مفاجآت عديدة فجرتها قمة الصلب العربي التي عقدت في العاصمة الأردنية عمان خلال الفترة من 5 إلي 6 نوفمبر الحالي وهي ان الحكومات العربية تكاد تكون تركت الصناع كفريسة سهلة لحيتان الغرب رغم ان حجم الاستثمارات العربية في هذا القطاع يتجاوز عشرات المليارات من الدولارات وتلعب دورا اساسيا فيما يخص معدلات النمو والتشغيل .. كواليس المؤتمر اثبتت ان مصر لاعب رئيسي علي المستوي الإقليمي في صناعة الحديد والصلب لما تمتلكه من قاعدة صناعية متطورة قادرة علي تغطية احتياجات السوق المحلية وتوجيه الفائض الي الاسواق الخارجية الا ان الإجراءات الحمائية التي اتخذتها بعض الدول وتشرع في تطبيقها العديد من الدول الغربية قد تضر بالصناعة المصرية والعربية وسوف تسمح بدخول المنتجات الي اسواقنا وتحرمنا من الخروج بمنتجاتنا الي الاسواق العالمية نظرا للرسوم المفروضة علي واردات الصلب. قد تكون القمة العربية للصلب البداية الحقيقية لإقامة شراكة متكاملة بين الدول العربية وهذا ما بادرت به مصر وطرحت رؤي وافكاراً، وقد تكون نهاية لصناعة عربية تأسست منذ عشرات السنين ونجحت في سد احتياجات الدول من منتجات الحديد. الصناع يطالبون الحكومات بسرعة التدخل للمساندة والإنقاذ وعلي الحكومات ان تستجيب لان الحفاظ علي الاستثمارات القائمة وجذب استثمارات جديدة هو البداية الحقيقية لنجاح برامج الاصلاح الاقتصادي التي اقرتها الحكومات. ملفات عديدة ملفات عديدة ناقشها المؤتمر علي مدار يومين كان ابرزها الفائض العالمي من الحديد والصلب الذي يبلغ 450 مليون طن الي أين ستكون قبلته ؟وهل الحكومات العربية اتخذت التدابير اللازمة لحماية الصناع والصناعة من هذا الفائض؟ د. كمال خوري الأمين العام للاتحاد العربي للصلب قال انه علي الرغم مما تشهده بعض بلدان المنطقة العربية من أوضاع غير مستقرة، الا ان صناعة الصلب تشهد نموا وتطورا كبيرا، مؤكدا أن المخاوف الكبري حاليا تتعلق بالسياسات الحمائية التي يشهدها العالم علي واردات الصلب، وأضاف: هناك استثمارات ضخمة في صناعة الصلب العربية ينبغي الحفاظ عليها من خلال التنسيق المكثف بين ممثلي تلك الصناعة والحكومات. واكد طارق الحموري وزير التجارة والصناعة والتموين الأردني علي ضرورة مواجهة العوائق التي قد تؤثر سلبا علي الصناعة وفِي مقدمتها سياسات الحماية. وقال عواد الخالدي رئيس الاتحاد العربي للصلب أن صناعة الصلب في العالم العربي تواجه طموحات وتحديات، وأن أهم تلك التحديات تتمثل في الاعتماد علي المكونات المستوردة من الخارج والتي تتسم بارتفاع التكلفة، وهو ما يستلزم زيادة البحث والتطوير من جانب المصانع العربية. وأوضح جورج متي رئيس قطاع التسويق بمجموعة حديد عز أن التحولات التي تشهدها السوق العالمية تمثل تهديداً مباشراً لصناعة الصلب العربية، حيث تشهد الأسواق فوائض إنتاجية ضخمة خلال الأشهر القليلة الماضية، بعد إجراءات الحماية التي اتخذتها دول أمريكا، وأوروبا، وتركيا،وبعض الدول الاسيوية. 25٪ رسوم حمائية وأضاف أن إجراءات الحماية الدولية في صناعة الصلب انتشرت بعد فرض أمريكا رسوماً حمائية علي الواردات بنسبة 25٪ بدعوي حماية الأمن القومي الأمريكي، وهو الأمر الذي دفع دول الاتحاد الأوروبي إلي فرض رسوم مماثلة، ثم قيام دولة مثل تركيا بفرض رسوم بنسبة 25٪، موضحاً أن هذا الاتجاه أدي إلي غلق الأسواق الرئيسية أمام الواردات، بما يؤدي إلي تحول مجري التجارة العالمية إلي الأسواق المفتوحة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذات الحماية القليلة. وقال إن التقديرات تشير إلي أن الفائض من الإنتاج العالمي نتيجة تلك الرسوم يقدر بنحو 150 مليون طن من منتجات الصلب، وهي الكميات التي تمثل مخاطر كبري لدول المنطقة إذا بدأت تحويل مسارها، وخاصة في ظل وجود فائض عالمي ضخم يبحث عن أسواق تستوعبه.. موضحا أن أمريكا وحدها كانت تستورد 35 مليون طن من منتجات الصلب، وتركيا كانت تستورد 11 مليون طن، بينما الاتحاد الأوروبي كان يستورد 17 مليون طن سنوياً، وهو ما يعني أن تلك الكميات لم تتمكن من دخول أسواق تلك الدول بعد الرسوم المفروضة. تحدي خطير للمصانع وأشار إلي أن المنتجين في الدول المصدرة الكبري اتجهوا إلي تحويل إنتاجهم إلي المنتجات شبه المصنعة مثل البليت والخام من الخردة ، وهو ما يمثل تحدياً خطيراً للمصانع المتكاملة التي لا تستطيع منافسة دول، مثل أوكرانياوتركيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق وهي دول تمتلك طاقات إنتاجية ضخمة ذات ميزات تنافسية قوية، مثل رخص سعر الطاقة الغاز والكهرباء، بالإضافة إلي توافر المواد الخام من خام الحديد والفحم والخردة،لافت الي ان التحولات التي تشهدها السوق العالمية تمثل تهديدا مباشرا لصناعة الصلب العربية والتي اضافت طاقات إنتاجية ضخمة لإحلال الواردات وهو الأمر الذي يستدعي تدخل الحكومات في المنطقة لحماية تلك الصناعة التي استثمرت بقوتها وتلعب الان دورا رئيسيا في النمو الاقتصادي القومي. وقال جمال الجارحي رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات إن المصانع المصرية قادرة علي سد احتياجات السوق المحلية من منتجات الحديد والصلب، موضحاً أن المصانع نجحت في توفير كل الكميات للمشروعات القومية التي تنفذها في مصر حالياً.