■ خريطة توضح الأماكن المتنازع عليها بين الدولتين في إقليم كشمير تصاعدت حدة التوتر والصراع بين الجارتين النوويتين، الهندوباكستان،علي خلفية التفجير الانتحاري الذي أسفر عن مقتل أكثر من 46 شخصاً واصابة ثلاثة آلاف آخرين من قوات الأمن الهندية في الشطر الهندي من إقليم كشمير الاسبوع الماضي وفي خطوة لإظهار مدي صرامتها قبل الانتخابات الوطنية، هددت الهند بأنها ستخفض كميات المياه التي تتدفق عبر أنهارها إلي باكستان. وعلي الرغم من كون هذا التهديد قد أعلنته نيودلهي من قبل، لكن يبدو أنها الآن أكثر تصميماً علي تنفيذه والذي ألقت باللوم فيه علي إسلام أباد. ويري بعض المحللين إن هذا هو أقوي تهديد يمكن ان توجهه الهندلباكستان بعد الهجوم، حيث إن حرب المياه هذه قد تكون كارثية لمئات الملايين من الناس في الهندوباكستان الذين يعتمدون علي مياه نهر السند (إندوس). ومنذ وقوع الهجوم في كشمير، تتبادل الهندوباكستان انتقادات لاذعة وتهديدات وإهانات، وحاولت كل دولة منها أن تجذب البلدان الأخري إلي جانبها. وإذ تعمل الهند علي عزل باكستان، إلا أن الأخيرة لديها أصدقاء أقوياء في الصين والسعودية، وكلاهما من كبار المستثمرين. وتري نيويورك تايمز أنه علي الرغم من أن هذا الهجوم الأخير قد ضرب علي العصب في الهند، حيث العديد من الناس متعطشون للانتقام، إلا أن الهند لا تملك سوي القليل من الخيارات العسكرية الجيدة. فكل من الهندوباكستان يملك ترسانات نووية والآلاف من القوات علي الحدود. حتي إن أكثر أعضاء النخبة العسكرية الهندية حذروا من تصاعد التوترات. ومع ذلك فإن تصاعد الخلاف الهندي - الباكستاني ينذر بمخاطر حرب بين خصمين نوويين يتفادان الحرب بسبب خوفهما من الانزلاق إلي حرب نووية تودي بمئات ملايين القتلي من الجانبين ومن الدول المجاورة، لكن عدم حل النزاع بشأن إقليم كشمير الذي يطالب سكانه من الاغلبية المسلمة بالانفصال عن الهند وتدعي كل من الهندوباكستان السيادة عليه، سيجعل المنطقة عرضة للتوترات والاشتباكات كل فترة. وقد فاقم الحادث من التوترات بين الجارتين النوويتين، خصوصاً مع ضغوط هائلة علي رئيس الوزراء »ناريندرا مودي» باتخاذ إجراء قوي قبيل الانتخابات خلال الأشهر المقبلة وأعلنت الهند تجريد باكستان من وضع »الدولة المفضلة»، وقررت أيضاً رفع الرسوم الجمركية إلي 200 في المئة علي كافة البضائع المستوردة من باكستان. لكن من المتوقع أن يكون لذلك تأثير محدود علي باكستان، نظراً لأن التجارة بين البلدين ضعيفة. وتعتبر كشمير قلب الصراع بين الهندوباكستان خلال السنوات السبعين الماضية، واحدي المشكلات المعقدة الموروثة من الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية وتتشابك فيها خيوط عديدة، دينية وعرقية واقتصادية واستراتيجية.. مما يحمل علي الشك في امكانية التوصل إلي حل مقبول للنزاع عليها. حيث ترفض الهند اي حلول دولية لحل الصراع حول كشمير... وقد تسببت كشمير في حربين كبيرتين بين الهندوباكستان، الاولي عقب اعلان استقلال الدولتين عن بريطانيا عام 1947 والثانية عام 1965 كما دفع شعب الاقليم ثمناً فادحاً لمقاومته سياسات الهند طوال تلك السنين. واسفرت الحروب عن وقوع 63% من مساحة اقليم جامو وكشمير في يد الهند، بالاضافة إلي اربعة اخماس سكانه وبقيت 37% من مساحة الاقليم تحت سيطرة باكستان التي اطلقت اسم (ازاد كشمير) اي كشمير الحرة. وفي ظل هذه الاوضاع تمكنت الهند من تنفيذ سياستها في كشمير، وتتهم الهند الجيش ووكالات الاستخبارات في باكستان دائما بتدريب وتسهيل تسلل مسلحين إلي الجانب الخاضع لسيطرة الهند من كشمير، وهذا ما تنفيه باكستان وتلقي باللوم علي أكثر من نصف مليون من قوات الأمن الهندية المنتشرة في كشمير مع قوات خاصة، بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين. وعلي الرغم من أن الدول كافة، بما فيها الصين، قد أدانت الهجوم، لكن من المستبعد أن تغير سياساتها الخارجية تجاه باكستان، وهو ما ترغب الهند في مشاهدته. ويرجع ذلك إلي أن رئيس الوزراء الباكستاني المنتخب حديثاً عمران خان، سعي بنشاط منذ انتخابه قبل ستة أشهر، إلي تحسين السياسة الخارجية لبلاده. وفي ضوء ذلك من المتوقع ألا تسفر جهود الهند الدبلوماسية لعزل باكستان سوي عن نتائج محدودة.. بيد أن الخيار الآخر الذي يمكن للهند دراسته هو تطبيق عقوبات مالية واقتصادية علي باكستان، لكن سيتطلب الأمر موافقة دولية علي ذلك. وأما الخيار الأخير وهو أيضاً مستبعد فهو شن حرب محدودة، ذلك أن كلتا الدولتين لديهما قدرات نووية، وأي مغامرة غير محسوبة من أي جانب ستكون كارثية. وفي هذه الأثناء، سيعتمد أي رد تتخذه الحكومة الهندية علي الهجوم علي مدي تأثيره علي الانتخابات العاملة المرتقبة في الهند، والتي ستعقد في غضون ثلاثة أشهر، في ظل أجواء سياسية مشحونة بالفعل. لذا، ستحاول الحكومة معرفة ما إذا كان أي تحرك عسكري سيكون له تداعيات علي نتائج الانتخابات.