صفر صوت ل 20 مرشحًا.. أغرب لجنتي تصويت بنتائج الفرز الأولية للأصوات بانتخابات النواب بقنا    البابا تواضروس الثاني يشهد تخريج دفعة جديدة من معهد المشورة بالمعادي    تفوق للمستقلين، إعلان نتائج الحصر العددي للأصوات في الدائرة الثانية بالفيوم    وزير العدل يلتقي وفداً من ممثلي مصلحة الخبراء    محطة شرق قنا تدخل الخدمة بجهد 500 ك.ف    وزير الكهرباء: رفع كفاءة الطاقة مفتاح تسريع مسار الاستدامة ودعم الاقتصاد الوطني    إعلان القاهرة الوزاري 2025.. خريطة طريق متوسطية لحماية البيئة وتعزيز الاقتصاد الأزرق    غرفة التطوير العقاري: الملكية الجزئية استثمار جديد يخدم محدودي ومتوسطي الدخل    الأوقاف تكشف تفاصيل إعادة النظر في عدالة القيم الإيجارية للممتلكات التابعة لها    الدفاعات الأوكرانية تتصدى لهجوم روسي بالمسيرات على العاصمة كييف    ترامب يعتزم إعلان الانتقال إلى المرحلة الثانية من "اتفاق غزة" قبل عيد الميلاد    محمد موسى: الاحتلال يثبت أقدامه في الجولان... والتاريخ لن يرحم الصامتين    أكسيوس: مجلس السلام الذي يرأسه ترامب سيتولى رئاسة الهيكل الحاكم في غزة    قفزة عشرينية ل الحضري، منتخب مصر يخوض مرانه الأساسي استعدادا لمواجهة الإمارات في كأس العرب (صور)    كأس العرب - يوسف أيمن: كان يمكننا لوم أنفسنا في مباراة فلسطين    بالأسماء.. إصابة 9 أشخاص بتسمم في المحلة الكبرى إثر تناولهم وجبة كشري    10 نقاط تلخص غلق محور 26 يوليو وخريطة التحويلات لإنشاء المونوريل.. انفوجراف    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    ترامب يعلن التوصل لاتفاقيات جديدة بين الكونغو ورواندا للتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراع    ترامب يظهر بضمادة على معصمه أثناء توقيع اتفاقية سلام فى أفريقيا.. اعرف التفاصيل    رئيس مصلحة الجمارك: ننفذ أكبر عملية تطوير شاملة للجمارك المصرية    انقطاع المياه عن مركز ومدينة فوه اليوم لمدة 12 ساعة    مانشستر يونايتد يتعادل مع وست هام ويستمر في نزيف النقاط    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    محمد إبراهيم: مشوفتش لاعيبة بتشرب شيشة فى الزمالك.. والمحترفون دون المستوى    مصدر بمجلس الزمالك: لا نية للاستقالة ومن يستطيع تحمل المسئولية يتفضل    كرة سلة - سيدات الأهلي في المجموعة الأولى بقرعة بطولة إفريقيا للاندية    كيف يقانل حزب النور لاستعادة حضوره على خريطة البرلمان المقبل؟    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    اختتام البرنامج التدريبي الوطني لإعداد الدليل الرقابي لتقرير تحليل الأمان بالمنشآت الإشعاعية    أخبار × 24 ساعة.. وزارة العمل تعلن عن 360 فرصة عمل جديدة فى الجيزة    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    ضبط 1200 عبوة مبيدات مجهولة المصدر خلال حملات تموينية في كفر الشيخ    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    "لا أمان لخائن" .. احتفاءفلسطيني بمقتل عميل الصهاينة "أبو شباب"    ترامب يستضيف توقيع اتفاقية سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    الملاكم نسيم حامد يهنئ أمير المصري بعد تجسيده شخصيته فى فيلم Giant بمهرجان البحر الأحمر    مراسل "اكسترا": الأجهزة الأمنية تعاملت بحسم وسرعة مع بعض الخروقات الانتخابية    انسحاب 4 دول من مسابقة «يوروفيجن 2026» وسط خلاف بشأن مشاركة إسرائيل    دار الإفتاء تحذر من البشعة: ممارسة محرمة شرعا وتعرض الإنسان للأذى    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    