محمد علي خير يطالب بعودة بطاقة «الكساء الشعبي»: المواطن محتاج سلفة بنك ومعاش العائلة والجيران لشراء كسوة شتاء    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 22 ديسمبر    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    محمد علي خير: الرفض لفيلم الست كان أكبر من القبول.. وهذا لم يحدث في تاريخ الصناعة    اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    بعد أنباء تحذير دولة عربية، هل يتلقى العراق ضربات عسكرية وشيكة؟    الاستخبارات الأمريكية تكشف حقيقة السيطرة الروسية على أوكرانيا    عائشة بن أحمد: مصر محطة صعبة لكنها تصنع النجومية    مصرع شخص غرقا أثناء الصيد في نهر النيل بمنشأة القناطر    هل إعادة عرض مسلسل "أم كلثوم" رد غير مباشر على فيلم "الست"؟    الفنانة شيرين تعليقا على وفاة سمية الألفي: جمعني بها مسلسل «لاعبون بالنار».. وكانت سيدة فاضلة    صاحبة فيديو بيع أطفالها: أنا مليش في السوشيال ميديا.. وعملته من ضعفي وضيق الحال    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    بعد تصريحات مدبولي.. محمد علي خير: العاملون بالحكومة و11.5 مليون من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر    إدارة الطوارئ الأمريكية: انقطاع كبير للتيار الكهربائى فى سان فرانسيسكو    تغطية خاصة حول آخر التطورات فى سوريا وغزة بعد الضربات الأمريكية فى سوريا (فيديو)    سبرتاية مشتعلة تسفر عن حريق بشقة وإصابة 3 أطفال بالطالبية    تطور جديد في اتهام "هدى الإتربى" لطبيب أسنان باستغلال صورتها    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    رئيس صندوق التنمية الحضرية: حولنا حدائق الفسطاط من مقلب قمامة إلى أبرز معالم الشرق الأوسط    الدولة مش هتسيبهم، تدخل حكومي لحل أزمة أميرة عبد المحسن بعد عرض أطفالها للبيع    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    وفاة شقيقة جورج كلونى بعد معاناة مع مرض السرطان    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    فيديو جراف| بشرى سارة.. مترو الأنفاق سيصل هذه المناطق قريبًا    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    توروب يشترط ضم هذا اللاعب قبل الموافقة على إعارة محمد شكري في يناير    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    إنبي يخطف فوزًا قاتلًا من طلائع الجيش في كأس الرابطة المصرية    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    وزير الطيران:إجمالي عدد الركاب بكافة المطارات المصرية 60 مليون راكب بنهاية العام الجاري    تامر حسنى يشكر راعى مصر فى ختام حفل عابدين    العرض الخاص لفيلم «بكرا» بحضور أشرف زكى ومحمد رياض    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    الاحتلال يتوغل في ريف القنيطرة الشمالي بسوريا    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    اتحاد الكرة: حسام حسن وعدنا بلقب أمم إفريقيا.. وفينجر رشح مدير فني لتعيينه    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    محمد صبحي: المقاومة الفلسطينية لن تموت.. والمعركة على الوجود الفلسطيني كاملا    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمهور يصنع النجاح .. والنشاط الثقافي محل سؤال
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 02 - 2019

انتهت أعمال دورة اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب وسيبقي الأثر الأهم الباقي منها الانتقال من أرض المعارض بمدينة نصر إلي مركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة، انتهت تاركة للدورات المقبلة مهمة الإجابة عن السؤال الأساسي الذي شغل بال الجميع، مثقفين وناشرين وجمهورا، ولم يجد إجابة حاسمة له: هل جاء نقل المعرض في صالحه أم ضده؟
قبل الافتتاح انصبت التخوفات كلها علي البعد المكاني، وما يجره بالضرورة من غلو في أسعار التنقلات، وتلك كانت واحدة من النقاط الجوهرية التي كان من شأن التراخي في معالجتها تحول دورة اليوبيل الماسي إلي شهادة وفاة للمعرض وتراثه الزاخر، غير أنه ولحسن الحظ كان ذلك حاضرًا في أذهان المسئولين، وتمكنت هيئة الكتاب بالتعاون مع محافظة القاهرة وهيئة النقل العام من وضع خطة ناجحة لتوفير شبكة مواصلات واسعة من وإلي المعرض.
هيئة الكتاب تحركت بقوة وحماس في مسألة ضمان توفير المواصلات إلي المعرض لأنه بالطبع فإن الجمهور العامل الذي يعني وجوده وعدمه النجاح والفشل، الجمهور بالمعني الاستثماري، كل زائر جديد يعني رقمًا مضافًا إلي مبيعات تذاكر الدخول، إلي مبيعات الكتب والتي تكلف ناشروها الكثير في إيجارات الأجنحة. لا نؤكد علي دافع الهيئة هذا باعتباره عيبًا، غير أنه يصبح كذلك إن توقف التفكير عند حدود ضمان جلب »الزبون»‬ إلي أرض المعرض ثم تركه بعد ذلك في العراء.
