تسعي وسائل الإعلام التقليدية من صحف وقنوات تليفزيونية وإذاعات لكسب ثقة متابعيها، وتتنافس تلك الوسائل فيما بينها علي المصداقية.. وفي ظل تعدد وانتشار وسائل الإعلام يمارس الصحفي أو الإعلامي عمله بين سندان سرعة الحصول علي المعلومة ونشرها قبل غيره، ومطرقة دقة المعلومة التي حصل عليها.. والقاعدة الأولي في الصحف وغيرها من وسائل الإعلام تنص علي التأكد من دقة المعلومة، بالرجوع لأكثر من مصدر، أو أن تكون منسوبة لمصدر رسمي.. ومع التطور التكنولوجي السريع وظهور مواقع التواصل الاجتماعي والتي أصبحت مصدرا لكثير من المعلومات.. إلا أن أغلبها معلومات غير موثقة، وأكثرها مغلوطة وكاذبة، وتسبب اعتماد بعض وسائل الإعلام علي المعلومات المتداولة علي تلك المواقع في نشر الشائعات والأخبار الخاطئة والتي تضطر الوسيلة لتصحيحها بعد ذلك. مؤخرا أضاءت »تغريدة« لمواطن مصري علي موقع «تويتر» الضوء الأحمر ودقت جرس الإنذار بعد أن تداولت بعض المواقع الإخبارية المحلية وموقع آخر أجنبي وبرامج «التوك شو» علي القنوات الفضائية ما تضمنته التغريدة حول «تعيين الدكتور مهندس محمد وجيه عبدالعزيز وزيرا للنقل والمواصلات وحلف اليمين بعد غد».. بل ونسبتها إلي مصادر موثوقة.. ليتبين أن الذي تم طرح اسمه وزيرا للنقل متوفي منذ 11 عاما.. وحول ضرورة اتباع قواعد التغطية الإعلامية والصحفية فيما يتم نشره أكد د. محمود علم الدين أستاذ الإعلام وعضو الهيئة الوطنية للصحافة أن هناك قواعد وأصول للصحافة والإعلام تقوم علي ضرورة التحري واللجوء لأكثر من مصدر للأخبار خاصة التي قد يكون هناك اشتباه في صحتها أو شك فيها، وأشار إلي أن وفرة المعلومات وتنوعها وسرعتها علي مواقع التواصل الاجتماعي أغرت الجميع أن يقبل عليها وينشرها حتي لا يفقدون السبق، مطالبا بضرورة مراجعة كل أساليب إدارة العملية الإخبارية في وسائل الإعلام في ضوء المتغيرات الجديدة المرتبطة بوجود 3 عوامل جدد تتمثل في تغريدات علي موقع «تويتر» وتحمل في معظمها أخبار، وصفحات علي موقع «فيس بوك» وغيره من الشبكات الاجتماعية الأخري التي تحمل أخباراً في داخلها، وفيديوهات علي موقع «يوتيوب» قد تتضمن أيضا أخباراً، وشدد د. علم الدين علي أهمية أن تبدأ وسائل الإعلام في وضع آليات للتحري عن دقة هذه الأخبار، وأن يكون الجهاز التحريري في الوسيلة الإعلامية مستعدا للتحري عن المحتوي الخبري، وهو ما يمكن أن يتم يدويا، أو أن يتم الاستعانة بخبرات وتجارب الصحف في الدول الأخري حيث قامت الصحف الفرنسية بتأسيس أقسام جديدة للتحري والتحقق من صحة المعلومة تعتمد علي قواعد بيانات وتطبيقات تقوم بإدخال الأخبار الجديدة عليها للتأكد من صحتها، مشيرا إلي أنه لو كانت وسائل الإعلام تمتلك قواعد بيانات لكانت تأكدت من أن الشخص الذي تم طرح اسمه للوزارة علي «توتير» توفي منذ 11 عاما.. وطالب الصحف المصرية بالتعاون مع إدارتي «فيس بوك» و«جوجل» لاتخاذ إجراءات لمكافحة الأخبار الزائفة ومكافحة الشائعات المنتشرة، مؤكدا علي ضرورة مراعاة وسائل الإعلام لتحري الدقة قبل السرعة، وأوضح أن الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام التقليدية لاتملك في مواجهة السوشيال ميديا إلا التأني والتدقيق والتفصيل والشرح، ولن تستطيع أن تنافسها في السرعة. ومن جانبه أكد د. شريف اللبان وكيل كلية الإعلام بجامعة القاهرة أن ماحدث من نشر خبر كاذب عن تعيين وزير للنقل توفي منذ 11 عاما كشف كيفية انتشار الشائعات علي مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها تنتقل إلي وسائل الإعلام التقليدية كالصحف والقنوات التليفزيونية والإذاعات، كما كشف عن قصور في اتباع القواعد المهنية لتغطية الأخبار، وأرجع ذلك إلي ما ورثه الإعلام المصري من انفلات إعلامي بعد أحداث 2011 وحتي الآن، وأكد أن ما نعانيه من انفلات إعلامي يتجسد في عدة صور منها انتشار الشائعات والاستقطاب وبث الفتن والتحريض علي الجيش والشرطة وفئات مجتمعية مختلفة وكلها من تأثير الاعتماد علي مواقع التواصل الاجتماعي، وأشار إلي عدم التحقق من صحة المعلومات يؤدي إلي انتشار الشائعات والأكاذيب، وطالب الجميع بالرجوع إلي القواعد المهنية التي تقتضي التأكد من الخبر أو المعلومة من أكثر من مصدر قبل نشرها أو إذاعتها.. وأن يتم تغطية الأحداث من مواقعها وعدم نشر فيديوهات إلا بعد التحقق منها .. كما يجب تدريب الصحفيين الجدد علي تغطية الأحداث من موقعها لأن مصر تستحق من الجميع تحري الدقة قبل نشر أي معلومة.. وطالب «د. شريف» بأن يتم تحري المهنية والدقة دون اللهث وراء السرعة تحت حجة السبق، مشيرا إلي أن السبق الحقيقي نتاج تحقيق أو تغطية استقصائية متعمقة يتوصل من خلالها إلي نتائج ومعلومات لم يتوصل إليها أو يكشفها أحد آخر.