ما أروعك يا سلاح القلم، يشرعه المخلصون والمقاتلون بالكلمة في وجه المخربين والطماعين، والقتلة المأجورين، فيتحدي جرائمهم الجبانة، ويكشف حيلهم الدنيئة، والأديب المقاتل المخضرم فؤاد حجازي واحد من هؤلاء الذين حملوا القلم المبدع وكأنه سلاح يواجه أباطيل الغزاة، ويوقف زحف إدعاءاتهم علي أذهان البسطاء. حين ودعنا ابن المنصورة التي شهدت واحدة من أروع ملاحم البطولات، حيث كسرت جحافل الذين ظنوا أن بلادنا نهب مستباح - تيقنا أنه لم يكن بعد صراعه الطويل مع المرض، راحلا إلي المجهول، بل إلي المكان المعد للمقاتلين البواسل تاركا ذكري لن تمنحي من قلوب المخلصين، وأعمالا باقية حدثتنا عنها الشاعرة والناقدة د.كاميليا عبد الفتاح قائلة: ظاهرة فريدة في المشهد الإبداعي العربي أن يطرح الأديب فصولا من سيرته الذاتية في أكثر من كتاب، ويعدّ الأديب الكبير الراحل فؤاد حجازي صاحب هذه التجربة المُدهشة، فقد صدر له في هذا المجال أربعة كتب، منها: أوراق أدبية، ومن الدار للنار، قرون الخروب، فضلا عن روايته »الأسري يقيمون المتاريس»، التي تُعدّ سيرة روائية - بامتياز – حيثُ كتبها استلهاما لتجربة اعتقاله في سجن »عتليت» الإسرائيلي عام 1967م. ولا يسع الناقد أمام هذه التجربة المدهشة إلَّا أن يؤكدَ قدرة التجربة الحياتية المتفردة بثرائها وأعماقها علي إلهام صاحبها بسلسلة من الرؤي الفكرية والزخم الشعوري الذي لا ينفد ولا ينتهي في طرحٍ بعينه، خاصة إذا تشابكت أحداث هذه التجربة الذاتية بتجربة الذات الجمعية وأحداثها المصيرية. بينما يقول الأديب فكري عمر: كان للروائي »فؤاد حجازي» ضحكة عذبة من القلب، ونبرة صوت مازالت ترن في أذني حين أري صورته، صعب علي النفس أن تكتب عن الأعزَّاء بصيغة الماضي، ما أعجب الزمن!، ذات لقاء حدثته عن (قرون الخرُّوب)، الجزء الأول من سيرته الذاتية، وأعلنت أن ما كان يعانيه ككاتب في بدايات حياته مازلنا نعانيه، كأن الزمن يدور حول نفسه، في مرحلة مبكرة عشت مع (الأسري يقيمون المتاريس)، هذه التجربة الفريدة في الأدب العربي، وقصص ورواياتٍ عن المهمشين الذين لا يلتفت إليهم. بضع كلمات لن تعبر بالتأكيد عن الذكريات والتجربة التي تحتاج إلي الكثير من التأمل، عزاؤنا الوحيد هو القيمة الإنسانية والإبداعية التي غرسها، في محبيه وقرائه جميعًا، كتجسيد للمقاومة، والأمل.