التخوفات المبدئية توارت بسرعة وحل مكانها حماس، تكون إجماع علي أن المعرض انتقل إلي مكان يليق به، شكل حضاري، صالات أنيقة ومنظمة، اختفت العشوائية التي كانت قد أصبحت سمة أساسية لأرض المعارض بمدينة نصر، لا باعة علي الأرصفة، كل شئ في حيز خاص به ولا عدوان علي الكتاب، له المساحة الأكبر والرئيسية، هو هنا البطل بلا جدال.
ساد الفرح بالتجربة خلال الأيام الأولي خاصة مع تزايد عدد الزائرين بسرعة، جذب النقاش الساخن حول المعرض المزيد إليه، دعوات المقاطعة التي أطلقها البعض قبل بداية دورة اليوبيل احتجاجًا علي قرار النقل، سقطت كأنها لم تكن، لا يزال الناس في مصر يحبون الكتاب، ينظرون له بقداسة، وهي النقطة الإيجابية التي لم تضع وزارة الثقافة، في عهودها التي عايشناها، برامج جادة لتنميتها والتعامل معها بحيث يصبح الكتاب وسيلة معرفية وفق وظيفته، ربما يفوق الأمر هنا قدرة وزارة الثقافة ليصبح مهمة الدولة التي تتحدث عن الثقافة بروح فنان متفهمة ضرورتها لكنها في التعاملات المادية مع الملف تعود لارتداء عباءة التاجر الناصح.
نجحت هيئة الكتاب في اجتذاب الجمهور إلي مركز مصر للمؤتمرات الدولية، لن يكون هناك خوف علي المعرض من هذه الناحية، والمؤكد أن الدورات المقبلة ستشهد تزايد أعداد المقبلين عليه غير أن هناك ملاحظات أساسية لا بد من وضعها في الاعتبار من جانب المسئولين.
المتاهة
من البديهي تمامًا أن أي مكان يحتاج إلي خريطة للاستدلال عليه وعلي مكوناته، وقد قطع الجمهور الرحلة إلي المعرض ولما وصل هناك وجد نفسه أمام متاهة عليه فك شفرتها بنفسه، أين يذهب؟ أين يجد ما يبحث عنه؟ تمثل جزء من الحل في مجموعة من المتطوعين الشباب الذي يحملون معهم دليل المعرض لإرشاد الزائرين، لكنهم في كثير من الأحيان كانوا يقعون في حيرة الزائر، ليس ذنبهم بالتأكيد، لا خبرة سابقة لهم بالمكان، ومع تثمين تجربة »‬المتطوعين» بشكل عام لكنها في هذه النقطة كانت لتتناسب مع عصر ما قبل اكتشاف الخريطة، فتلك الأداة الغائبة عن ثقافتنا يستخدمها الملايين حول العالم وأثبتت فعاليتها، لأنه عمليًا من المستحيل توفير متطوعين للرد علي آلاف الأسئلة، ألم يكن من البديهي طباعة خريطة بما يشمله المعرض وتوزيعها مع تذكرة الدخول، هذا يعني توفير الجهد والوقت.
وإن كانت مسألة طباعة خريطة تعني الكثير من المال، فالبديل المتاح توفير »‬كتالوج» إلكتروني، تطبيق مجاني للهواتف المحمولة، يتضمن دور النشر، الخدمات في المعرض، عناوين الندوات، أماكنها، توقيتاتها.
نشاط ثقافي بلا صاحب
النشاط الثقافي المصاحب لدورة اليوبيل الذهبي يستحق وصفه بالمسكين الذي فرض وجوده علي احتفال خاص، لا يريد أحد ولهذا لم يهتم به أو يرعاه أحد، نشاط تشعر أنه بلا صاحب، أو أن الهيئة مجبرة علي إقامته وتنفيذه، بلا هدف ولا جدوي، والمثير أنه قبل إقامته صاحبه جدل كبير مع اللجان الثماني التي شكلتها هيئة الكتاب لوضع تصور عن الفعاليات الثقافية للمعرض، وهي اللجان التي أسفرت أعمالها، وعلي حد تصريح د. هيثم الحاج رئيس هيئة الكتاب، عن وضع تصورات ل 1400 فعالية.