سلطات للتخسيس غنية بالبروتين، وصفات مشبعة لخسارة الوزن    أكثر من 12 ألف طفل وطفلة يعيشون حياة طبيعية داخل أسر رحيمة    وزير الصحة: أمراض الجهاز التنفسي تتطلب مجهودا كبيرا والقيادة السياسية تضع الملف على رأس الأولويات الوطنية    الأقصر تشهد أضخم احتفالية لتكريم 1500 حافظ لكتاب الله بجنوب الصعيد    ما الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد؟.. خالد الجندي يوضح    صحة مطروح: إحالة عاملين بإدارتي الضبعة والعلمين إلى التحقيق لتغيبهم عن العمل    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    وفاة المرشح سعيد عبد الواحد بأزمة قلبية فجرًا.. وإغلاق مقره الانتخابي في إمبابة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متحف الألم الذي تحول إلي حديقة افتراضية
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 02 - 2019

كنت أريد أن أعرف ما الذي ينبت في حديقة سعاد عبد الرسول الافتراضية، بينما أفكر في حديقتي الشخصية وعلاقتي بأمي الشجرة حيث المعرفة والمحبة.. فإذا بها تفاجئني أنها لم تكن في البداية حديقة وإنما متحف للألم .. وإذا بمتحف الألم يتحول إلي حديقة افتراضية، تنبت فروعا وأغصانا تلتف حول عنق إحداهن أو يديها لتكبلها، تلك الأحلام الخضراء ربما هي ذاتها مكمن الألم أو ما نظنه في حياتنا هو العود الأخضر إذا به يتحول لشجر لبلاب يتسلق أجسادنا فيكبلنا ، تكتب الفنانة سعاد عبد الرسول حكايات عديدة في أعمالها المحملة بالتفسيرات والتأويلات، وحين سألتها ماذا هناك بحدائقك الافتراضية وهو العنوان الذي خرج به معرضها الفردي الذي استضافته قاعة المشربية مؤخرا ، أخبرتني حيث إنها افتراضية فربما هي غير موجودة علي الإطلاق.
الحكاية بدأت من متحف أورسيه بفرنسا بينما تتجول عبد الرسول بين اللوحات هناك، وما تحمله من شخوص هي في الغالب بورتريهات لشخصيات حقيقية .. تفكر الفنانة في تلك الحالة من الزهو إذ وجدت في ذلك الجمال والتأنق المبالغ فكرة عكسية مفادها أن حالات الزهو زائفة فالأصل فينا هو الضعف، الناس ترتدي أفضل ما لديها وهي داخل البرواز أو الإطار لكن ما إن نبتعد عن الإطار حتي نفكر في خيباتنا وأوجاعنا ..ولذا أرادت سعاد أن تجسد أولئك الشخوص الذين يسكنون الأطر لكن دون هذا الإدعاء الزائف بالزهو.
وربما لذلك خرجت البراويز التي وظفتها سعاد في معرضها لافتة ومتفردة تحبس بها شخوصها أو تخلق عالما موازيا لحياة بديلة، حيث وظفت أطر المرايا التي تذكرنا بأعماق أنفسنا، وكذلك أطر الأسرة المصنوعة من الخشب أو المعدن، وغيرها من الأطر التي شاهدناها تؤدي وظائف أخري في بيت الجدة وأفلام الأبيض والأسود.. إذ أصبح الإطار هنا جزءا من لغة الشكل وأداة من أدوات التشكيل كما يقول الفنان سمير فؤاد، وأصبح الإطار مثل السور الذي يصعب تخطيه أو الحاجز الذي يستحيل اختراقه.
»أنا لا أحب اللوحة الفاتنة»‬ .. تخبرني سعاد بذلك ونحن نتجول بين الأعمال وتضيف: كنت أخشي أن يتحول الإطار لديكور .. ولذا بحثت عن براويز حقيقية حتي لو كانت قديمة .. بدأت أجمعها من كل مكان كسوق الجمعة، مرورا بمحلات الأنتيكات وبالجاليرهات، وكذلك من خارج مصر من كينيا ومن فرنسا، وبالطبع بعضها تم تجهيزه خصيصا، فلكل لوحة برواز يخصها دون غيرها. وتضيف عبد الرسول: الإطارات تذكرنا بالعروض المتحفية .. أما علي الجانب الرمزي فهي تدل علي تلك القيود التي تحيط بنا من كل جانب ومنها القيود المجتمعية والأسرية التي تترسخ بالداخل لتنبت وتكبلنا وتضعنا داخل أطر تبدو مزخرفة من الخارج، إنها تلك الأشياء التي اعتدنا عليها ولكنها خانقة.
