم يتحدث قائلا: كنا نظن انه رجل محترم، فكان يعطف على ابنتى دائماً، ويعطيها حلوى لم نكن نتوقع انه سيستحل عرضنا لاننا فقراء وليس لنا ظهر. بعدها يسأله الضابط عن وقت حدوث الواقعة: ليؤكد انها كانت منذ يومين وانه لم يبلغ عنها في وقتها لأنه كان مسافر وان زوجته انتظرته حتى عاد وروت له ما حدث. كما استمع رجال الشرطة للطفلة الصغيرة والتى أكدت رواية والدها. وعلى الفور تم استدعاء الساكن الذى اتهمه حارس العقار، وتبين انه يبلغ من العمر 56 سنة، وانه كان موظف بإحدى الشركات الكبرى، وانهى خدمته بالشركة معاش مبكراً، نظر لمرضه، وعندما تم مواجهته بفعلته الشنيعه، اخذ يضرب كف بكف مؤكداً انه لم يفعل شيئاً وان البواب وابنته كاذبين، كما انه مريض ولا يستطيع فعل ذلك، الا انه تم احالته للنيابة والتى استمعت الى اقواله واقوال البواب وابنته وقررت حبسه على ذمة التحقيقات، وإحالة الطفلة للطب الشرعى. تم حبس المسئول الكبير المحال على المعاش لمدة شهرين خلالها، بكى فيها لكل من حوله وهو يحاول ان يبرىء نفسه من الاتهام المشين، الا انه لم يستمع له احد، حتى جاءت جلسة محاكمته، وامام هيئة القضاء دخل المتهم وهو يتكأ على مشاية، يرتدى جلباب، والدموع تملأ وجهه، وبعدها كانت النيابة تتلو قرار الاحالة، متهمه اياه بالتحرش وهتك عرض طفلة لا يتجاوز عمرها الاثنى عشر عاماً. ثم بدأت المحكمة برئاسة المستشار خالد الشباسى تستمع الى أقوال الطفلة استدلالاً، وكانت المفاجأة ان أقوالهما تناقضت مع ما أدلوا به في محضر الشرطة والنيابة وبعدها بدأت تتوالى المفاجآت أمام محكمة جنايات الإسكندرية، ليؤكد المتهم انه تم حبسه شهرين ظلم وانه لم يفعل شيئا نظراً، مشيراً الى مرضه المزمن والذى تسبب في انهاء خدمته من احد الشركات الكبرى، -معاش مبكر- حيث انه اجرى عملية جراحية كبرى نتج عنه تركيب جهاز يساعده في عملية التبول والاخراج، وقام بتقديم شهادات طبية تفيد عجزه الجنسي نتيجة ذلك لتصدر المحكمة حكمها ببراءة الموظف السابق من اتهامه بهتك العرض والتحرش بطفلة. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها انها اصدرت حكمها بالبراءة بعدما اقتنعت بإستحالة حدوث الواقعة وان الأقوال التى ادلت بها الطفلة استدلالا في محضر الشرطة والنيابة العامة كانت متناقضة، كما انها لم تطمئن كذلك الى اقوال والدها والذى تبين انه ابلغ عن الواقعة بعد حدوثها بأربعة أيام كما ان الأوراق قد خلت تماماً من ثمة اي مظاهر اصابات للطفلة. كما كشفت الحيثيات عن عجز المتهم الكامل عن الإتيان بمثل تلك الأفعال وذلك بسبب اجراءه عدة عمليات جراحيه وتركيبه جهاز اخراج للبول والبراز مما سبب ضمور لاعضاءه التناسلية مما يتحقق معاه العجز الجنسي، وتحققت المحكمة من ذلك بنفسها برؤية الجهاز وكذلك من خلال التقارير الطبية الصادرة بحالة المتهم من مستشفيات حكومية. خرج الموظف المريض من المحكمة وهو غير مصدق ما حدث له والدموع تملأ وجهه فرحا بظهور براءته ومن مرارة الظلم الذى تعرض له لمدة شهرين محبوس من جراء اتهام مشين.