لضمان بقاء واستمرار الأمم المستهدفة المحاربة التي لا تعرف الاستسلام وإدارة شئونها هناك أبجديات معروفة ومفهومة بالضرورة عند مؤسسات صنع القرار، هذه الأبجديات أهمها وأولها هو حشد كل عناصر قوتها في مواجهة العدو أي عدو وحماية مصالحها ومقدرات شعبها وضمان جاهزية قواتها للاضطلاع بمهامها الوطنية طوال الوقت دفاعاً وهجوماً وباستباق وإلي ذلك فمهم وعلي نحو مماثل تجهيز وتأهيل الجبهة الداخلية معنوياً ونفسياً ليس فقط لهدف الحفاظ علي تماسكها خلال الأزمات وإنما لتنهض بأعبائها الوطنية بتقديم قرابين بشرية فداء للتراب الوطني وذوداً عن كرامة لا يحميها سوي الأحرار تحت أسوأ ظروف الأزمات.. حتي تلك المستبعدة حسابياً إذ لا شيء في حسابات حروب المصائر مستحيل نظرياً. ونظرة مراجعة سريعة واحدة لتاريخ أمتنا المصرية الممتد من بدء التدوين هي أكثر من كافية لتصنف كأمة محاربة إذ لم يعرف وادينا المقدس في عصر من العصور منذ ما قبل الأسرات الفرعونية وإلي اليوم هدوءاً واستقراراً كاملين وإنما وفي كل مرحلة من مراحل التاريخ كانت هناك حروب إما فتوح وتوسع في عصر بناء الإمبراطورية الأعظم في تاريخ البشرية أو دفاعية وتحررية في فترات انحطاط لم تقبلها وتألفها في عصر من العصور طبيعة المصري المغزول وجدانه بمجد أمته. وغريب جداً في حال بلد كبلدنا أن تجد بيننا من يتصور بأنه نتيجة لتوقيع اتفاق للسلام بيننا وبين عدو متربص عند الحدود ووراءه قوي متجبرة يحكمها من يكرهون فينا الكرامة ويطمعون في ثرواتنا، بأن خطر هذا العدو قد انتهي أو بأنه سيتخلي وللأبد عن عدوانيته لمجرد توقيعات علي أوراق في مرحلة تاريخية ما. والصواب هو ألا نتجاهل أن عدوانية المغتصب لا يمكن أن تتبدل ذات يوم ولأي سبب من الأسباب وإنما هي قائمة ثابتة طالما بقي مغتصباً وطالما احتفظ بمطامعه، وطالما استهدف مصالحنا علي أرضنا وفي مياهنا وتحت سمائنا وبعيداً عنها. في بلادي وبعد ثورة يناير علي من أهمل عناصر القوة.. استفاق الناس علي حركة جيش آخذ ببناء القوة وامتلاك أسبابها، يؤمن جيش مصر بأمن مصر وحماية مصالحها يستدعي أعلي درجات الجاهزية والاستعداد الدائم حتي لما يظنه البعض مستحيلاً وفي ذلك ليس هناك أفضل من خير أجناد الأرض. يبقي أن إداراتنا المدنية تحتاج إلي الكثير لنحسبها علي نفس مستوي إدراك قواتنا المسلحة بضرورات الجاهزية والاستعداد.