السفير راهوال كواليشيرايث أثناء حواره مع »الأخبار« عاد إلي القاهرة من جديد بعد حوالي 9 سنوات قضاها في مصر ضمن أعضاء البعثة الدبلوماسية لدولة الهند كوزير مفوض، ولكنه عاد هذه المرة قادماً من أنقرة لتولي مهام عمله كسفير لبلاده بمصر التي يصفها بوطنه الثاني في ظل علاقات جيدة علي كافة المستويات السياسية والاقتصادية بين البلدين، إنه السفير راهوال كواليشيرايث والذي عبر في حوار خاص لجريدة »الأخبار» عن سعادته لوجوده في مصر التي يحمل كل مكان فيها ذكري له، وقال كواليشيرايث إن العلاقات الثنائية بين مصر والهند تقوم علي أواصر حضارية وتمتد لسنوات بعيدة، وأكد السفير الهندي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أسسا شراكة جديدة في عصر جديد لعلاقات البلدين تقوم علي محاور أساسية منها تعزيز التعاون الاقتصادي والذي يتمثل في العديد من المشروعات في المجالات المختلفة. تعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة من خلال التحالف الدولي للطاقة الشمسية كيف أسهمت اللقاءات المتعددة بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الهندي في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين؟ التقي الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء ناريندرا مودي أربع مرات منذ عام 2014، وهو ما انعكس علي العلاقات بين البلدين علي مستوي القيادات وكذلك علي العلاقات الوثيقة التي تربط بين الهند ومصر. زار الرئيس السيسي الهند في أكتوبر 2015 للمشاركة في القمة الثالثة لمنتدي الهند -إفريقيا، وفي سبتمبر 2016، قام بزيارة رسمية تاريخية لها. كما التقي الزعيمان أيضاً في سبتمبر 2015 علي هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك في مدينة شيامين الصينية في سبتمبر 2017 علي هامش قمة بريكس. ونتيجة لهذه اللقاءات، نشأت علاقات قوية علي المستوي الشخصي بين الزعيمين. كما أعطت هذه اللقاءات زخماً للعلاقات الثنائية بين البلدين، وأسهمت في تعزيز التفاهم المتبادل حول اهتمامات وآراء كل منهما بشأن القضايا الإقليمية والدولية. كما طرح الزعيمان رؤيتهما للعلاقات الثنائية من خلال الدعوة لتأسيس شراكة جديدة في عصر جديد، شراكة تقوم علي ثلاثة محاور: تعزيز التعاون السياسي والأمني، تعزيز الشراكة الاقتصادية والتعاون العلمي، توسيع نطاق العلاقات الثقافية والشعبية. الزيارة المرتقبة هل تم تحديد موعد الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الهندي إلي مصر؟ وافق رئيس الوزراء من حيث المبدأ علي دعوة الرئيس السيسي لزيارة مصر، وسيتم تحديد الزيارة في موعد ملائم للجانبين. كيف تري تطور العلاقات الثنائية بين البلدين علي مر العصور؟ تقوم العلاقات الثنائية بين الهند ومصر علي أواصر حضارية. وقد كان للصداقة التي نشأت بين زعماء البلدين – بين المهاتما غاندي وسعد زغلول وبين نهرو وجمال عبد الناصر – والتطلعات المشتركة لشعبي البلدين بعد حصولهما علي الاستقلال، وحركة عدم الانحياز وغيرها من العوامل دوراً هاماً في ترسيخ هذه العلاقات. كما يجمع بين الهند ومصر أيضاً تفاهم سياسي وثيق يقوم علي تاريخ طويل من التواصل والتعاون في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية. شهدت العلاقات الثنائية بين الهند ومصر نمواً مضطرداً منذ عام 2014. وفضلاً عن التواصل بين الجانبين علي مستوي القيادات والزيارات التي قام بها الرئيس السيسي إلي الهند، كانت هناك زيارات متبادلة علي مستوي وزراء الخارجية والدفاع. كما كانت هناك أيضاً زيارات رفيعة المستوي من الهند إلي مصر خلال تلك الفترة ومنها زيارة وزير الشئون البرلمانية وشئون الأقليات، وزيارة وزير الشحن