رئيس جامعة المنوفية والمحامي العام يناقشان آفاق التعاون المجتمعي    وكيل التعليم بأسيوط يتفقد مدارس الغنايم ويشيد بتفعيل البرامج العلاجية والقرائية    هندسة بنها تحصل على جائزة الإبداع والتميز في معرض النقل الذكي والتنقل الكهربائي    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    الولايات المتحدة تطالب الجيش السودانى وقوات الدعم السريع بوقف القتال فورا    أمريكا ترفع مكافأة الترحيل الذاتي للمهاجرين إلى 3 آلاف دولار    «يجب احترامه وهدف +90».. العالم يتحدث عن صلاح بعد مباراة مصر وزيمبابوي    شاهندا المغربي حكماً للمقاولون والطلائع في كأس عاصمة مصر    قرار عاجل من النيابة الإدارية ضد قيادات مدرسة لذوي الإعاقة بسبب واقعة هتك طالبين جسد تلميذة    إخماد حريق شب داخل منزل فى الحوامدية دون إصابات    حريق بمخازن أخشاب بالمرج وإصابة 5 مواطنين في حادث على طريق الضبعة    الأرصاد تحذر من انخفاض الحرارة.. وهذه المنطقة الأكثر برودة فى مصر    إحالة مديري مدرسة التربية السمعية الحالية والسابق للمحاكمة لإهمالهما في واقعة اعتداء جنسي على تلميذة من ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المدرسة    روسيا تبارك انتخاب خالد العناني لرئاسة اليونيسكو: فرصة لإعادة الحياد إلى المنظمة    أبطال وصناع "ميد تيرم" ضيوف معكم منى الشاذلي الخميس    كريم محمود عبدالعزيز بين «المتر سمير» و«طلقني»... تنوع فني وحضور قوي    لو لقيت فلوس في الشارع تعمل إيه؟.. أمين الفتوى يُجيب    الرعاية الصحية: إدخال أحدث تقنيات الفاكو لعلاج المياه البيضاء ودعم السياحة العلاجية بجنوب سيناء    محطة رفع صرف صحى بطاقة 15 ألف م3 يوميًا لخدمة قرية الفهميين بالجيزة ضمن حياة كريمة    محمد صلاح يعادل الصقر ويتخطى أبو جريشة فى قائمة هدافى أمم أفريقيا    مرموش: نحتاج لمثل هذه العقلية في البطولات المجمعة    والد فنان شهير، معلومات لا تعرفها عن الماكيير الراحل محمد عبد الحميد    وزير الثقافة يلتقي الفنان خالد الصاوي لبحث إنشاء المركز الدولي للتدريب على فنون المسرح    وزير الأوقاف: «دولة التلاوة» أعاد للقرآن حضوره الجماهيري    هندسة بنها بشبرا تحصل على جائزة الإبداع والتميّز في معرض النقل الذكي والتنقل الكهربائي    الداخلية تكشف ملابسات ادعاء سيدة الاستيلاء على منزلها    رئيس الوزراء يجرى حوارا مع المواطنين بمركز طب الأسرة فى قرية الفهميين    كامل الوزير: فائض إنتاج عمان من البولي بروبلين والنحاس قد يلبي احتياجات السوق المصري    بالفيديو.. رئيس مصلحة الضرائب يوضح خطوات التعامل مع الممولين عبر التسهيلات الضريبية    البابا تواضروس يستقبل الأنبا باخوميوس بالمقر البابوي بوادي النطرون    بعد قليل.. رئيس الوزراء يتفقد عدداً من مشروعات حياة كريمة بالجيزة    ارتفاع حصيلة اشتباكات حلب إلى 4 قتلى و9 جرحى    قافلة المساعدات ال100 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    ترامب: المحادثات مع روسيا وأوكرانيا تسير بشكل جيد    وزير الكهرباء يلتقي مع رئيس "نورينكو" لبحث التعاون المشترك في مجالات الاستكشاف والتعدين    بالفيديو.. الحمصاني: منظومة التأمين الصحي الشامل وحياة كريمة تمسان الخدمات الأساسية للمواطنين    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    بعد وفاة الطفل يوسف| النيابة تحيل رئيس وأعضاء اتحاد السباحة للمحاكمة الجنائية العاجلة    4 وزراء ومحافظين يشهدون احتفالية انضمام 3 مدن مصرية جديدة لشبكة اليونسكو    