تقترب من عالم سعاد فتقترب من نفسك، تتساءل متي تحمل قلبك لتنظر إليه مرتين، تتساءل مرة أخري متي يعيش قلبك بالخارج وتنبت به الأزهار ثم تتساءل ماذا سيقول لك قلبك حينئذ، لا سيما وأن كثيرا من أبطال أعمالها يحملون قلوبهم بين أيديهم، تقول الفنانة: أحد هذه القلوب هو قلب ليلي ابنتي، ربما أرسم القلوب بالخارج من محبة قديمة لمادة الأحياء فمن المدهش جدا أن نرسم ما بداخلنا بالخارج ونتأمله، في أحد مشاريعها السابقة عن المرأة والذي يعود لعام 2012 ، قامت برسم بطلاتها داخل رئة أو رحم، ربما كان الأمر له علاقة بالخوف الذي يحاوطنا، الخوف الذي يبدو طيبا أحيانا والذي يختبئ في جملة الأم مثلا »‬ خلي بالك من نفسك».
من جانب آخر تجيد سعاد اختيار الأسماء التي تضيف حميمية إلي الأشياء كلوحة قلب ليلي أو »‬يد جزيرة»: ، أو التي تستفزك بمزيد من الأسئلة حول ماهية أبطالها وما يفعلون ومنها »‬الرجل المزيف» و»‬رجل الفراء» و»‬العاشق الوحيد»، و»‬زهرة البرتقال» و»‬البتول» و»‬زهرة الياسمين» و»‬الرجل الذي يدخن وردة» .. وليس هذا فحسب بل أيضا لشخوص سعاد تركيبة متفردة بلون بشرتهم الخضراء والحمراء والزرقاء، وكأنها مخلوقات نبتت خصيصا في حديقة سعاد، إذ يبدو أولئك الأشخاص سرياليين بامتياز من النظرة الأولي لكنها تخبرني أنها علي العكس تراهم واقعيين من منظورها، إذ أنها ترسم واقعها الداخلي ، فكل تلك الشخوص والمشاهد ما هي إلا نتاج الباطن حين يظهر في الخارج.
وعلي الرغم من ظهور الرجل في عدد من اللوحات إلا أن اهتمام سعاد الأول ينصب علي المرأة فلطالما اهتمت بالمرأة وقضاياها وبالتعبير عن أحلامها ومشاكلها الأمر الذي بدأ معها من مشروع التخرج، ولا تناقش سعاد في ذلك القهر المجتمعي أو الذكوري فحسب بل أيضا تتطرق إلي الاضطهاد الذي تمارسه المرأة علي المرأة لتجلدها بنفس الميراث من الألم والاضطهاد.
إن عوالم سعاد عبد الرسول عوالم مدهشة وثرية .. وقد قدمت في معرضها الأخير شحنة فنية مكثفة محملة بالدلالات إذا أنها – كما يقول الفنان سمير فؤاد في كلمته عن المعرض- لا تدغدغ مشاعرنا بل تصدمها .. ولا تجعلنا نمر أمام لوحاتها تشدنا لنتوقف أمامها .. نتأمل ونتساءل .. ولو أمعنا النظر سنعثر في طياتها علي ذلك المخلص الذي سيعيد لهذا العالم الأسطوري الحياة ويوقظه من سباته العميق.
وأنا منذ أن غادرت المعرض أعيد علي نفسي ذلك التساؤل الذي طرحته سعاد في مقدمة معرضها »‬ما دمنا من تراب فكيف لا ينبت الورد فينا ؟» وأبحث عن إجابة بطريقة بإمكانها أن تخرج هذا القدر من الجمال الذي نبت في حدائق سعاد الفنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.