والنقل البري والطرق السريعة، وزيارة وزير شئون الشباب والرياضة. وعلي الجانب المصري، قام كل من وزير قطاع الأعمال العام، ووزير الإنتاج الحربي، ووزير البترول والثروة المعدنية بزيارة الهند. ومن أمثلة العلاقات الثنائية الناجحة بين الجانبين مشروع إنارة قرية أجعوين بالطاقة الشمسية في محافظة مطروح، ومركز التدريب المهني في مجال المنسوجات بالقاهرة، ومشروع التداوي عن بعد والتعليم عن بعد في القارة الإفريقية الذي يقع مقره بجامعة الإسكندرية، ومركز التميز في مجال تكنولوجيا المعلومات بجامعة الأزهر. كما ارتفع عدد المنح التي يقدمها برنامج التعاون الفني والاقتصادي الهندي (أيتك)، والتي توفر تدريباً قصير المدي في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والمال والإعلام والزراعة والتنمية الريفية والموارد المائية وغيرها، وذلك من 40 منحة عام 2015 إلي 200 منحة عام 2017. هناك شغف واضح بالهند والثقافة الهندية بين أبناء الشعب المصري علي مر الأجيال، وهي نفس المشاعر التي يكنها الشعب الهندي لمصر والمصريين. كثيراً ما يردد أبناء الهند خلال زيارتهم إلي مصر أنه علي الرغم من عدم تحدثهم العربية، فإنهم يشعرون في مصر كما لو كانوا في بلادهم. ويمكنني القول أن الأواصر علي المستوي الشعبي تمثل أساساً دائماً للعلاقات الثنائية. ومن المتوقع أن تشهد الشراكة الثنائية بين البلدين مزيداً من النمو والنشاط بما يمكن البلدين من استغلال الفرص ومواجهة التحديات في هذا العصر الجديد ويحقق الفائدة المشتركة للبلدين. ما هو شعورك وأنت تعود إلي مصر مرة أخري فقد كنت منذ 9 سنوات أحد أعضاء البعثة الهندية كوزير مفوض والآن عدت إليها كسفير لبلادك؟ سعيد بتعييني سفيراً لبلادي في مصر منذ 5 أشهر وشعرت بأني عدت إلي وطني الثاني استرجع الذكريات وقمت بزيارة محافظة بورسعيد وكذلك مدينة شرم الشيخ لحضور فعاليات منتدي شباب العالم الذي كان جيدا من حيث التنظيم والمناقشات كانت صريحة وكانت فرصة كبيرة للاستماع لصوت الشباب. التعاون الاقتصادي ما هو وضع التعاون الاقتصادي بين البلدين؟ وما هي الآفاق المتوقعة له في المستقبل؟ يعد تعزيز التعاون الاقتصادي أحد المحاور الرئيسية في رؤيتنا لمستقبل العلاقات الثنائية. لطالما كانت مصر واحدة من أهم شركاء الهند التجاريين في القارة الإفريقية. بدأ العمل باتفاقية التجارة الثنائية بين الهند ومصر منذ مارس 1978 وهي تقوم علي مبدأ الدولة الأولي بالرعاية. وشهد حجم التجارة الثنائية بين البلدين نمواً متوالياً خلال الفترة من عام 2005-2006 حتي عام 2012-2013 حيث ارتفع من 1.2 مليار دولار إلي 5.45 مليار دولار وهي أعلي قيمة حققها علي الإطلاق. ومع ذلك، فقد انخفض حجم التجارة نتيجة لعوامل خارجية إلي 4.77 مليار دولار عام 2014 - 2015 وإلي 3.23 مليار دولار عام 2016 - 2017. بينما عاد حجم التجارة للارتفاع مرة أخري خلال عام 2017-2018 ليسجل 3.68 مليار دولار. وأعتقد أن هناك المزيد من الفرص وينبغي علينا أن نعمل علي الاستفادة منها في المستقبل القريب. هل ستشهد الفترة القادمة ضخ استثمارات هندية جديدة؟ يزيد حجم الاستثمارات الهندية في مصر حالياً عن 3.3 مليار دولار، وتشمل مختلف القطاعات التي تعمل فيها أكثر من 50 شركة هندية في مجالات التصنيع والإنشاءات. تعمل الشركات الهندية في قطاعات مختلفة منها الزراعة والملابس ومكونات السيارات والكيماويات والأغذية والسياحة والدهانات والورق والأدوية والبلاستيك ونقل الطاقة والطاقة المتجددة وتجارة التجزئة وغيرها. والجدير بالذكر أن المستثمرين الهنود قد وضعوا ثقتهم في الاقتصاد المصري والفرص التي يمكن أن يوفرها علي المدي الطويل. وخلال الفترة الماضية، كانت