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية الصحية بملف الصحة النفسية    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    وفاة والد الفنان أحمد عبد الحميد وتشييع جثمانه بعد صلاة العصر    بدء الصمت الانتخابي في إعادة انتخابات النواب بالدوائر ال19 الملغاة    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    الجيش الأمريكي: مقتل شخص في ضربة جديدة لقارب تهريب مخدرات    المخرجة إنعام محمد علي تكشف كواليس زواج أم كلثوم والجدل حول تدخينها    "بسبب غاز السخان" النيابة تحقق في وفاة عروسين    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    ليفربول يحتفل بأول أهداف محمد صلاح مع منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنصلح دورات المياه أولًا ونقاوم الذباب ثم نرتق ثقب الأوزون
قضية ورأي

يختلف ترتيب الأولويات البيئية في الغرب عنها في العالم الثالث، فبينما يشكل ثقب الأوزون والتنوع البيولوجي أولوية أولي في الغرب، تشكل دورات المياه والذباب والنظافة أولوية أولي في العالم الثالث، مشكلة دورات المياه في مصر تعد أكبر المشكلات البيئية المزمنة والتي استعصت علي الحل، ويزعم البعض أن دورة المياه والصرف الصحي هما من أعظم الاختراعات في القرن العشرين، وهذا زعم خاطئ وينطوي علي مغالطة تاريخية كبيرة، فدورة المياه والصرف الصحي هما بالفعل من أعظم الاختراعات في تاريخ البشرية ( بعد العجلة والصفر والأرقام العربية والساعة والورق...الخ ) ولكنهما ليسا من اختراع الأوروبيين في القرن العشرين بل هما من اختراع قدماء المصريين منذ الدولة المصرية القديمة في الألف الرابعة قبل الميلاد. فقد خصص المصري القديم منذ الدولة القديمة حجرة خاصة بالمرحاض، وكسي جدرانها بالجير وحافظت مراحيض هذا العصر علي نظافتها.
وصنع المصري القديم المراحيض من الحجر أو الفخار أو الخشب، وكان يجمع بين المرحاض والحمام في حجرة واحدة، تجاور حجرات النوم ولبعض المراحيض مقعد خشبي مهذب ويشبه كثيراً المقعد الحالي.
ولقد كثر في السنوات الأخيرة الحديث عن الأوزون، ذلك الغاز السام الذي تعود معرفة الإنسان به إلي نهاية القرن الثامن عشر حينما لاحظ أحد الكيميائيين وهو »on Marum رائحة مميزة عند إمرار تيار كهربائي في غاز الأكسجين وذلك في عام 1785 م.
وقد أعزي الكيمائي كريستيان شونباين »‬. F. Schounbein في عام 1840 م هذه الرائحة إلي تكون غاز جديد أطلق عليه اسم الأوزون، وهذا الاسم مشتق من الكلمة اللاتينية أوزو Ozo ومعناها « أشم رائحة »‬، وفي سنة 1846 م بين الكيميائي سوريت Soret أن الأوزون هو صورة من صور الأكسجين حيث يتكون الجزيء فيه من ثلاث ذرات من الأكسجين، والأوزون غاز ذو رائحة خانقة مميزة وتشبه رائحة السمك، ويوجد الأوزون في الهواء الجوي بنسبة جزء إلي مائة مليون جزء بالحجم تقريباً، وإذا زادت هذه النسبة إلي الضعف أصبح الهواء ساماً وخطيراً علي الإنسان والحيوان، ويستخدم الأوزون في تعقيم الأطعمة ومياه الشرب وتطهير دورات المياه العامة وذلك لأنه يقتل البكتريا، ويتكون الأوزون تلقائياً في الغلاف الجوي نتيجة التفريغ الكهربائي في طبقات الجو العليا، وكذلك تحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية علي غاز الأكسجين، ويبلغ أقصي تركيز لغاز الأوزون عند ارتفاع نحو 25 كم في الهواء الجوي وهو ما يعرف »‬ بطبقة الأوزون »‬.
أما قرب سطح الأرض فإن الأوزون يتحلل بسرعة تحت تأثير ذرات الغبار وبعض ملوثات الهواء وبالتالي تقل نسبته كثيراً وتتكون كمية كبيرة من الأوزون علي شواطئ البحار.
