كتب صالح العلاقمي : بطولات التضحية لا تنتهي في سيناء من اجل الوطن ، ومع كل حادثة يتعرض لها رجال القوات المسلحة، والشرطة الذين يسطرون بدمائهم هذه البطولات في سجلات التاريخ، تأتي لتقوي عزيمة الشعب المصري في حربه ضد الإرهاب، وتنال من الروح المعنوية لما تبقي من فلول الإرهاب بسيناء. حكايات لأسود من الجيش والشرطة علي ارض سيناء. ورغم مرور 5 سنوات علي استشهاد العميد محمد السواركة من ابناء الشيخ زويد شمال سيناء، فإنه مازال يعيش بروحه بين اقاربه، يوم استشهاده خلال شهر رمضان عام 2014 م اختلطت دماء رجالات الشرطة مع الجيش في وقت واحد، حيث استشهد معه زميله العقيد عمروفتحي من رجالات القوات المسلحة، والذي تعرض للاغتيال بيد الغدر من عناصر ولاية سيناء . حيث كان السواركه علي مقربة من منزله بقرية الشلاق بمسافة 500 متر فقط، ولكن كان مصيرهما واحدا فبدلا من تناول افطار رمضان انتقلا الي الرفيق الاعلي شهداء من اجل الواجب ودفاعا عن تراب الوطن. عشق الشهيد السواركه حب الوطن، فقرر أن يلتحق بكلية الشرطة، ونظرًا للحرب التي كانت دائرة في سيناء ذلك الوقت، علي خلفية وقوعها في قبضة إسرائيل، لم يجد الشاب الذي حصل علي شهادة الثانوية العامة عام1980، طريقًا للوصول إلي الكلية، إلا بانضمامه إلي ال"الصليب الأحمر"، الذي نقله إلي القاهرة، وبذلك وضع قدمه علي أول طريق الوصول لكلية الشرطة. اجتهد الشهيد في كلية الشرطة إلي أن تخرج وعمل ضابطًا في قطاع الأمن المركزي بالقاهرة، ومنها انتقل للإسماعيلية، وبعد فترة، صدر قرار بنقله إلي قطاع الأمن المركزي بالعريش في ثمانينات القرن الماضي. لم يكن يتخيل الشهيد محمد، أحد أبناء قبيلة السواركة، التي تعد من أكبر القبائل في سيناء، أن يعود مرة أخري إلي سيناء، ولكن هذه المرة يمتلك قدرة علي إنقاذ وطنه من قبضة الإرهابيين، ويحمي عائلته.نجح السواركة في التدرج الوظيفي، إلي أن وصل لرتبة عميد بقطاع الأمن المركزي بوزارة الداخلية لتأمين الحدود، وكان مثالًا يحتذي به بين زملائه، طول فترة خدمته.مازالت الجراح لا تندمل . زاد الاشتياق وألم الفراق ولهفة اللقاء.. في جنة النعيم مع الشهداء والصديقين والأبرار يا أغلي الأحباب.كلمات بطعم المرارة ورائحة الحنين، خرجت من فم زوجة الشهيد. وقالت عايدة السواركة"، وهي سيدة بدوية تعتبر نموذجا لبنت الصحراء المعطاءة المثابرة، والتي تفتخر بزوجها الشهيد، ومستعدة لتقديم أرواح كل أبنائها فداء للوطن، آخر لقاء لي مع الشهيد، كان في منتصف رمضان عام 2014 الذي استشهد فيه، حيث كان يستعد للعودة إلي عمله، وأتذكر في هذه الليلة أنه أخذ يوجه لي النصائح، بأن أراقب وأهتم بالأولاد، وأتحمل أي تحدٍ مهما كان صعبا، لأنه كان يري أن الأجواء غير مطمئنة، وعندما عرضت عليه الأسرة، أن نترك سيناء رفض بشدة، وقال ما يسري علي أبناء وطننا يسري علينا، نحن هنا باقون إلي أن يقضي الله أمره. وقد كان يستشعر دائما خطر الإرهاب،، وكان لا يخرج إلا ومعه أحد من أبناء العائلة اثناء تواجده في إجازة من عمله، بل كان يغير من خط سيره خاصة بعد تكرار عمليات الاغتيال لرجال الشرطة والجيش في هذه الاونة، لذا قد كنت قلقا عليه ولم اظهر هذا القلق امامه، وكذلك امام أولادي، لدرجة أني أحيانا أذرف الدموع من شدة الخوف عليهم جميعا. وقال "أحمد" أحد أبناء الشهيد حاصل علي بكالوريوس تجارة إن والده قد عمل لمدة عام في قنا وباقي سنوات خدمته في العريش ورفح، وشارك في حملات مكافحة المخدرات وسط وجنوب سيناء 1995، وكان يتميز بخفة الدم وخدمته للناس.