هناك العديد من الزيارات التي قامت بها وفود رجال الأعمال في كلا الاتجاهين، أي من الهند إلي مصر وبالعكس. لقد حقق الاقتصاد المصري الاستقرار وانطلق علي مسار النمو. وتعد الهند واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً علي مستوي العالم، وهو الأمر الذي يوفر العديد من الفرص. ومن ثم، فإنني متفائل بشأن آفاق التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية بين الهند ومصر. هل يمكن أن تخبرنا بالمزيد عن المنطقة الاقتصادية الهندية في محور تنمية قناة السويس؟ هناك فرص كبيرة أمام منطقة قناة السويس لتصبح مركزاً عالمياً للأنشطة التجارية والصناعية. وهناك العديد من الشركات الهندية التي تعمل في بورسعيد والإسماعيلية. وتتواصل الشركات الهندية مع مسئولي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. لقد أدركت الشركات الهندية منذ فترة طويلة أهمية منطقة قناة السويس لتوسيع نطاق الاستثمار في المستقبل حتي أن ثلثي الاستثمارات الهندية توجد في هذه المنطقة، ومع ذلك تسعي الهند لتحقيق المزيد، وذلك بإنشاء مجمع صناعي هندي في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يعمل كمركز للابتكار والمنافسة العالمية والتكنولوجيا المتقدمة في مصر للصناعات المختلفة وتوفير الخدمات لها في المستقبل. هل يوجد أي تعاون بين البلدين في مجال الطاقة المتجددة؟ تم استكمال مشروع إضاءة قرية أجعوين بالطاقة الشمسية وتم تسليمه للمحافظة في مارس 2016. ويزود المشروع 40 منزلا ومدرسة ومسجدا ومركزا مجتمعة في القرية بالكهرباء. وتحرص الشركات الهندية علي الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة في مصر. فعلي سبيل المثال تعمل مجموعة شابورجي بالونجي في تنفيذ مشروع حديقة بنبان للطاقة الشمسية بأسوان.. وعلي الجانب الآخر، يمكن تعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة من خلال التحالف الدولي للطاقة الشمسية. ويعتبر التحالف تحالفا للدول الغنية بموارد الطاقة الشمسية لتوفير احتياجاتها من الطاقة وسوف يوفر منصة للتعاون علي علاج الثغرات التي يتم التعرف عليها من خلال منهج مشترك ومتفق عليه. المشروعات الصغيرة والمتوسطة حققت الهند نجاحاً في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كيف تري هذا التقدم وكيف يمكن لمصر أن تحقق نفس النتيجة؟ تسهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ب 45 % من إجمالي الناتج المحلي للهند. ومنذ عقدين من الزمان كان يظهر بين 8 إلي 12 مشروعاً ناشئاً في الهند سنويا أما الآن فيظهر مشروعان ناشئان يومياً في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ومن المتوقع أن يبزغ الاقتصاد الهندي كأحد الاقتصادات الرائدة في العالم ومن المحتمل أن تصبح قيمته 5 تريليونات دولار بحلول عام 2025. ويتم إعطاء دفعة كبيرة لتعزيز العمود الفقري للاقتصاد وهو قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة. إن فهم أهمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من حيث زيادة أعداد الوظائف في سوق العمل والإسهام في إجمالي الناتج المحلي وتعزيز ريادة الأعمال والابتكار، يؤدي إلي نجاح المبادرات التي تقوم بها حكومتنا الحالية. إننا نري أن تبادل الخبرات في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمثل أحد مجالات الأنشطة المهمة بين الهند ومصر. ويمكن تكرار التجربة الهندية مع مراعاة خصوصية مصر ولا يوجد سبب يجعل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر لا يزدهر. وأنا علي دراية بأن الحكومة المصرية تولي هذا القطاع كثيراً من الاهتمام. ماذا عن التعاون بين الهند ومصر فيما يتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب؟ الهند تعارض بشدة الإرهاب بشتي أشكاله وصوره. لقد عانينا بصورة ضخمة من الإرهاب عبر الحدود. وتتطلب مواجهة آفة الإرهاب تضافر الجهود وتنسيقها من قبل المجتمع الدولي وينبغي التعامل معها علي مختلف المستويات. لقد قمنا مراراً وتكراراً بالحث علي عقد مؤتمر شامل حول الإرهاب بدون مزيد من التأخير.. وتلتزم الهند ومصر بالتعاون في مجال محاربة الإرهاب. وأثناء زيارة الرئيس السيسي للهند في عام 2016 واجتماعه برئيس الوزراء الهندي مودي، رحب الزعيمان بتبادل وجهات النظر حول التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب علي مستوي مستشاري الأمن القومي بالإضافة إلي توقيع مذكرة تفاهم بين مجلسي الأمن القومي في البلدين. كما يوجد لدينا أيضا مجموعة عمل حول آلية مكافحة الإرهاب. وتم عقد الاجتماع الثاني لمجموعة العمل في يناير 2018 في القاهرة لدفع التعاون قدما. دورة المهرجان كيف تقيم مهرجان »الهند علي ضفاف النيل»؟ وما الذي تقدمه دورة المهرجان في عام 2019؟ مهرجان الهند علي ضفاف النيل هو مهرجان للاحتفاء بالثقافة الهندية. ويعتبر المهرجان أكبر مهرجان أجنبي يقام في مصر وكان له شرف تقديم فنانين معروفين مثل أستاذ أمجد علي خان وشوبها مودجل وأديتي مانجلاديس من بين الكثير من الفنانين الآخرين. ومنذ بدايته عام 2013 فإن محتوي المهرجان كان ثريا ومتنوعا علي الدوام من خلال المزج بين الفن المعاصر وبين الفنون الكلاسيكية. وقد قوبل المهرجان بترحيب كبير من الجمهور المصري خلال السنوات الماضية. وأنا أدرك أن التوقعات كبيرة بالنسبة للعام القادم أيضا. ومن المقرر عقد مهرجان الهند علي ضفاف النيل في النصف الأول من شهر مارس 2019. ويجري حاليا استكمال الترتيبات الخاصة بالفعاليات. ودعوني أقل في هذه المرحلة إن المهرجان سوف يستعرض ثراء وتنوع الثقافة الهندية والأشكال الفنية وستتم إضافة عناصر جديدة إليه. هل هناك أي احتفالات أخري ستعقد خلال السنوات القادمة؟ تعتبر الثقافة أحد العناصر المهمة في تفاعلنا مع مصر وستظل كذلك في السنوات القادمة أيضا. لقد تم عقد مسابقة لمحات من الهند (مسابقة رسم) للأطفال المصريين. وشارك بها أكثر من 13 ألف طالب من طلبة المدارس. وتستمر الاحتفالات بمرور 150 عاما علي ميلاد غاندي. وتشارك فرق الرقص والموسيقي الهندية في المهرجانات الثقافية التي تنظمها وزارة الثقافة المصرية. لقد حققت الهند تقدماً كبيراً في مجال تكنولوجيا المعلومات. كيف يمكن لمصر أن تستفيد من ذلك؟ هناك مجال لتبادل الخبرات في مجال الحوكمة الإلكترونية والخدمات الإلكترونية والمهارات الرقمية والتطبيقات. كما نعمل أيضا مع جامعة الأزهر علي إنشاء مركز تميز في مجال تكنولوجيا المعلومات. - هل يوجد تعاون في المجال العسكري بين البلدين؟ تميزت العلاقات العسكرية بين البلدين بالاحترام المشترك. وتمثل لجنة الدفاع المشتركة التي تجتمع سنويا أساس التخطيط للأنشطة التعاونية. وتتضمن تلك الأنشطة تبادل التدريبات والتدريب العسكري. ويتضمن تبادل التدريب زيارات قصيرة ودورات طويلة. وفي عام 2017 قامت سفن بحرية من البلدين بتنفيذ مناورات باسيكس وزيارة مواني البلدين. كما حدثت زيادة في الزيارات رفيعة المستوي مع قيام وزير الدفاع في كل من البلدين بزيارة البلد الآخر خلال العام الماضي. وتعكس الزيارات والمشاركة في معارض الدفاع في كلا البلدين وجها آخر من أوجه تعزيز العلاقات واستكشاف مجالات التوريد والإنتاج في مجال الدفاع. وتم تمثيل الهند في معرض إيديكس 2018. مجمع صناعي هندي في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس سيكون مركزًا للابتكار والمنافسة العالمية