وتقوم طبقة الأوزون بحجب الأشعة فوق البنفسجية وتبديدها في الغلاف الجوي ومن ثم لا يصل منها إلي سطح الأرض إلا قدر ضئيل لا يؤثر علي الأحياء علي سطح الأرض تأثيراً يذكر ومعروف أن الأشعة فوق البنفسجية تسبب سرطان الجلد عند التعرض لها لفترة طويلة وتركيز كبير، وفي عام 1985 م وجد بعض الباحثين أن تركيز غاز الأوزون قد تناقص فوق المنطقة القطبية الجنوبية خلال الفترة من 1979 حتي 1985 بشكل واضح في أوائل أكتوبر من كل عام (وهو بداية الربيع في هذه المنطقة) وهو ما عرف فيما بعد (بثقب الأوزون) ولم يتفق العلماء علي تفسير هذه الظاهرة وهل هي بفعل النشاط الإنساني (ملوثات الهواء الجوي) أم لأسباب طبيعية، وهناك من يعزي ثقب الأوزون (إذا كان موجوداً) إلي تزايد الغازات الصناعية في الهواء الجوي، وأن ذلك سوف يؤدي إلي رفع درجة حرارة الهواء الجوي وذوبان الجليد في بالقطب الشمالي والجنوبي، وما يصاحب ذلك من مشكلات عالمية أهمها غرق المدن الساحلية في معظم القارات... الخ.
ومن المؤكد أن الدول الصناعية قد لوثت البيئة العالمية (الهواء الجوي والبحار العالمية) ويريدون من الفقراء وهم العالم الثالث أن يدفعوا ثمن هذا التلوث، وهذا خطأ يجب ألا نقترفه، فنحن لا ناقة لنا ولا جمل في مسألة تلوث الهواء العالمي والبحار العالمية، وعلينا أن ننظف ونطهر بيئتنا الداخلية (بيتنا أولا) ونؤجل النظر في مشاكل الرفاهية.
وإذا ألقينا نظرة سريعة إلي دورات المياه في كل المصالح الحكومية بلا استثناء والمساجد.. الخ والشوارع والميادين العامة (إذا كانت فيها دورات مياه) ومحطات السكة الحديد والقطارات وحتي المطارات والطائرات تجدها علي درجة كبيرة من القذارة والإهمال وكأنها إسطبلات مهملة، وتعد للأسف الشديد مثالاً صارخاً للتخلف وعدم الوعي والجهل... الخ ومظهر ونتيجة أيضاً للتخلف، وإحدي أولويات إصلاح البيئة إصلاح البيئة الداخلية وليس التنوع البيولوجي، وهذه دعوة إلي وزيرة البيئة ووزير الأوقاف ووزير الإتصالات... الخ وهو عمل دورات مياه ( آدمية ) نظيفة والحفاظ عليها في ربوع البلاد.
نعود إلي الذباب، تلك الحشرة المؤذية، ذات الصفات الفريدة أبرزها الإصرار علي إصابة الهدف، وقد حاول المصري القديم أن يتخلص من أذي الذبابة، بأن ابتدع لها وصفة طبية طريفة مدونة في بردية ادوين سميث الطبية الفرعونية والتي يعود تاريخها إلي الألف الثانية قبل الميلاد (حوالي 1600 ق.م) ولا يهمنا في هذا المقام ما جاء حرفياً في هذه الوصفة الطبية الفرعونية - ولكنها تشير بالقطع إلي أن الذباب كان ولايزال مصدر قلق وأذي للمصري القديم والمعاصر.
وبرغم الوصفة الطبية الفرعونية هذه، ومحاولات الحد من انتشار الذباب بالوسائل التقليدية البدائية المعرفة، فماتزال الذبابة تسرح وتمرح في ربوع البلاد، لا فرق بين مدينة وقرية، وربما كان للجو الدافئ الأثر الأكبر في توالد الذباب وانتشاره بالإضافة إلي أسلوب مكافحة المصري التقليدية للذباب بذبه أي بطرده أي بالحفاظ عليه - دون قصد.
وقد تحدث كثير من الرحالة الذين زاروا الوطن العربي مع مطلع القرن الخامس عشر عن أشياء شاهدوها واندهشوا لها في الوطن العربي، كالفقر والعري والحفا والجهل والإيمان بالخرافات، وحظي الذباب بكتابات طريفة لبعض الرحالة ومنهم الرحالة وعالم الآثار الأمريكي وندل فيليبس في النصف الأول من القرن العشرين، والصورة التي رسمها ويندل فيلبس توجد نسخة منها في كل قرية وكل واد في كل أرجاء الوطن العربي تقريباً، بل وفي معظم أحياء المدن كبيرها وصغيرها وبخاصة في بداية فصل الربيع حيث يتوالد الذباب بصورة انفجارية - إذا صح هذا التعبير.
وقد فشلت المقاومة الكيميائية للذباب، كما فشلت الوصفة الطبية الفرعونية في القضاء علي الذباب والتخلص من أذاها، ومن ثم يجب استحداث وسائل بيولوجية أو غيرها تفي بالهدف المنشود دون أن تلوث البيئة.
• أستاذ الجيولوجيا بالجامعة البريطانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.