1400 فعالية ثقافية خلال أسبوعين! رقم فوق التصور، هل نحن في حاجة إلي كل هذا؟ هي الفلسفة نفسها التي كانت تحكم عقلية الهيئة برئاسة الراحل د. سمير سرحان، إقامة أكبر عدد من الندوات، الصخب الثقافي الذي كان سمة لمرحلة كاملة دون أن تدري علي وجه الدقة الهدف منه، أما الآن فلم يعد لهذا النشاط تلك الصفة، تضافرت أسباب عدة لتخرج فعاليات دورة اليوبيل الذهبي في صمت وكأنها لم تكن، السبب الأول بالطبع كان التقصير الفادح في الإعلان عن النشاط، ومكانه الذي لم يعرفه أحد في الأيام الأولي ومنهم مشاركون في الفعاليات، وكانت النتيجة أن بعض الندوات لم تقام من الأساس، والبعض الآخر حضرها المتحدثون، فيما اجتهد آخرون في الإعلان عن أماكن وتوقيتات الندوات التي يشاركون فيها.
أظن أنه أصبح من الضروري أن تطرح هيئة الكتاب علي نفسها، وعلي لجانها التي تشكلها وعلي المثقفين بشكل عام سؤالًا جوهريًا حول مفهوم النشاط الثقافي المصاحب للمعرض: ما ضرورته، لمن نتوجه به، ما النتيجة المرجوة من وراءه؟ والمؤكد أن الإجابات ستشكل نقطة انطلاق جيدة لوضع أساس لنشاط ثقافي يجد جمهوره، وليس مجرد تشكيل لجان تضع أسماء ندوات حسب خبرتها الشخصية، تستقدم فيها أسماء تقع ضمن دائرة معارفها، لإقامة ندوات تتواري إلي الظل دورة بعد أخري ولا أحد يملك شجاعة السؤال عن جدواها.
التفتيش
من حيث المبدأ لا يجوز لأحد الاعتراض علي الإجراءات الأمنية خاصة مع الوضع العام المعروف في المنطقة، ومع أهمية المعرض كحدث ثقافي قومي، غير أن الإجراءات الأمنية لا بد لها أيضًا أن تتفهم طبيعة النشاط الذي تقوم بتأمينه، وفي حالة معرض الكتاب فإن التفتيش تحول، خاصة مع ازدياد الزحام، إلي تعطيل وإضاعة للوقت، وأسفر في بعض الأوقات عن عزوف الناس عن الدخول إلي قاعات الكتب وتفضيل البقاء في الخارج بين المطاعم والكافيهات والتنعم بشمس الصحراء الشتوية.
من المفهوم تفتيش الزوار جميعًا عند دخول أرض المعارض، لكن ما تحول إلي عائق هو التفتيش عند مداخل القاعات مرة ثانية، هكذا بدلًا من طابور واحد، فإنه يتحول إلي ثلاثة، وربما يتضاعف بحسب المرات التي سيخرج فيها الزائر من القاعات للتدخين مثلًا أو تناول الطعام وخلافه. ولسنا خبراء أمنيين لنقترح ما الذي يجب فعله في حالة كهذه، لكن واجبنا لفت النظر إلي المعوقات للتفكير فيها وتسهيلها قبل الدورة المقبلة.
الجمعة الكارثية
علي الأغلب فإن هذا هو الاسم المناسب لها تمامًا، والتي لا بد أن يضعها المسئولون من مختلف الاتجاهات أمامهم كنموذج لا يجب أن يتكرر، كانت الجمعة الأخيرة للمعرض، الإقبال كان هائلًا، تعرف هذا فورًا وأنت في طريقك إلي هناك، آلاف العربات الخاصة، الأتوبيسات ممتلئة إلي آخرها، مئات يسيرون علي أقدامهم.
للوهلة الأولي يبدو هذا مفرحًا، أن يتحقق للمعرض كل هذا الإقبال مع الظروف الاقتصادية الحالية فهذا معناه أن الكتاب سيظل مرشدًا وهاديًا ودليلًا للناس مهما رافق ذلك من سلبيات، مع كل ملاحظاتنا النخبوية حول عادات واتجاهات القراءة، حتي لو ذهب كل هؤلاء ولم يشتروا إلا القليل، هذا أفضل، البقاء بجانب الكتب وعناوينها أفضل من الانحراف إلي طريق آخر.
هذا ما علي وزارة الثقافة والدولة بمختلف أجهزتها تنميته والبناء فوقه، لكن ما حدث في تلك الجمعة كان علي العكس من ذلك، يعني أنت تقيم معرضًا دوليًا للكتاب فهل تفاجأت أن هناك زوارًا بهذا الحجم؟ ألم تكن تعرف أن يوم الجمعة إجازة الأسر التي تخرج فيها للتنزه؟ طيب إن كنت تعرف هذا فكيف استعددت له؟ مواقف السيارات امتلأت إلي آخرها، الشارع تكدس، الناس تدور بعرباتها بحثًا عن مكان بلا فائدة، البعض ينصرف غاضبًا، الأتوبيسات لا تكفي لإعادة الناس إلي الأماكن التي أتوا منها، الطوابير طويلة بلا نهاية، الكل يفقد أعصابه في مكان يفترض أن يسوده السكون والهدوء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.